تأملات وأضغاث أحلام بقلم:نوفل هاشم
تاريخ النشر : 2019-08-19
تأملات وأضغاث أحلام بقلم:نوفل هاشم


واقعنا العراقي المتداخل والذي لا يمكن تفسيره بأي حال من الاحوال نتيجة لكثرة الاستخفاف بعقول الناس من قبل ولاة الامور للحد الذي وصل لتسفيه عقل المتلقي والسامع، تفاصيل كثيرة ومتداخلة في بعضها البعض على الرغم من عدم وجود ترابط بينها، رسمت في مخيلتي لوحات لوهلة اوجست بنفسي اني متأملاً لكنني استفقت فوجدتها اضغاث احلام.
في احداث ستين يوم مضت وان كانت متصلة بوقت سابق لما ذكرنا حدثت بعض الأمور التي اوجبت علينا ان نقف عندها متسائلين ومتخيلين.
في اللوحة الاولى تم استهداف عدد من الضباط يشهد لهم الوسط العسكري المنتمين له بالنزاهة والوطنية والمهنية والولاء للوطن وهذا سيد ماذكر عنهم، قد حوربوا على مواقف تؤكد شهادة العسكري بأنهم كانوا مخلصين لشعبهم وبلدهم، سوف نستشهد هنا بنموذجين ذكرهما يؤكد ان العراق واحد وان تعددت الطوائف والمذاهب.
الاول من اقصى الجنوب وهو الضابط "علي شياع المالكي"، وتهمته ألقاء القبض على معمم إيراني متورط بعمليات تهريب مخدرات، فعوضا عن مكافئته تم سجنه ، وهذا كما اعتقد ويؤمن به العراقيون هو مصير كل وطني غيور يحب بلده ويسعى لأستعادته من الاحتلالين.
ويذكر وحسب الاحصائيات وتصريحات الجهات الامنية المختصة ان البصرة تغرق بالمخدرات القادمة من الجارة ايران بعد شحة مياه الشرب فيها وتكدس السجون بمتعاطي المخدرات وتجارها، لكن العمامة التي اهانها واهان قدسيتها المعمم الايراني عندما جعلها وسيلة لحماية اعماله الاجرامية المنكرة هي من اطاحت بالمالكي وصغرت من حجم العراق وشعبه.
اما نموذجنا الثاني فهو من الغربية وهو الضابط "محمود الفلاحي"، وقضيته بإختصار انه وقف ضد تمدد المليشيات في الانبار وتحديدا كتائب حزب الله، فقد كان العقبة الوحيدة امام مشاريع وخطط تلك الفصائل المسلحة التي تسعى إلى فرض النفوذ على المواطنين وتحويل الانبار إلى نينوى أخرى، وعلى الرغم من اعلان تبرئته الخجول الذي لم يتطرق فيه الى اي إجراء بحق الجهات التي اتهمت الرجل بالخيانة وفبركت له قضية التخابر مع الامريكان.
الغريب في هذه الحادثة ان ابرز الكتل التي شنت الهجوم ضد الفلاحي هي كتلة فتح بزعامة هادي العامري الذي كان جنديا ولا يزال ويعلن ذلك في اكثر من مناسبة ولقاء دون خجل، انه في الحرس الثوري الايراني وكان يقاتل الجيش العراقي ابان الحرب مع ايران ومن يقودهم اليوم هو الجنرال قاسم سليماني، فمن هو الاحرى ان توجه له صفة التخابر ويحاكم؟؟؟
لوحتنا الثانية ظهور عدد من الجثث المجهولة في منطقة جرف الصخر شمال مدينة بابل والتي اختلف الكثير على عددها الحقيقي ولمن تعود؟ في الوقت ذاته اتفقوا جميعا على عدم ذكر جرف الصخر صراحة لحساسية هذا الاسم وعلى مبدأ "اكرام الميت دفنه" لورعهم وايمانهم المنقطع النظير.
هذه الجريمة المؤلمة بفعلتها وانتهاكها لحقوق الانسان والتي من المفترض ان تدرج تحت احد بنود جرائم الحرب والتصفيات العرقية الا انها مضحكة مبكية بإعلانها وتسابق المسؤولين على التعليق عليها وبيان اسباب تواجد هذه الجثث وفي هذه الرقعة الجغرافية تحديدا، وللأمانة الصحفية ان ساسة السنة فقط الذين برز نجمهم في التعليق وكأنها مباراة كرة قدم لفريق خاسر والكل يحاول ان يرمي الخسارة على اسباب واهية كمثال حارس مرمى العراق جلال حسن عندما دخل مرماه اربعة اهداف ، علل ذلك ان الكرة كانت جدا ملساء لا يمكن امساكها بالعامية (تتمزلج)، وهكذا، المهم الساسة السنة اكدوا انها ليست جرائم طائفية بل هي حالات فردية هنا وهناك، كما واتفقوا على تحديد المناطق التي تعود لها الجثث على الرغم من انها مجهولة؟ هنا يطرح السائل سؤالا مهما جدا، كيف حددت مناطق عائدية الجثث وهي مجهولة؟ هنا نقول هذا ما قاله معلم ابو علي الشيباني الذي استعان به ساسة السنة لكشف هذه الجريمة.
وما لم يتفق عليه قادة السنة هو الالاف من مختطفي الرزازة وجرف الصخر وحزام بغداد والصقلاوية وصلاح الدين والموصل والحويجة وكركوك وديالى، وكذلك عدم اتفاقهم على صناديق الطماطم التي ضمت جثث الاطفال المقطعة بحسب اقوال الحاج رعد الشوك دفان هذه الجثث عملا بتوصيات حكومتنا الرشيدة بان إكرام الميت دفنه.
لوحتنا الثالثة والاخيرة وهي للزعيم السني "خميس الخنجر" وظهوره مؤخرا في احد مطاعم الكباب في مدينة الفلوجة تحت عنوان "خميس الخنجر يتجول داخل الفلوجة ويلتقي بالمواطنين ويستمع إلى معاناة مواطني المدينة"، لا اعلم ماهي معاناة المواطن داخل مطعم الكباب وانا وخميس الخنجر من ابناء هذه المدينة ونعلم معاناتها اين وفي اي منطقة، الرئيس هذا اللقب الذي اطلقه الزميل والصديق انور الحمداني على خميس الخنجر بمعانيه وصفاته كان واسعا جدا عليه وخصوصا بعد الفيلم الذي انتشر في العاصمة السويدية وبان مدى ارتباكه لا نقول غيره ، واصبح صاحب الجملة الشهيرة (This picture for me)، لا يملك صفات المنقذ والمصلح المنشودة ، العراق اليوم بحاجة لرجال حزمهم بحزم المصاب.
وسط هذه اللوحات الثلاث تخالطت الاوراق في مخيلتي واستذكرت قوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
صدق الله العظيم