رنا صالح في قصيدة "تراتيل عشق" بقلم:رائد الحواري
تاريخ النشر : 2019-08-18
رنا صالح في قصيدة  "تراتيل عشق" بقلم:رائد الحواري


رنا صالح في قصيدة
"تراتيل عشق"
عنوان القصيدة يحمل شيء من (القدسية) تراتيل، وهذا يقدمنا من الشكل الذي جاءت به، فهي تبدأ بتمجيد الحبيب:
"يا من هواهُ دواءُ صدري المُتلفِ
وبضمِّهِ دقاتُ قلبي تحتفي"
فاتحة القصيدة منسجمة مع العنوان، لهذا نجد الشاعرة تشرك نفسها في تمجيد الحبيب "يا من هواه دواء صدري/دقات قلبي" فصيغة المنادى "يا من" تؤكد على المكانة الرفيعة التي يتواجد فيها الحبيب، وتؤكد على أنه أكثر/أعلى مما هو بشري، وقد اعطتنا الشاعرة مكانين في الجسد "الصدر والقلب" كدلالة على المكانة التي يوجد في "يا من" والشاعرة لا تكتفي بالصدر والقلب، بل تستخدم "بضمه" كتأكيد على حرص الشاعرة عليه، وهذا ما يجعل العنوان والفاتحة والألفاظ منسجمة.
"وجدي على أعتابهِ مٌتقلِّبٌ
ما بينَ نارِ تعطُّفٍ وتعفُّفِ"
نتفاجأ بلفظ قاسي "متقلب، نار" وكأن هناك خلل أصاب القصيدة، فتحولت من التمجيد إلى الحديث عن القسوة، ورغم هذا (الخلل) إلا أن الشاعرة تبقى محافظة على وحدة الموضوع من خلال حضورها في الحدث "وجدي".
"كم مرّة أوقفتُ ساعاتِ الجوى
من بعد ما أدركتُ هولَ الموقفِ"
استخدام صيغة الماضي "أوقفت، أدركت" يشير إلى (حصرة) الشاعرة على ما كان/ما حدث، لهذا نجد الفاظ قاسة "أوقفت، هول" وهذا ما يجعل البيت منسجم في صيغة الافعال والألفاظ المستخدمة والمعنى، وبطبيعة الحال صيغة السؤال تستوقف المتلقي وتشده إلى القصيدة، ليتابع ما أُريد منه، خاصة بعد أن تحول "التراتيل"/التمجيد إلى عتب، وهذا التحول يعتبر خروج على العنوان وفاتحة القصيدة.
"كم مرّة أطفأتُ نار صبابتي
والحبُّ يوقدُ حيرتي لا ينطفي"
صيغة سؤال جديدة "كم"، والفاظ قاسية "أطفأت، نار، يوقد، حريتي، لا، ينطفئ، لكن يستوقفنا فعل الماضي "أطفأت" والمضارع "يوقد"، وكأن هناك حالة (أمل) موازية لحالة الحصرة السابقة، لهذا جاء فعل "يوقد" بصيغة المضارع رغم ما يحمله من قسوة.
"كم مرّة صفَّدتٌ شيطان الهوى
لكنّه عن غيِّه لم يكفُفِ"
تتقدم الشاعرة أكثر من القسوة والسواد "صفدت، شيطان، غيه، لم" وإذا ما توقفنا عند "صفدت شيطان" وتمجيد الحبيب ـ الأعلى مما هو بشري ـ نجد أن هناك رابط بينهما، لأن فعل "صفدت شيطان" بحاجة إلى قدرات أعلى من البشر،
"يامن هواه يعودُني مٌتلطِّفاً
والعودُ يحمدُ دونَ عذرِ مُسَوِّفِ"
ها هي الشاعرة تتقدم من جديد فتمجد الحبيب، متخلية عن (هفوة) العتب التي استخدمتها في السابق، ومن هنا انعكس التمجيد على الألفاظ المستخدمة فجاءت بصيغة المضارع "يعودني، يحمد"، وبألفاظ بيضاء "واه، متلطفا، يحمد، عذر"، ونجد حضور الشاعرة في المقطع من خلال "يعودني".
"قدرُ المحبِّ ثمالةٌ من قطرةٍ
والذنبُ مغفورٌ لطولِ تلهفِ
أحوالهُ عند القضاءِ شرائعٌ
ولغيرهِ مسنونةٌ بتعسُّفِ
"
يبدو أن هناك (صوت) جديد يختلف عن التمجيد وعن العتب، وكأن المتكلم هو المُمجد ـ الأعلى من البشرـ لهذا جاء اقرب إلى حكمة، قول بليغ، كامل ومطلق. وإذا ما توقفنا صيغة المتكلم الأنا، لا نجد حضور للشاعرة، فمناجاتها/عتبها يُرد عليها من قبل الحبيب.
"ويقيمُ في وحي الهُيام ِ فرائضاً
والله يعلمُ بالقلوبِ وما خفي


متوحِّدٌ في ذاته بحبيبه
متكاملٌ في عشقهِ المتصوفِ

متلوِّعٌ يمشي إلى قُدّاسهِ
وكتابهُ مُتواتَرٌ بتصرُّفِ"
إذن تختفي الشاعرة كليا من المشهد وتترك الكلام للحبيب، وهذا ما يجعل القصيدة مكونة من صوتين، صوت الشاعرة "التمجيد والعتب، وصوت الحبيب/المُمجد الذي جاء أقرب إلى الحكم والقول البليغ الكامل، وإذا ما توقفنا عند الأبيات الخمسة الأخيرة، نجد فيها ألفاظ (دينية) "قدر، الذنب مغفور، والله يعلم، وما خفى، القضاء شرائع، وحي، فرائضا، متوحد، المتصوف، قدسية، كتابه متوار" وهذا ما يجعل وحدة القصيدة متكاملة ومنسجمة مع العنوان "تراتيل عاشق، فقد بدأتها العاشقة وناجت الحبيب/المقدس، وتم الرد عليها وبلغة مغايرة للغة الأولى، وهذا ما يحسب للشاعرة "رنا صالح"
القصيدة منشورة على صفحة الشاعرة

"تراتيلُ عاشق
يا من هواهُ دواءُ صدري المُتلفِ
وبضمِّهِ دقاتُ قلبي تحتفي

وجدي على أعتابهِ مٌتقلِّبٌ
ما بينَ نارِ تعطُّفٍ وتعفُّفِ

كم مرّة أوقفتُ ساعاتِ الجوى
من بعد ما أدركتُ هولَ الموقفِ

كم مرّة أطفأتُ نار صبابتي
والحبُّ يوقدُ حيرتي لا ينطفي

كم مرّة صفَّدتٌ شيطان الهوى
لكنّه عن غيِّه لم يكفُفِ

يامن هواه يعودُني مٌتلطِّفاً
والعودُ يحمدُ دونَ عذرِ مُسَوِّفِ

قدرُ المحبِّ ثمالةٌ من قطرةٍ
والذنبُ مغفورٌ لطولِ تلهفِ

أحوالهُ عند القضاءِ شرائعٌ
ولغيرهِ مسنونةٌ بتعسُّفِ

ويقيمُ في وحي الهُيام ِ فرائضاً
والله يعلمُ بالقلوبِ وما خفي

متوحِّدٌ في ذاته بحبيبه
متكاملٌ في عشقهِ المتصوفِ

متلوِّعٌ يمشي إلى قُدّاسهِ
وكتابهُ مُتواتَرٌ بتصرُّفِ