أصلحك الله يا جيشنا الباسل بقلم: منصور بسيم الذويب
تاريخ النشر : 2019-08-19
اصلحك الله يا جيشنا الباسل
بقلم منصور بسيم الذويب

حاولت ان اسكت ، فلم استطع ، لأن قولة الحق ما تركت لي من صاحب ، ودعونا من تقديس الجيوش والحشود ، التي ما إن انتقدها منتقد ، إلا صال وجال عليه المُقَدِّسونَ وحملوا عليه بلا رحمة ولا موضوعية ، فقد كان هذا الجيش عظيماً حينما كان الضابط يعين جنوده ويحدب عليهم كما الوالد والوالدة على ابنائهم ، وكان عظيماً حين كان الضابط يقتطع من راتبه للضعفاء من جنوده ليعينهم على معاشهم ومعاش اسرهم ، وكان عظيماً حين كان يرسل الجندي برقية إلى آمر فوجه حين تمتع الأول بإجازة ، يطلب فيها تمديد إجازته الدورية ، لأن والدته مريضة ويريد تطبيبها ، فيسارع آمر الفوج ويغادر قمة الجبل التي يزيد ارتفاعها على الفي متر ، وينزل إلى بريد المدينة ليرسل لجنديه برقية جوابية يدفع كلفتها من جيبه الخاص ، ويقول فيها : (منحناك إجازة إضافية امدها كذا يوم) وكان هذا الجيش عظيماً حينما كان الضابط يدخر من راتبه الشهري ، فيشتري ارضاً ويمكث سنوات حتى يتمكن من بنائها اعتماداً على راتبه فقط ، وكان هذا الجيش عظيماً حينما يُجرح الجندي في ارض المعركة ولا يجد مُسعفاً من اقرانه إلا آمر وحدته الذي يسارع إلى نجدته ويحاول إخلاءه ، إلا ان الآمر هذا يستشهد لأنه صاحب شرف ومروءة وضمير حي ، وكان هذا الجيش عظيماً حين كان خال قائد الفرقة يزوره في مقر قيادة فرقته لضرورة ملجئة ، وحين ينهي الخال زيارته ، يتصل القائد بشركة سيارات الأجرة لترسل له سيارة اجرة تنقله إلى المدينة ، يدفع هذا القائد اجرتها من جيبه الخاص ، وسط دهشة بعض الضباط من صغار السن لهذا التصرف ، فيقال له : سيدي . لديك عشرات السيارات ، كان من الممكن ان توصل خالك بواحدة منها ، لماذا سيارة الأجرة ؟ فيجيبهم قائدهم : يا ابنائي هذه آليات الفرقة والدولة ، سائقها يتقاضى راتبه من الدولة وكلفة استهلاكها على الدولة ، وثمن الوقود الذي تستهلكه على الدولة ، فهل من العدل والحق ان اسخرها لخدماتي وخدمات اهلي واقربائي ؟ هذا الذي اسوقه حقيقة حصلت في العهد الملكي ، لها شواهدها ورجالها وليس من تصوراتي وخيالاتي . أما ما عشته في وسط زحمة الحروب والمعارك التي احاقت بنا ، فكان الضباط يسوقون الجنود كما تُساق الأغنام ، وكانوا يحرمونهم من الكثير من ارزاقهم التي لا اعلم لمن يدخرونها ، بل حتى البدلات العسكرية ، كان بعض الضباط يحرمون الجنود منها ، وكان البعض منهم يرفض التوقيع حتى على ورقة العيادة الطبية للجندي المريض ، إلا بعد ان يقبض المعلوم .. أما الضابط الذي كان يروم بناء بيت له ، فلم يكن بحاجة إلى استئجار عمال بناء ، بل كان يسخر جنوده لمصلحته الخاصة ، فيحلوا محل العمال بالمجان ، فكان الضابط اميراً او ملكاً متوجاً على هؤلاء الجنود المغلوبين ، وكلكم عايشتم ذلك وعلمتموه .. فليس ادل على ذلك من القصور التي بناها ضباط اليوم بعد 2003 بالسخرة ، او بسرقة رواتب الجنود الفضائيين من خزينة دولة هذا الشعب ، فهل يستحق هؤلاء التمجيد والتقديس ؟ اوليس التقديس لرجال هذا الجيش ، أم اننا نقدس الأسلحة والجمادات والمباني المملوكة لهذا الجيش ، فهل يستحق هؤلاء هذا التمجيد والتقديس ، وشتان ما بين جيش وجيش ، شتان ما بين الجيش حتى 1958 وقليلاً من الستينيات وبين جيش فرَّط بالأمانة ولم يصنها ، مع وجود نسبة من الشرفاء والأمناء في كل العهود ، نحييهم ولا ننسى بطولاتهم ولا اعمالهم العظيمة . ورغم ما تقدم من كلامي فأنا مع جيش واحد ولاءه لله وللوطن ، ولا مع مليشيات تخلق لنا مراكز قوى متعددة ، يُشتت بها الشعب ، فتذهب كل جماعة تتبع اهواء قادتها ، فتحل المنازعات ويتمكن الشقاق ويضيع الوطن .