الهان عمر ورشيدة طليب وكشف حقيقة إسرائيل للشعب الأمريكي بقلم:د. كاظم ناصر
تاريخ النشر : 2019-08-19
الهان عمر ورشيدة طليب وكشف حقيقة إسرائيل للشعب الأمريكي بقلم:د. كاظم ناصر


في خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الأمريكية مع الدولة الصهيونية، وتتماشى مع نظامها العنصري العدواني ومع ما طالب به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رفضت إسرائيل السماح لإلهان عمر ورشيدة طليب عضوتا الكونغرس الأمريكي بدخولها، ومنعتهما من إتمام زيارة مقررة لفلسطين، وقالت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حوتوفلي إن إسرائيل " لن تسمح بدخول هؤلاء الذين ينكرون حقنا في الوجود في العالم."
الرئيس الأمريكي قام بدور مهم في المنع؛ فقد اتصل بنتنياهو لحثه على عدم السماح لهن بالدخول، ونشر تغريدة قبل صدور قرار المنع الإسرائيلي بوقت فصير قال فيها " إذا سمحت إسرائيل بزيارة النائبة إلهان عمر والنائبة رشيدة طليب فسيكون هذا مظهر ضعف كبير من جانبها" وأضاف " إنهما تكرهان إسرائيل وجميع الشعب اليهودي ولا يمكن قول أي شيء يغير رأيهما..إنهما عار."
الهان عمر وطليب سبق وقالتا إن هدف الزيارة كان للاطلاع على ما يجري في الأراضي الفلسطينية والاستماع إلى مواقف جميع الأطراف المعنيّة، لكن نتنياهو وترامب صمّما على منعهما من إتمام الزيارة لعدة أسباب أهمها رعب الصهاينة من إمكانية تأثير تصريحات النائبتين على الرأي العام الأمريكي من ناحية، ومن ناحية أخرى الرئيس الأمريكي يحاول مساعدة بنيامين نتنياهو في كسب الانتخابات الاسرائيلية الشهر القادم، ويعوّل على نتنياهوا أن يساعده في النجاح في الانتخابات الرئاسية عام 2020 والبقاء في البيت الأبيض.
لكن يبدو ان الرياح لا تجري كما تمنى نتنياهو وترامب؛ لقد ارتكب الاثنان خطأ فادحا بمنع النائبتين من دخول إسرائيل، وقدّما بذلك خدمة ممتازة للمدافعين عن الحق الفلسطيني في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المتوقع أن تكون للرفض آثارا إيجابية على الفلسطينيين وقضيتهم، وسلبيّة بعيدة المدى على الدعم الشعبي والرسمي الأمريكي لإسرائيل. لقد حرصت إسرائيل منذ قيامها على تضليل الشعب الأمريكي، وبذلت هي وقادة الجالية اليهودية الأمريكية قصارى جهدهم لمنعه من معرفة حقائق الصراع من خلال تحكم كبار الأغنياء اليهود الأمريكيين ببعض وسائل الإعلام الرئيسية، ومن خلال دعم الأعضاء الموالين لإسرائيل في الكونجرس الأمريكي بمجلسيه النواب والشيوخ، وبإقامة علاقات مميزة مع المحافظين والكنيسة الإنجيلية القوية النفوذ في المجتمع الأمريكي.
قرار المنع انتقده بعض قادة اللوبي الصهيوني القوي" أيباك "، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وقادة من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، ودفع السيناتور اليهودي بيرني ساندرز، أحد المرشحين للرئاسة عن الحزب الديموقراطي للقول" فكرة أن أعضاء الكونغرس الأمريكي غير مسموح لهم زيارة بلد يتلقّى منا مليارات الدولارات هي فكرة فاضحة، إذا لم ترغب إسرائيل في زيارتهم لمعرفة ما يجري هناك عن كثب، يجب عليها أيضا أن ترفض مليارات الدولارات التي ندفعها لها"؛ وقال توماس فريدمان في مقال بصحيفة نيويورك تايمز يوم السبت 17 - 8 - 2019 بعنوان " إذا كنت تعتقد أن ترامب يساعد إسرائيل فأنت أحمق" أوضح فيه ان سياسة ترامب المؤيدة لإسرائيل والمجحفة بحق الفلسطينيين ستكون كارثية على الدولة الصهيونية، وستأثر سلبا على مصالح أمريكا ومصداقيتها في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
نتنياهو أسعد صديقه وحليفه ترامب بانصياعه إلى أوامره بمنع النائبتين من الدخول إلى فلسطين المحتلة، لكن هذا القرار قد يسمّم العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ويفتح الباب لفهم حقائق وأبعاد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإدخاله إلى بيوت الشعب الأمريكي، وهذا ما لا تريده إسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية الداعمة لها. إضافة إلى ذلك فإنه من المتوقع أن القرار سيعزّز موقف النائبتين في دائرتيهما الانتخابية، ويزيد من شعبيتهما على مستوى الولايات المتحدة، وقد يساهم في إسقاط ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة!