ثورة الجد والحفيد بقلم:محسن عوض الله
تاريخ النشر : 2019-08-18
فى السادس عشر من أغسطس 2019 يحتفل الحزب الديمقراطي الكردستاني بالذكري الـ 73 لتأسيسه على يد الزعيم الكردي الخالد مصطفي البارزاني الذى أسس الحزب هو ومجموعة من رفاقه فى مثل هذا اليوم من عام 1946.
بدأ الحزب تحت إسم الحزب الديمقراطي الكردي قبل أن يتم تغيير إسمه فى المؤتمر الثالث الذى عقد بمدينة كركوك أوائل الخمسينات ليصبح الحزب الديمقراطي الكردستاني.
73 عاما مرت على تأسيس الحزب ومازال محافظا على مكانته فى قيادة الحركة الكردية باعتباره أول وأكبر الأحزاب التى رفعت راية لم الشمل الكردي والبحث عن الحقوق الكردية.
بدأ الحزب مسيرته بانتخاب الزعيم الخالد مصطفي البارزاني رئيسا له ليقود مسيرة الحزب الوليد فى مرحلة حساسة وحاسمة فى التاريخ الكردى، حيث تعالت فى تلك الفترة النعرة القومية خاصة بعد تفاقية سايكس بيكو التى اعادت رسم خريطة الشرق الأوسط بعد سقوط الخلافة العثمانية.
يمتلىء تاريخ الحزب منذ نشاته بصفحات من النضال السياسي والعسكري، سواء فى عهد مؤسس الحزب وزعيمه الأول الملا مصطفي البارزاني أو السيد مسعود نجل الملا برزاني الذى تولى قيادة الحزب بعد رحيل مؤسسه، كما تولى رئاسة إقليم كردستان بعد سقوط نظام البعث ومنح الحكم الذاتي للإقليم فى الدستور العراقي.
ومن السيد مسعود إنتقلت قيادة إقليم كردستان إلى جيل الأحفاد حيث تولى السيد نيجرفان بارزاني حفيد الزعيم مصطفي بارزاني رئاسة الإقليم كردستان، كما تولى ابن عمه مسرور مسعود بارزاني رئاسة الوزراء.
مع تولى السيد نيجرفان بارزاني رئاسة كردستان دخل الإقليم مرحلة مفصلية فى تاريخه، حيث قاد رئيس الإقليم ثورة سياسية وأخلاقية وليست عسكرية كما كان يفعل جده المؤسس، ثورة ربما تفوق فى قوتها وتأثيرها قوة كل الثورات المسلحة.
ثورة نيجرفان كانت موجهة ضد الشرق الأوسط بأكمله، ثورة تجاوزت حدود العراق، ثورة فى النظم السياسية وفن قبول الأخر تلك الافة التى عانت منها دول الشرق الأوسط على مدار عقود، من كردستان أطلق نيجرفان استراتيجيته السياسية الجديدة على الشرق الأوسط، استراتيجية التعايش والمواطنة.
استراتيجية مثلت نقطة تحول فى تاريخ كردستان، فالإقليم الذى كان يوصف دوما بأنه أرض الكرد تحول لواحة تعايش بين كل المكونات، بصورة أصبح معها العرب جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي بكردستان، نفس الأمر بالنسبة لبقية المكونات العرقية مثل السريان والأرمن والتركمان، كما أصبح الإقليم يضم مختلف المكونات الدينية، فالأيزيديين ينعمون فى معبد لالش بسنجار، والمسلمون يؤدون عبادتهم بحرية، والمسيحيون يحتفلون بأكبر كنيسة بأربيل، السنة والشيعة والمندائيون، الجميع يعبد ربا واحدا على أرض واحدة تحت قيادة واحدة.
عاش الزعيم الخالد مصطفي البارزاني ثائرا ومناضلا من أجل حقوق الشعب الكردي ورحل دون أن يحقق حلمه، ولوعاد للدنيا لكانت فرحته لا توصف بما وصل له إقليم كردستان من نهضة وتقدم على يد حفيده السيد نيجرفان بارزاني الذى واصل نضال جده ولكن بطريقته الخاصة، أشعل ثورة انتصرت دون قطرة دماء، ثورة أعادت للكرد حقوقهم ومنحت بقية المكونات حق الحياة، ثورة أعادت للشرق الأوسط الأمل فى غد مشرق لا يعرف المذهبية ولا العصبية ، ثورة تعايش وتأخي ومحبة قادها نيجرفان بارزاني بكردستان وكلنا أمل أن تنتقل عدوى تلك الثورة لبقية شعوب الشرق الأوسط فما أحوجنا لهذا النوع من الثورات البيضاء.