النقطة الرابعة بقلم:جاسم محمد كاظم
تاريخ النشر : 2019-08-20
النقطة الرابعة بقلم:جاسم محمد كاظم


النقطة الرابعة                            قصة  قصيرة 

جاسم محمد كاظم 

   المدى يوحي بترقب أصوت أطلاقات قادمة لم تكن ذات معنى في إدراك المجموعة المتسربلة بلباس محاربين .

تنصت "باسل " إلى جهاز الإرسال ذو الطنين المزعج في ساعات الليل يبدو انه اعتاد إلى ذلك كثيرا بينما تصفح احمد آخر أعداد الجريدة بعنوانها الأحمر :

(مازالت هناك أشياء كثيرة في هذا العالم يجب إزالتها بالحديد والنار)

قراها بصوت هادئ ومن وسط جو السكون انتفض "جاسم" من سباته 

.انه يومي الأخير... وركل السلاح برجله أراد إلقائه في الماء الممتد إلى ما لا نهاية دار وجلس منزعجا أراد أن يحرك ما حوله لكنهم كانوا صامتين

متى يأتي زورق الأرزاق ... سأكون أول المغادرين هذا القصب الساكن في هذه الأهواز البعيدة .

إلى أين.... وتنبه إلى صوت "ساكار" المستلقية على خوذتها والى يمينها ركنت بندقية "دراغونوف" ذات المنظار الليلي وتاهت عليه الإجابة ..

ماذا يقول . جلس وفكر نعم .. هل بقي هناك مكان يضحك فيه شباب مع فتيات . صالات العاب بليارد . منتديات شعر حر أم دمر البرابرة كل شيء .

ظل يفكر لابد أن عصاباتهم  السوداء  داهمت بيته المليئ بالأزهار الملونة وأحرقت مكتبته الثمينة ورموا صحن استلام القنوات الفضائية نحو الشارع . 

ومسك جهاز الراديو الصغير .. اللعنة لا إشارة إرسال غير التشويش والنواح .

"ومن بقي في الإذاعة هرب المغنون والملحنون مع آلاتهم حتى أولئك الذين لا يبصرون طردوهم بلا ضمان" ضحك باسل .

"ماذا يا طفلنا المدلل أتريد شكولاته بالنستله .. سأصنعها لك" تكلمت ساكار مع ضحكات الجميع.

جلس متهالكا واستشعر صغره أمام المجموعة في هذه النقطة النائية .

تمتم في دواخله . . آه أي مكان هذا الذي لا يقاس فيه الزمن بالثواني والساعات بل بأصوات الرصاص وتتحول فيه أرقام الوقت إلى وجوه أشباح ميتة . 

نظر إلى السماء .. كم الساعة الآن .. وأدرك انه لا معنى لسؤاله ماذا سيقولون له .. الواحدة .. وانتابته أنة .. كانت تعني له شيئا أكثر من نفس حياة صاعد حين يتداخل في أذناه  موعد صوت كوكب  الشرق .1

وعاد  ناظرا إلى هيئته الرثة كأنه احد جنود أفلام ألأحراش وردد في نفسه .. لا لا فانا الآن احدهم .

ومد  ببصره إلى ساكار المتأملة .. أي طفل أنا نيف على الأربعين  . مهندسة فاتنة تعلم محارب ملئت  جسده شظايا القنابل  فن الحرب   .

 أي زمن هذا الذي انصهر في سطره جمال الأنوثة مع عضلات محاربين في ساحات وغى ..

وهزه احمد .. أين ذهبت .. أنا لا .

وربت باسل على كتفه كأنه عراف يقرا أفكاره ..

 لا تقلق ستعود كوكب شرقك . وقطعت ساكار ورقة قصب ووضعتها في إحدى فوهات البنادق .. هذه زهرية .. سنقيم حفلة.

لكنها إشارات بيدها بسرعة . انبطحوا . وأطلق احمد دفقه من رشاشه ودوى في الجو صوت انفجارات وتشابك جسد ساكار مع احدهم ضربته بالأخمص مرة وأردفت أخرى خر ساقطا وعم سكون آخر النقطة البعيدة .

ربما كشفونا .. أجاب باسل كونوا متأهبين .. وردد " جهاز الراكال" إشاراته البعيدة .. النقطة الرابعة . النقطة الرابعة  اجب . . 29 .27  .3 ...

حلل باسل الرموز بسرعة .. (ر . أ ) انه الرفيق القائد وأضاف بسرعة . تجهزوا . لقد تجمع الرفاق في نقاط الاقتحام .

مسك جاسم جهاز الراديو الصغير ربما سيردد جملة طال سماعها في شواطئ الأمل (ما احلي يوم الاستقلال والحرية) .
ضحك احمد كثيرا وهو يستمع إلى قصة جاسم الخيالية ومسك جبينه .

ربما أنت محموم  أنا وباسل  وضحك  أكثر وساكار محاربون  وأين في  الأهوار .

رزم آخر أعداد الجريدة . هذه لكم . ومسك جاسم من كتفه وهو يغادر دكانه ويتلاشى وسط حشود الشارع الآسن بالمجاري وعربات الحمير المتداخلة مع أصوات النواح والبكاء الحزين المنبعثة من مكبرات الصوت .

عاد احمد إلى  تفكيره .. ربما لم تكن قصة خيال بعيد وفتح درج مكتبه ونظر إلى سلاحه الشخصي وتداخل في مسامعه أصوات النواح مع ضجة الشارع وهو يعيد فصول قصة حلم عجيب وتمتم في نفسه تلك الجملة :

(وأين هو الاستقلال والحرية)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاسم محمد كاظم
1- كوكب  الشرق  .. أم كلثوم