الأسيرة الأولى فاطمة برناوي القدس أو الموت بقلم: عيسى قراقع
تاريخ النشر : 2019-08-21
الأسيرة الأولى فاطمة برناوي القدس أو الموت بقلم: عيسى قراقع


الاسيرة الاولى فاطمة برناوي القدس او الموت...

بقلم: عيسى قراقع

القدس ام القديسين والقديسات، من حاراتها العتيقة ومن فجرها انطلقت القديسة الفدائية فاطمة برناوي في عملياتها الفدائية عام 1968 رداً على هزيمة 1967 لتؤكد ان القدس لا تخضع ولا تستسلم للغزاة والمعتدين، اعتقلت فاطمة البرناوي وكانت الاسيرة الفلسطينية الاولى وحكمت بالسجن مؤبدين و10 سنوات وافرج عنها في عام 1978.

خرجت فاطمة من حارة الافارقة في القدس، امرأة مقدسية سمراء لم تحتمل ان تهتز بوابات واسوار القدس ويقتحمها جنود الاحتلال، قالت: القدس عصية على الاحتلال، القدس قنبلة ومسدس وكوفية وانبياء مسلحين، اذا سقطت القدس سقط كل مقدس في الكون، وكانت نبوءة، لتصير فاطمة برناوي هي كل امرأة وفتاة في القدس الان، هي كل النساء المرابطات المدافعات عن عروبة وهوية القدس، يتصدين لقطعان المستوطنين وعصابات الاحتلال، يدافعن عن المسجد والكنيسة وروح المكان.

الاسيرة الاولى التي قاتل والدها في ثورة 1936، لا تغادر البسمة وجهها، القدس تبتسم من خلال هذه المرأة الشجاعة، شجاعة نساء القدس وفتياتها واهلها، ها نحن نراهن يشتبكن بالأيدي والصلاة مع المستوطنين الذين يقتحمون الاقصى وباحاته، رأينهن في اول ايام عيد الاضحى، الصامدات المؤمنات الجريحات المتعبدات الشهيدات الاسيرات، فكانت القدس مدينة القيامة والثورات ومنها بشارة الخلاص.

فاطمة برناوي لا تؤجل الصلاة، لا تختبئ في ملجأ او ترفع راية بيضاء، فاطمة تشعل القدس التي منها انطلقت كلمات الحياة، فالقدس هي انحناء السماء على الارض، تقول فاطمة، هي مدينة الفداء، مدينة فيصل الحسيني وعبد القادر الحسيني وقاسم ابو عكر وعمر القاسم وجمعة اسماعيل وسامر العيساوي وهند الحسيني واحمد مناصرة وعلاء البازيان واسراء الجعابيص ونورهان عواد ومرح بكير وشروق دويات وسمير ابو نعمة وعلي جدة ومحمود جدة وخليل بيدس ووائل القاسم، مدينة الفدائيين والفدائيات والاسرى والشهداء والصامدين في جبل الزيتون والعيسوية وسلوان وصور باهر والمكبر والبلدة القديمة وشعفاط وكل حارة من حاراتها، في كل شارع من شوارعها.

الاسيرة الاولى فاطمة البرناوي زوجة الاسير المرحوم فوزي النمر ابن مدينة عكا، تجدد طاقتها وشبابها بعد هذه السنين الطوال، تتوحد عكا مع القدس فينتفض البحر كما الدم، القدس لا تشيخ، القدس تتصدى ببطولة للهجمات والاعتداءات الاسرائيلية على الاماكن المقدسة، مسيحيون ومسلمون على مصطبة واحدة، هناك دماء في المسجد، المسيح يبكي، عشرات المصابين والمصابات، المئات من المعتقلين خاصة الاطفال، حكومة الاحتلال تشن حرباً على القدس وتعطي غطاء لمنظماتها الصهيونية المتطرفة وعصابات المستوطنين باقتحام المسجد الاقصى المبارك، رصاص وقنابل غاز، قنابل صوت، ضرب وقمع وحصار المصلين، هدم عشرات المنازل، ابعاد المقدسيين عن القدس، شهداء يسقطون في العيسوية والعيزرية وسلوان، اعدامات ميدانية علنية، دماء على وجه القدس، دماء في صلاواتها وترانيمها القدسية، دماء تلطخ وجه القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، القدس تسمو فوق حدودها، تكسر الصمت والتخاذل، فأن سيطروا على جسدها بالمستوطنات والتهويد والقمع والطرد، فلن يسيطروا على روحها القدسية.

الاسيرة الاولى فاطمة برناوي تحفرعلى جدران الزنازين اسم القدس، تغني للقدس مع عائشة عودة ورسمية عودة ومع روحية بكري وربيحة ذياب وفاطمة حلبي، وزكية شموط وابتسام عميرة ولمياء معروق وروضة بصير ومعزوزة شحادة وسميحة خليل وخديجة ابو عرقوب وفاطمة الكردي ورحاب العيساوي وفيولا ساعاتي وايمان ابو خاطر ومع المئات من الاسيرات الاوائل، يوقدن جمرة الثورة خلف القضبان، القدس ترفض الحشر والاختناق، القدس تخرج من الظلمات الى النور، هي بيت الله، القدس تتمرد على السجانين في المسكوبية، فكان احمد مناصرة ومحمد ابو خضير وعزيز عويسات واماني الحشيم وبيان فرعون وعالية عباسي وشفا شلودي، ماهذه القدس التي تحمل روحها وسيادتها وتاجها ومكانتها اينما حلت واينما كانت؟ ما هذه القدس التي لازال اليسوع الناصري يحمل الآم الناس وفي القدس فجر قيامتهم ومنها عرج الرسول الكريم الى السماء؟

الاسيرة الاولى فاطمة برناوي تهتف بعد ثمانين عاماً: القدس او الموت، هي انتفاضة العاصمة ضد البربرية والفاشية الاسرائيلية الذين قتلوا السلام الانساني والعالمي على بوابات القدس، القدس ليست مدينة عادية ككل المدن، هي مدينة الله، مدينة القيامة، محور العالم الروحي، واذا ما تزعزعت صخرة في القدس تزعزعت كل مدن العالم.

الاسيرة الاولى فاطمة برناوي تصرخ: القدس او الموت، فالتحذر كل العواصم، اذا ما غضبت القدس لن تبتسم أي عاصمة اخرى.

الاسيرة الاولى فاطمة برناوي نسمعها داخل سجن الرملة للنساء تغني اشعار الراحل سميح القاسم في ذكرى رحيله: 

واسمك القدس في كل حال وحين

واسمك القدس في السلم والحرب 

والقدس في العسر واليسر والقدس في الخير 

والقدس في البرد والحر 

في وشم ابنائك الراحلين

في خلايا الجنين.