مقنطفات من كتاب "الفِكرُ مُهَرْوِلاً" لـ ناجي نعمان
تاريخ النشر : 2019-08-15
مقنطفات من كتاب "الفِكرُ مُهَرْوِلاً" لـ ناجي نعمان


كتابُه الحادي عشر في سلسلة "حياةٌ أدبًا":

ناجي نعمان و"الفِكرُ مُهَرْوِلاً"

صدر عن مؤسَّسة الثَّقافة بالمجَّان كتابٌ جديدٌ للأديب ناجي نعمان، هو الخامسُ والثَّمانون في مسيرته الكتابيَّة، والحادي عَشَر في سلسلة "حياةٌ أدبًا". يحملُ الكتابُ عنوانَ "الفِكر مُهَروِلاً"، وتزيِّنُ غلافَه لوحةٌ بريشة الفنَّان التشكيليّ حسن جوني. وهو يقعُ في 256 صفحة من الحجم الوسط، ويتضمَّن 562 عنوانًا في الحِكمَة والخاطِرَة والقصَّة القصيرة جدًّا، ، مُعظمُها بالعربيَّة، ونادرُها بالفرنسيَّة والإنكليزيَّة. ولا تَبويبَ للعناوين، بل تتوزَّعُ، بحَسَب تواريخها، على "الهَرولات الأولى: غيابُ عام..." (2016)، بواقع 76 عنوانًا، والهَرولات الثَّانية: "... وطُلوعُ آخَر" (2017)، بواقع مِئَتَي عنوان، و"الهَروَلات الثَّالثة: ... وعامًا في إثر عام" (2018)، بواقع 286 عنوانًا. والكتابُ هو الأوَّلُ مِن خُماسيَّةِ كُتُبٍ للمُؤلِّف تصدُرُ في الذِّكرى الخَمسين لِمِشواره مع القَلَمِ والأَلَم (1969-2019)، والذِّكرى الأربعين لتأسيس دار نَعمان للثَّقافة (1979-2019)، والذِّكرى الخامسة والعِشرين لرَحيل والده الأديب والشَّاعِر مِتري نَعمان (1994-2019).

***

وجاءَ في مقدِّمة الكتاب للدكتور إميل كبا، وهي بعُنوان "أنتَ .. بما هَرْوَلتَ":

"قرأتُكَ، ناجي، في "ألفِكرُ مُهَرْوِلاً" فاقتربتُ أكثرَ من ذاتي، رائِيًا فيك، أنتَ المُفكِّرَ، كأنَّكَ شَبَهي متأمِّلاً ذاتَك. ولِمَ لا؟ أوَلَسنا جميعًا، في حقيقةِ كِياننا وهَيولانا التَّائِقَةِ إلى التَّشكُّل، أحداثًا تتشابهُ كمِثلِ يافِعينَ فوقَ حَوافَّ ودِكاكِ فُضول، أو مُتسلِّقينَ أغصانَ الأشجار ليُعاينوا مواكبَ الأحياءِ في وَداعهم الأمواتَ وفلولَ العناصر؟!

"بلى.. يا أخي، ما نحنُ في واقع مُثولِنا أمام مرآةِ الحياة إلاَّ النظَّارةُ بمزيجِ دهشةٍ مِن قِبلنا ممَّا نُبصر، ولامبالاةِ المرآةِ نفسِها بما يَرتسمُ فيها من سُلوكيَّاتٍ وخطَرات.

"وهو "ألفِكرُ مُهَروِلاً"، كتابُك عندي في مقاربةٍ أولى: عَبَثٌ في حدِّه الأَدنى، كحصًى تُغمِّسُهُ في إبريزِ مِدادِك فيجِدُّ ويتذهَّب، وثُمالةُ عُمرٍ تُعَلُّها حتَّى ما "تُبقي في الكأسِ شَيَّا"، وما يَنْجو مِن "شَرِّ لسانِك" الطُّوباويِّ، في صَحْوةِ خُمارِهِ على الدُّنيا، ولو نأْمةٌ مِن حَسَفِ حذاءٍ في مكانٍ من أقاصي الأرض، أو تزاحمُ فِكَرٍ ومَرئِيَّاتٍ تتسابقُ إليكَ في أَدانيها.

"وأُسجِّلُ لكَ، بالفِكرِ المُهَروِلِ أيضًا، بعضَ ما طَفا على صفحةِ ذائِقتي إبَّانَ خَوضي غُمارَك، وما أسترسلُ كثيرًا:

- فأنتَ، بما فَعلْتَ، أوَّلاً.. عينٌ نَهِمَةٌ، تَلوصُ مِن ثَقْبٍ في جدارِ العُمر ما يَجري وراءَه، وتَستزيدُ كلَّما أَمعنَتْ وما تقنَع. أتُراكَ.. بعدُ بهذه الإدامةِ الطِّفلَ الَّذي كُنْتُه أنا ذاتَ أسرٍ وضيق – وتلك نِعمةٌ – إقبالاً على الدُّنيا مِن سُبُلِها المُعوَجَّة لِنُلِمَّ بما يحدُثُ في ظَهرانَيْها، ونفرحَ إذْ نَقتحمُها اقْتحاما، آخذِينها غِلابا؟!

- ثُمَّ أنتَ، بما فَعلْتَ.. ذاكرةٌ شَرِهةٌ تَستأثرُ بكلِّ ما يَمرُّ في بالِها، ما تُسقِطُ منه ولو مِقدارَ ذَرَّة. وإذا الأشياءُ كلُّها، أَجوَدُها الفاخرُ وأحقرُها التَّافه، لدورانٍ في مَدارِك، تلتقِطُ أصداءَها من أثرِها في نفسِك، وتُبقيها يَتردَّدُ جَرْسُها لوقتٍ فيَسمعُها قارئُك، تمامًا كحالِك معه إذْ تُعاينُ لهُ وعنهُ ذكرياتٍ مصوَّرةً و"سلايْدات" في آلة؛

- وأنتَ، بما فَعلْتَ.. سِفْرُ ذاتِك وتأريخٌ لبعض حياتِك، وكأنَّك.. بالتَّوازي معَ ما لم تَعِشْهُ بالنَّفَس واللحمِ، تُحاولُ أن تَصطنعَهُ بالافتِراضيِّ الَّذي لا يَزول، حروفًا تَحفِرُ أصواتَها في السَّمْعِ وما تَتلاشى، وصُورًا تُخَزَّنُ طَيَّ المَشاعرِ وما تَبوخُ، وبِذا.. يَبلغُ الْتِذاذُكَ مَداه إذْ تكونُ قد عِشتَ العُمرَ مرَّتَين؛

- وأنتَ، بما فَعلْتَ.. أبَنْتَ، حقًّا، كم لعبَثٍ أنت، حتَّى لتَتساوى أمام ناظِرَيك وتقديرِك شؤونُ الدُّنيا بأسرها. فأعاليها والأسافِلُ إلى تَعادلٍ بالمَقام، فيَفرحُ قارئُكَ بلُقيا دُرَّةٍ في كنيفٍ أو في طريقِه إلى مِرحاض، وما يُفجَأُ بأنْ يطَأَ بِرازَ مُتَغَوِّطٍ في صومعةِ فيلسوف، وهذا.. لَعَمْري، أَثرُ حِدادٍ مُستَدامٍ مِن العقلِ في مسيرةِ عُمرِك، بل تَشاؤمٍ أُصرُّ على نَعتِه بالأبيض لا الأسود، ما دامَ يَعكِسُ بحقٍّ حقيقةَ الحياةِ العَصِيَّةِ على الأَفْهام، هازِئَةً مِن هَلْوَساتِ السَّفسطائِيِّين وتخرُّصاتِ الجَهَلةِ المُتفَلسِفين؛

- وأنتَ، بما فَعلْتَ.. تُؤكِّدُ انتِماءَكَ إلى نهجِ البُسطاء كما الزُّهَّاد، بعَفْوِيَّةٍ إلى ما بعدُ، وتِلقائيَّةٍ أحيانًا إلى أقصى حَدّ، فأراكَ هنا، كما مع كلِّ صَنيعٍ لكَ أعرفُهُ، قلبُكَ على أسَلةِ لسانِك، والكلامُ في لَهاتِك لا يَتغوَّرُ عميقًا في وِجدانِك، وإنَّ في ذلك لَخَلَّةً مُثلى وحتَّى ما يَحتاجُ عارِفُك إلى كبير عناءٍ ليأمَنَ جانِبُه؛ عَفْويَّةٌ وتِلقائيَّةٌ أخشى ألاَّ تُفْهَما في "ألفِكرُ مُهَروِلاً" فتُعزَيا إلى سطحيَّةٍ في الأحكام أو ضَحالةٍ في تقدير الظَّواهر، وصوابُهما عندي.. أنَّك بهما كأنَّكَ تُرجِئُ وِقفةَ التَّأَمُّلِ والتَّفَكُّر، مُؤثِرًا مُتعَةَ الهَروَلَةِ مُتَحَرِّرَةً مِن أصفاد التَّبَعِيَّة والتَّحَفُّظ؛

- وأنتَ، بما فَعلْتَ.. لي عَتَبٌ عليك ولا ملامة. فأسألُك.. ما دُمْتَ لنفسِك ولتاريخِك، والعابثَ الهازئَ في مُشاهداتِك، والعينَ النَّهمةَ الَّتي تلوصُ العالمَ والنَّاسَ مِن ثَقْبِ الفُضول ولا تشبع، أسألُك: أهوَ حَذَرُكَ المِلحاحُ مِن ألاَّ تُفْهمَ فتعمدَ:

* إلى الإكثارِ من التَّرداد بأفانينَ متنوِّعةٍ مِن الكلام، مفاعيلَ بعدَ ضمائرها، وجُملاً مُستعادةً في إثرِ إِطالة، وحروفًا للجرِّ تتجاوَرُ لِغَير فصاحةٍ في التَّعبير، وسوى ذلك كثير ممَّا لا يُحصيه اسْتذكار؟

* وإلى التَّوَكُّؤ على قوالبِ العاميَّةِ ومُشتقَّاتِها، وقتَ أنتَ مالكٌ الفُصحى إلى بعيدٍ، خصوصًا ما تتقصَّدُ نحتَه من الألفاظِ نحتًا يَستدعي التَّمهُّلَ عندَ قراءتِه لتَعذُّرِ اسْتساغةِ نُطْقِه في العربيَّةِ؟

"وأقولُ لكَ، معَ ذلك، لا بأس. فهذه الهَنَاتُ عندي بمثابةِ شامةٍ فوقَ الجسدِ البَضّ، ولعلَّها العِرقُ الأسودُ الضُّرورةُ في قَوامِ الرُّخام.

***

"وماذا بعدُ، أيُّها الأخُ الحبيبُ والصَّديقُ الأَوفى، مَنْ لكِتابهِ واقعُ الدُّنيا ونَبْضُ الأعمار، عليلاً ومُعافى؟! ماذا!..

"إنَّ ما هَروَلْتَ به، يا ناجي، لَوزنةٌ أُخرى تُضيفُها إلى وزناتِك الكثيرة، بل سَجدةُ تَعَبُّدٍ لإيقونَةِ الحياة، تَسْتَشْفِعُها عند ربِّكَ ليَرأفَ – واذْكُرْني معك – فما يَسْهى عن أنَّا لَم نَمُرَّ في هذا الوجود حدثَينِ أَجوَفين تافهَين بلا معنى، بل حاولْنا جهدَنا، أنتَ وأنا، بالكتابةِ الَّتي هي صِنْوُ الخَلْق ِ بَدْعِ الله، أنْ نَمحَضَهُ، هذا الوجودَ، أشرَفَ المعاني بلا مُقابل، وحتَّى بلا انتِظارِ عِرفان.

"وأعجَبُ في الخِتام، وأظنُّكَ على الغِرار عَينِه، إذْ نسمَعُ في حضارةِ الرَّقم والوزنِ والمِشرَطِ والحاسوب الَّتي نَحيا، وبفَمِ عصرِنا الحديديِّ الكافِر هذا، مَنْ يسأل: وما حاجةُ الأرضِ بعدُ إلى أدبائِها وفنَّانيها وهي في طريقها إلى نَعيم؟!

"أعَزَّكَ الله يا ناجي، وصَبَّرنا على بَلوى تَهميشِنا في بلادِنا، ودُمْتَ لأخيك".

***



مُنتَخَبات:


ذا الشَّارع

ذا الشَّارعُ سأََشْتاقُهُ، أَتُراهُ سيَشْتاقُني؟

لا تَتَوَهَّمَنَّ، يُجيبُ الرَّجْعُ، شارعُكَ كوَطنِكَ وعالَمِكَ وكَوْنِك، تَسْتَأْجِرُهُ، ويَسْتَأْجِرُهُ غيرُكَ بَعْدَك. قد تَشْتاقُهُ، لكنَّه، بالتَّأكيدِ، لَن يَشْتاقَكَ!

قَبْل

قَبْلَ أتون وأمون، وبعدَهما، وبالتِّجارةِ بهما وبِسِواهما، كَم مِن بَشَرٍ زالوا، ويَزولون! فماذا نَنتَظِرُ للبَحث عن سُبُلِ خلاصٍ بعيدةٍ عن الإلغائِيَّةِ والخِتاميَّة، قريبةٍ مِن الإنسانِ وهَنائِه؟


ذِكْر

بينَ ذِكْرِ اللهِ وذِكْرِ اللهِ، في كلامِه، يَذْكُرُ اللهَ. وأمَّا عندَ الفِعْلِ، فيَضَعُ الضَّميرَ، واللهَ معَه، جانبًا، ويُقْدِمُ في جَشَعٍ ولاإنسانيَّة!


كَلام

طالَما ثَمَّةَ بَحثٌ في الحياة المُشتَرَكَة، فلا حياةَ مُشتَرَكَةً!


قَحْل

بُنَيَّ، حيثُ تَجِدُ القَحْلَ، في أرضٍ، في شَعبٍ، في ثقافةٍ، ارْحَلْ! حيثُ تَجِدُ رَجلاً يَمْشي شِبْهَ عارٍ، وامرأةً تَسيرُ خَلفَه لا تُرَى لها بَشَرَةٌ، ارْحَلْ! حيثُ لا تَنْفَكُّ تَسْمَعُ جِدالاتٍ تافِهَةً في الدِّين والسِّياسة، ارْحَلْ! حيثُ لا تَسْمَعُ موسيقى، مِن طبيعةٍ، مِن وَتَرٍ، ولا تَشْهَدُ فنًّا راقِيًا، ارْحَلْ! حيثُ لا فِكرَ نَيِّرًا مُنْفَتِحًا، ارْحَلْ!


مَشروع

ألتَّعميمُ، أيُّ تَعميمٍ، مَشروعُ "عُنصُريَّةٍ" هو، فلا تَضَعْ شَخصَين اثنَين، ولا حتَّى بَيضَتَين اثنتَين، في سَلَّةٍ واحدة!


أُمنِيَة

أُمنِيَتي، منذُ خَمسٍ وثلاثين: زَيتٌ في مِزْيَتَة، ومِلحٌ في مَمْلَحَة، وبَهارٌ في "مَبْهَرَة"؛ وقد تَحَقَّقَتْ مُؤخَّرًا، والحَمدُ لله! وأمَّا أُمنِيَتي لخَمسٍ وثلاثينَ إلى قُدومٍ فإعادةُ مَلْءِ الآنِيَةِ المَذكورَةِ بالمَوادِّ أعلاه!


مَزْج

لَطالَما آثَرْتُ، في كِتاباتي، المَعنى الصَّحيحَ على الجَماليَّةِ المُضَلِّلَة. وأمَّا مَزْجُ الاثنَين فعَظيم!


لَعِب

طِفلاً، لُعِّبْتُ؛ فَتًى لَعِبْتُ؛ شابًّا لَعَّبْتُ؛ كَهْلاً تَلاعَبْتُ؛ شَيْخًا تُلُوعِبْتُ، وأَدرَكْتُ، أخيرًا، أنْ إنَّما الحياةُ لُعبَةُ طُفولةٍ، فلِمَ لا نَلْعَبُها الحياةَ طُفولةً؟!

أطيَب

ألأمورُ أطيَبُها ماءٌ عِندَ عَطَش، كِسْرَةٌ عِندَ جوع، شَمسٌ عِندَ بَرْد، نَسْمَةٌ عِندَ حَرّ، ضَمَّةٌ عِندَ حُزن، حُبٌّ عِندَ يَأس، مَوْتٌ لِتَذَوُّق ِ الأطيَب!


... وقَد

أمَّا وقَد "قارَبْتَ" العَلاءَ، بل عاشَرْتَ الرُّؤساءَ، فَلا تَنْسَ أهلَ الشَّقاءِ، لأنَّهم أهلُ الوَفاءِ، ومَن سيَبْكونَك ساعةَ العَزاء!


سُقوط

ألسِّياسَةُ، في المُطلَق، سُقوطٌ؛ وهامَةُ الأَديبِ وذي الخَلْق ِ والخُلُق ِ لا تَسْتَحِقُّ سِوى العَلاء!


ألألَذّ

ألأَلَذُّ مِن الحَدَثِ، أيِّ حَدَثٍ، انتِظارُه!

تَحَكُّم

كَي تَبْلُغَ حُقوقَكَ، حقوقَ الإنسان، عليكَ أنْ تُواجِهَ ألفَ مُتَحَكِّمٍ ومُتَحَكِّم، طُرِدوا مِن فَصائِلِ الحَيوان!


حَريصا

متَى أَطَلَّتْ عليكَ فَكَحَّلْتَ عَينَيكَ بِجَمال تَلَّتِها المَكسُوَّةِ بالخُضْرَةِ الرَّاعِيَة، وصُروحِها مِن ذاتِ القِبابِ الدَّاعِيَة، وبُيوتِها المَشْكوكَةِ في الصُّخورِ الحامِيَة؛ مَتى أَطَلَّتْ عليكَ، أو تَذَكَّرْتَها في بُعْدٍ أو غُربَةٍ، حَفِّزْ يَدَكَ، ارْفَعْها، مَرِّرْ أَصابِعَكَ على الجَبين، فالصَّدْرِ، فالكَتِفَيْنِ، فالصَّدْرِ، فالفَمِ، واطْبَعْ قُبْلَةً.

أَجَل، متى أَطَلَّتْ عليكَ حَريصا، أو تَذَكَّرْتَها، بُنَيَّ، ارْسُمْ إِشارَةَ الصَّليب، لا لِتَلَّةٍ وصُروحٍ وبُيوت، ولا لأَجدادٍ لكَ، فيها يَرْقُدون، ولا حتَّى لمَريمَ وبولُسَ، أو لإِيمانٍ، بل ارْسُمْها لِفِداءٍ أَتاكَ مِن إِلهٍ ومِن بَشَر، فِداءٍ عليكَ أنْ تُكمِلَ مِشوارَه مع أخيكَ الإِنسان، لا لإِلهٍ بَل مِن أجَل البَشَر.

أتاني

قَرَعَ بابَ مُنعَتَقي، ففَتَحتُه البابَ! فَتَحْتُه، فعَرَّفَ عن نَفسِه، قالَ: أنا اللهُ، فذُهِلْتُ! ذُهِلْتُ، فأَبْرَزَ بطاقَةَ هُوِيَّته، مَمهورَةً مِن لَدُنِ الأَخدار السَّماوِيَّة، وذُهِلْتُ أكثَر!

هو اللهُ إلى بابي! صُعِقْتُ، فهَدَّأَ مِن رَوعي. تَلَعْثَمْتُ، ولكنِّي سَأَلْتُه أنْ مُرْني، رَبِّي، فأنا خادِمُكَ المُطيع. فقالَ لي: قُمِ انْهَضْ، هاتِ سَيفَكَ، واذْهَبْ إلى قريبِكَ، اقتُلْه تَضْمَنْ حياةً هانِئَةً فكُرسِيًّا لكَ في الجَنَّة، جنَّتي، وإلى جانِبي!

أَطْرَقْتُ مَخذولاً في إِثْرِ اندِهاشٍ عظيم، وسأَلْتُ نَفسي: كيفَ تَكونُ جنَّةُ اللهِ للقَتَلَةِ والظَّالِمين؟ وشَكَكْتُ في صِحَّةِ هُوِيَّةِ زائِري ومُحَدِّثي، وطَلَبْتُ منه إبرازَها مُجَدَّدًا لأَتَأَكَّدَ منها، فابتَسَمَ لي مُطَمئِنًا: كُنتُ أَمْتَحِنُكَ، أيُّها الإنسانُ، وقد نجَحْتَ في الامتِحان. لا أُريدُ خَوفَكَ وطاعتَكَ، بل أُريدُ مَحبَّتَكَ الآخَرينَ، كُلَّ الآخَرينَ، وخَوفَكَ عليهم!

واختَفى اللهُ، واطْمَأْنَنْتُ عليه وعلى البَشَريَّة!

دَيْن

ألدِّينُ طَريقٌ إلى الأَخلاق والسَّلام مع الآخَر، ومَتى غَدا عَكْسَ ذلك، لا يَعودُ دِينًا، بَل يَغدو دَيْنًا في ذِمَّةِ كُلِّ مَن يَعْتَنِقُه!

بلاغَة

ألبَلاغَةُ ليسَتْ في أنْ تُجيبَ بِلا إِبطاء، وتُصيبَ بِلا أَخطاء، بَلْ في أنْ تُحْسِنَ أيضًا الإصْغاء، وتَصْمُتَ ولا تَنْطِقَ بِسِوَى الحَقّ!


جُلْ

إِمْتِطِ السُّحُبَ، سِحْ في الأرضِ، وأَطْلِقْ خَيالَكَ، وما بَعدَه، جُلْ في الكَونِ، فما المَرءُ إلاَّ مَشروعُ روحٍ، وحُلْمُ تَأَلُّه!


كَبير

مِن قالَ إنَّ اللهَ كبيرٌ على الدَّوام؟ إنَّه يَصْغُرُ كُلَّما ابْتَعَدَ الإنسانُ، أسمَى ما خَلَقَ، عن الخُلُق.

أجَل، أَعْطى اللهُ الإنسانَ دِفءَ الحَنانِ كَيما يَنْعَمَ به في حَياتِهِ، وبراءَةَ الأطفالِ لِيَعيشَها طيلَةَ عُمرهِ، ونَغَمَ الأوتارِ لِيَتَرَفَّعَ في دُنياه، فما تُراهُ فَعَلَ، ذا الإنسانُ؟

لَقَد كانَ عاقًّا بِمَن خَلَقَه، فلا عَرَفَ كيفَ يَكْسِبُ أرضًا، ولا استَحَقَّ السَّماءَ.

رُبَّما أَصْبَحَ مِن واجِبِ اللهِ أنْ يُصَنِّعَ مِن الإِنسانِ... أُنموذَجًا جديدًا، أكثَرَ أَنْسَنَةً!

وَحشان

وَحشانِ يَتَهَدَّدانِ البَشَريَّةَ في عَصرنا الحاليّ، ورُبَّما يَتَهَدَّدانِها إلى نِهاية الأَزمِنَة: ألجَهلُ مُتَمَثَّلاً بالتَّعَصُّب الدِّينيِّ الأعمَى، والرَّأسماليَّةُ المُتَوَحِّشَةُ المُتَمَثَّلَةُ بالجَشَع المُتَفَلِّتِ مِن أيِّ رادعٍ مِن ضَميرٍ، أو وازِع!

ولا شَكَّ في أنَّ الوَحشَ الثَّاني، الرَّأسماليَّةَ المُتَوَحِّشَةَ، هو الأخطرُ على البَشَريَّة، فهو، بعامَّةٍ، الَّذي يَتَسَبَّبُ بإِطلاق يَد الوَحش الأوَّل!


قَتْل

أسوأُ صُنوفِ القَتْلِ أنْ تَقْتُلَ حُلمًا لدى طِفلٍ، وأمَلاً لدى شَيخ!

والأَسوَأُ مِمَّا سَبَقَ أنْ تَسْرِقَ حُلمَ إِنسانٍ، وأمَلَه، وتَتَّهِمَه بسَرِقَتِهِما!


ظَليم

أُريدُ أنْ أَموتَ مَرَّتَين، قالَها الظَّليمُ، لا كَيما تُحْسَبَ لي حَياتان، بَل لأَتَأَكَّدَ أنِّي مُتُّ بالفِعْلِ، وأنِّي لَن أَعودَ إلى الحَياةِ أبدًا!


كَرْه

لا مُشكِلَةَ عِندَه، ولا مُشكِلَةَ للنَّاس معه، سِوى أنَّه يَكْرَهُ كلمةَ "رَحْمَة"!

بَصْمَة

أللهُ في كُلٍّ مِنَّا، كالبَصْمَةِ، لا تَكونُ هي نَفسُها في إنسانَين، ولا تَتَكَرَّرُ عبرَ التَّاريخ؛ ولِذا، لَسْتُ أَدْري لِمَ الخِصامُ على باري الأَكوان؟ وأمَّا بَصْمَةُ اللهِ ففي كُلٍّ مِنَّا، وعلى قَدْرِ ما فينا مِن فَضائِلَ إنسانيَّةٍ، وما نَزيدُ فيها؛ والسُّؤالُ: لِمَ لا نَزيدُ على فَضائِلنا فضائِلَ!

أللهُ، إذًا، بَصْمَةٌ خاصَّةٌ تَختَلِفُ لدى كُلٍّ مِنَّا، فلا نَختَلِفَنَّ عليه، وأمَّا بَصْمَتُه فينا، فضائِلُه، فلْنُنَمِّها، ولْنَسْعَ لِتَوحيدها وتَعميمها!


صِفات

لا يُدْرِكُ صِفاتِ الآخَرينَ إلاَّ مَن يَتَمَتَّعُ بمِثْلِها.


Demeure

Qu’elle soit spacieuse ou étroite,

Ensoleillée ou assombrie,

J’aime bien ma prison de vie,

Qui, dans ce monde et dans ce corps,

Me servira de demeure

Jusqu’à ce que je meurs!



Bavardage

Il bavarde, bavarde et bavarde;

C’est qu’il se dit:

J’ai l’éternité pour me taire.

Quel génie!


تثاؤب

لَو أنَّه تَثاءَبَ، بَعْدُ، مَرَّةً، لَكانَتْ روحُهُ فاضَتْ!


مِسكين

مِسكينٌ إنسانُ العَصر، يَظُنُّ أنَّه أفضَلُ مِن المَخلوقاتِ الأخرى، وهو أضعَفُ مِن النَّحلَةِ في الخَيرِ، وأقوى مِن العَقْرَبِ في الشَّرّ!


تاريخان

تاريخانِ ضَرورَتانِ: الأوَّلُ أَعْرِفُه، أمَّا الثَّاني، فلا.

أجَل، شاهِدَةُ قَبْري في حاجةٍ إلى تاريخَين!


مَدين

مَدينٌ أنا للأَلَم، فهو مُحَرِّكُ القَلَم!


بُكاء

عِندَما بَكَتِ ابنتُه على كَتِفِه، وَجَدَتِ الحِضْنَ الأَدْفَأ.

وإِذْ بَكى على كَتِفِها، بَلَغَ السَّماء!


مُشارَكَة

لَن تَشْعُرَ بالسَّعادةِ ما لَم تَكُ، كعالِمٍ، أقَلَّ بَشَرِ الأرضِ عِلمًا؛ وكَغَنِيٍّ، أقَلَّهم غِنًى؛ وكَمُسْتَثْقِفٍ، أقَلَّهم ثقافةً؛ وكإِنسانٍ مُحِبٍّ، أكثَرَهم أنسَنَةً ومَحَبَّة. فأَطلِقْ ثقافةَ المُشارَكَة في كُلِّ ما لديكَ، عَمِّمْها، تَصْنَعِ العدالَةَ والسَّلامَ والهَناء!


سَعادة

عَلََّمَتْني الحياةُ، في ما عَلَّمَتْنيهِ، أنَّ السَّعادةَ لا تَكونُ إلاَّ بذكاءِ القلبِ الَّذي يُحَوِّلُ الأَنَوِيَّةَ أَنْسَنَةً.


بِعَدَدهم

أللهُ واحدٌ هو؛ لكنَّه، في المَفهومِ البَشَريّ، وعندَ البَشَرِ، بعَدَدِ هؤلاء!


ألمَرْء

مَتى قارَنَ المَرءُ نَفسَه بالكَوْن، حجمًا وزمنًا إلى غيرِ انتِهاء، وَجَدَ أنَّه، في الكَوْنِ، اللاشَيء. ومَتى قارَنَ نَفسَه بالكَوْنِ عَينِه لِجِهةِ الفِكرِ والشَّهادةِ على الوُجود، أَيْقَنَ أنَّه، في الكَوْنِ، كُلُّ الشَّيء.


حِفْظ

أَنْ نُمْضِيَ العُمْرَ في حِفظِ القديمِ، نُتَمْتِمُه بِتَناقُضاتِه، ونَخْتَلِفُ في تَفسيرِه، ولا نُعَنِّي النَّفسَ في وَضْعِ جديدٍ لِعَصرٍ جديد: ذاكَ هو التَّخَلُّف!


حائِط

سَبعَةً كانوا، في بيتٍ واحدٍ يَعيشون. وأَتَى المَوْتُ يَجْني، ويُحَوِّلُ البَشَرَ صُوَرًا تُعَلَّقُ إلى حائطِ غرفةِ الجُلوس، إلى أنْ ماتَ آخِرُ السَّبعة، ولَم يَجِدْ مَن يُعَلِّقُ له صورةً إلى جانِبِ مَن سَبَقوه!


وَرَقِيّ

ألكِتابُ الوَرَقِيُّ، إلى كَوْنه ثَروَةً فِكريَّةً عِلميَّةً فنِّيَّةً مَعنَويَّة، سيَغدو في المُستَقبَلِ غيرِ البَعيد، بِفِعْلِ نُدْرَتِه، ثَروَةً مادِّيَّةً تَجْمِيليَّة. وسأورِثُ أبنائي الثَّروَتَين!


زَيْتٌ وزَيْتون

لا بَقاءَ لأدَبٍ بِلا فِكْر، ولا استِساغَةَ لفِكْرٍ غَيرِ مُتَأَدِّب؛ فالفِكْرُ والأدبُ، كَما الزَّيتُ في صُلْبِ الزَّيتون!


مَلاذ

فِراشُها المَلاذُ، على مِخَدَّتِه الدُّموعُ الَّتي لِغَمٍّ ولانْتِشاء!


أحضان

كانَ يَخْشى أفكارَه، ويَحْتَمي في حِضنِ أُمِّه؛ وصارَ يَخْشى الأحضانَ، ويَحْتَمي ببَناتِ أفكارِه!


حُرْمَة

إِنْ مَرَرْتَ بينَ زُهورٍ ذَبُلَتْ، فسَقَطَتْ، لا تَطَأْها بقَدمَيْكَ، فَلِعاطِياتِ الشَّذا حُرمَتُهُنَّ!


دَرَجْتُ

دَرَجْتُ، صَغيرًا، على الاطمِئنانِ إلى صِحَّةِ أُمِّي. فكُنْتُ أَزورُها في غُرفتِها، أَقْتَربُ مِنها نائِمَةً، وأَحْرِصُ على التَّأَكُّدِ مِن أنَّها تَتَنَفَّسُ، وأَعودُ إلى فِراشي مُرتاحًا إلى غَدي!

... ورَحَلَتْ أُمِّي، ولَم يَبْقَ مِنِّي سِوى تَنَفُّسي!


هاتوهُ

لا تَنْقُصُ أَدَبَ اليَومِ الهَوائِيَّةُ. فإلى الهَوائِيِّين أقولُ: هاتُوا فِكرَكُم، هاتُوه!


نِهايَة

مَتى سادَ الجَشَعُ الأرضَ، وتَواجَهَ الجُهَّلُ "العُلَماءُ" مع العُلَماءِ "الجُهَّلِ"، كانَتْ نِهايةُ العالَم!


أصلِيَّةٌ ومُميتَة

أَأَخْطَأَ اللهُ، في الأَصْلِ، فكانَ خَلْقٌ؟ أَمْ كانَتْ خطيئَتُه "الأَصلِيَّةُ والمُميتَةُ" أنَّه خَلَقَ الإِنسانَ؟ سُؤالٌ يُطْرَحُ في ذا الزَّمان!


"هَوِّيلو"

في وقتٍ عادَ اللهُ لا يُعَرَّفُ بِسِوى الرَّحمةِ والمَحبَّة، ما زالَ ثَمَّةَ أُناسٌ يَعْتَقِدون أنَّ الـ "بَرْبِكْيو" جاهِزٌ لدى الرَّحيمِ، والنَّارَ حامِيَة. ولا يَنْقُصُ هؤلاءِ، والعِياذُ بِاللهِ، سوى إِطلاق ِ تسمِيَةِ "هَوِّيلو" على أرحَمِ الرَّاحِمين!


أسوأ

أَسْوَأُ مِنْ أَنْ تَموتَ، أَنْ تُدْرِكَ أنَّكَ بائِسٌ، وأنَّكَ ستَستَمِرُّ في بُؤسِك!


تَجاوُز

مَتى تَجاوَزَ سِرُّكَ وِسادَتَكَ، شاعَ!


لَنا

ليسَ المَوْتُ حَقًّا علينا، بَل هو حَقٌّ لنا!

كَرَم

بَلَغَ بِهِ الكَرَمُ أنَّه لَم يَعُدْ ضَنينًا بحَياتِه، فقَدَّمَها!


أَلومُ

لَسْتُ أَلومُ الأديانَ، فهي مِن أجيالٍ سابِقَةٍ، ولأجيالٍ سابِقَة. أنا أَلومُ الأجيالَ اللاحِقَةَ الَّتي تَستَمِرُّ في استِغلالِ الأديانِ لأرضِيَّاتِها، وتَتَفَنَّنُ، عِوَضَ أنْ تَعمَلَ على رَوْحَنَةِ الأديانِ وأَنسَنَتِها لِما فيه خَيرُ بَشَرٍ وبَشَرِيَّة!


وَردَة

ألدِّيمُقراطيَّةُ في العالَمِ الثَّالِثِ أنْ تَتَجَرَّأَ في قَوْلِكَ حتَّى على خالِق ِ الأَكوانِ، وواهِبِكَ الحياةَ، وفي السَّاحاتِ العامَّةِ، على ألاَّ تَرْمِيَ قادةَ بلادِكَ الفاسِدينَ النَّاهِبينَ القاتِلينَ... بِوَرْدَة!


وَحدَهُ حُرٌّ

وَحدَهُ حُرٌّ العَبْدُ الَّذي، بِمِلءِ اختِيارِهِ وإرادتِه، يُسَلِّمُ ذاتَهُ لِسَيِّدِهِ، يَفْعَلُ بِهِ ما يَشاء! فإِنَّه لَمِنَ الأسهَلِ أنْ يَتَخَلَّى المَرْءُ عن حُرِّيَّتِه بالكامِلِ مِن أنْ يَحصُلَ عليها كامِلَةً!


مُتَواضِع

قالَ المُتَواضِعُ: كانَتِ العَظَمَةُ، قَبْلَ أنْ أُوجَدَ، مُجَرَّدَ عَظْمَة!


تَصارُع

يَتَصارَعُ وَرَثَةُ الكاتِبِ في الغَرْبِ على إِرثِه الأدبيِّ، يَعيشونَ منه، فيما يَعيشُ الكاتِبُ في الشَّرق ِ، ويَموتُ، في حَسْرَةِ ضَياعِ إِرْثِهِ، وغالِبًا ما يَضيعُ الإِرْثُ!


"واعُصْعُصاه!"

واعُصْعُصاهُ! أَطْلَقَتْها عَرَبِيَّةٌ في ذا العَصْرِ، أَطْلَقَتْها في ظِلِّ غِيابِ الرِّجالِ الرِّجال! ... واهْتَزَّتْ عِظامُ المُعتَصِمِ في القَبْر!

عَبْقَر

ألطُّفولَةُ العَبْقَرِيَّةُ؛ فَلْنُحَرِّرْها مِن قُيودِنا، نحنُ الكِبار!

كِتابَة

أللُغَةُ في الكِتابَةِ الأُسُسُ والبُنيانُ، والجَمالِيَّاتُ الشُّرُفاتُ وما تُطِلُّ عليه. لكنَّ الحَجَرَ، بِلا بَشَرٍ، يَبْقى حَجَرًا، وكَذا اللُغَةُ والجَمالِيَّاتُ مِن دون فِكْرٍ جديدٍ وخَيالٍ جامِحٍ، تَبْقى مُجَرَّدَ كَلِمات!

أَبْشِرْ

كَثُرَتِ الأَلقابُ فَأَبْشِرْ: قَد حَلَّ زَمَنُ الانحِطاط!



Cohabitation?

… Je dirai même plus:

Tu m’habites

Et je t’habite!

جَرْد

أَجْرى، والحَياةُ إلى أُفولٍ، جَرْدَ حِسابٍ، فوَجَدَ:

أنَّ مالَه الَّذي تَعِبَ في جَمعِه إِنَّما نَهَبَهُ تُجَّارُ سِلْعَةٍ وهَيْكَلٍ وسِياسة؛ وأنَّ أفكارَهُ، المَنشورَةَ مِنها، وغَيرَ المَنشورَةِ، إِنَّما سُرِقَتْ مِن أَشْباهِ الكُتَّابِ والمُسْتَشْعِرين، أو سُخِّفَتْ لدى بَقِيَّةِ قُرَّاءٍ جَهَلَة؛ وأنَّ أطفالَهُ الَّذين لَمْ يُرْزَقْ بِهم، أَضاعَهم في مَجاريرِ المُدُنِ الَّتي قَطَنَ فيها أو قَصَدَها في سَفَرٍ، وفوقَ عُشْبٍ عِندَ نَهرٍ، وبينَ كَأسٍ و"مازَة"؛ وأنَّ آمالَهُ الكَثيرةَ بالأَنْسَنَةِ تَكَسَّرَتْ عندَ صَخرةِ الجَشَعِ البَشَرِيِّ الأَنَوِيِّ التَّمَلُّكيِّ، وتحتَ أَرْجُلِ المارَّة.

وبَعْدُ، لَئِنْ جاءَ ما لَهُ في الرَّصيدِ أَوْفَرَ مِمَّا عليه، فأَينَ تُراهُ يُثَمِّرُ ذا الوَفْرَ، السَّاعةَ، وبِمَ يَنْفَعُه؟ أَفي صيتٍ يَأْخُذُهُ معه إلى القَبْرِ، أم في ذِكْرى، إنْ "خَلَّدَتْ"، فَلِرَمْشَةِ عَيْن؟

... وتَبْقى راحَةُ البال!


قداسَة

طيبَةُ القَلبِ القَداسَةُ؛ فلا نُفَتِّشَنَّ عَنها في أيِّ مَكانٍ آخَر!


مِلْح

يَكفيني أنْ أَكونَ حَبَّةَ مِلحٍ في ذي الأرض!


تَعليم

ألتَّعليمُ يُعَلِّمُ المُعَلِّمَ أكثَرَ ممَّا يُعَلِّمُ المُتَعَلِّم!


ذا أنا

بُنَيَّ، إِنْ تَسَلْ، فَذا أنا:

في الإيمانِ، أؤمِنُ بالإِنسانِ، بِهَنائِهِ، وبِفِعْلِهِ الخَيْرَ دونَما مُقابِلٍ، لا في حَياةٍ، ولا في ما بَعْدُ!

أسْعى، في الرُّوحانِيَّاتِ، لبُلوغِ الأقاصي الَّتي يَسْمَحُ بها عَقلٌ، وفي الأرضيَّاتِ، لبُلوغِ الأقاصي الَّتي يَسْمَحُ بها جَسَد! وفي فضائِلِ الأنْسَنَةِ أذهَبُ إلى الأقاصي أيضًا؛ وقَدْ أُصيبُ، وقَدْ أُخطِئ؛ فإنْ أَصَبْتُ سَعَدْتُ وأَسعَدْتُ؛ وإنْ أخطَأْتُ أتعَلَّمُ وأُعَلِّم: أَتعلَّمُ أنْ أَنْطَلِقَ مِن جديدٍ، وإِنَّما إلى أقصى الأَقاصي، وأُعَلِّمُ الآخَرين بمِثالِ المُثابَرَةِ الَّذي أُمَثِّلُ والَّذي لا بُدَّ مُزهِرٌ، يُحْتَذى؛ فأنا إِنسانُ الأَقاصي، ولإِنسانِ الأَقاصي، ولِفَضائِلِ الأَنسَنَة... بِلا حُدود!

وفي الحُبِّ - حُبِّ الآخَرِ، كُلِّ آخَرَ - لستُ لأَعتَرِفَ بالحُدود أيضًا. ولا حُدودَ عندي في التَّعامُلِ مع الآخَرِ، أيِّ آخَرَ، وإِنْ وَجَبَ الحِرْصُ. وأمَّا المَحبَّةُ، جامِعَةُ الفَضائِلِ، فإليها دائِمًا أَتَطَلَّع، ولها خَصَّصْتُ ذكاءَ القَلبِ، قَلبي!

D’aucuns

D’aucuns partent pour rester

D’autres ne restent

Que dans l’attente de partir!

(À Aznavour)


Manneke Pis!

À l’intersection de la rue de l’Étuve

et de la rue du Chêne

Bruxellois et touristes déferlent devant lui.

Il ne cesse de répéter:

Je ne suis qu’une copie

Allez au Musée de la Ville

Allez taquiner mon original

Et laissez-moi tranquille!

***

Laissons-le pisser, le pauvre enfant,

Loin de nos flashs, paisiblement!

À l’enfant qui n’arrête pas de pisser



بَشاعَة

سَلَّطْتَ نَفسَكَ على الأرض، أنتَ المُؤتَمَنَ عليها!

آهِ، ما أبشَعَكَ أيُّها البَشَرِيّ!

ألنَّبع

ألإنسانُ النَّبعُ: حُبُّهُ نَهرٌ، الصَّداقةُ مَجراهُ، والمَحَبَّةُ بَحرُه!


Amitié

La vie, c’est souvent dure,

l’Homme en endure.

Mais l’ami est là,

et l’amitié dure, ne se lasse pas!

(À Vasile Ghica)


هي الذِّمَّة

في الصَّداقَةِ لا ذِمَّةَ لأَحَدٍ على أَحَد؛ فالصَّداقَةُ هي الذِّمَّةُ الَّتي لا بَراءَةَ لها تُطْلَب!


هَيَّا

هَيَّا، أَبْشِري، قُلْتُها لِنَفسي؛ لَم يَبْقَ أَمامَكِ إِلاَّ بَقِيَّةُ خَريفٍ وفَصْلُ القِيامَة!


آمِنة

نَظَرْتُ إلى العَلاءِ، مِرارًا وتَكرارًا، فلَمْ أَلْحَظْ للسَّماءِ بابًا:

أَلطَّريقُ إلى اللهِ، إِذًا، سالِكَةٌ وآمِنَةٌ... وعلى الخَطَّين!


جَنَّةُ عَدَن

لَو أنَّ كُلاًّ مِنَّا يَقومُ بِما يُنادي به، قَوْلاً وكِتابَةً، لَجَعَلْنا مِن الأرضِ جَنَّةَ عَدَنٍ حَقيقيَّةً!


هُوَ

وَجَدْتُهُ مُحْتَضَرًا في المَخزَنِ يُنادي احْضُنِّي، ففَعَلْتُ ونَقَلْتُهُ إلى الرَّفِّ، فراحَ يَبْكي يَقولُ اقرَأْني؛ وإِذْ فَرَغْتُ منهُ قامَ يَصيحُ أَهْدِني، فقَدَّمتُه ذُخْرًا لِطالِبِ مَعرِفَةٍ: هو الكِتابُ!

إمتِحانُنا

ألحياةُ امتِحانُنا المُستَمِرّ، فلْنُحاوِلْ ألاَّ نَغُشَّ فيه؛ ذلكَ أنَّ أجوبَةَ الآخَرينَ لا يُمْكِنُ أنْ تَكونَ أجوبَتَنا، فنحنُ لَسْنا إِيَّاهم، ولا حياتُنا حياتُهم!


آهِ

آهِ، آهِ حبيبي مِن بُعْدِ الزَّمانِ عن المَكان!


أَطْلٍِقْ

ألا أَطْلِقْ عَبدَكَ، يا جَسَد!


زِيّ

إِرْتِدِ زِيَّ الأَرضِ الَّتي أَنبَتَتْكَ، لا ما يَفرِضُهُ عليكَ مُعتَقَدٌ أو دُرْجَة! وكَذا كُلْ وعِشْ وتَصَرَّفْ، مِن دون أنْ تَنْسى أنَّكَ ابنُ الغَدِ لا الذَّاكِرَة، وابنُ الكَونِ لا العَشيرَة، وابنُ العِلْمِ لا السَّليقَة!


قِطاف

تَقْطِفُ الوَردَ والياسَمينَ، ويَقْطِفُكَ المَوتُ: هو الرَّبيعُ الدَّائِم!


Everlasting Christmas

Don’t be shy, don’t be blue,

Let your pain pass through,

Just hope that one day

Christmas will become

An everlasting day!


C’est la vie!

Face à la vie

Guette la mort;

Dans la mort

Héberge la vie!

(À Issa Bacha)

إصرار

فِكْرٌ طوباوِيٌّ نِصْفُ-إلهيٍّ عندَ أُناسٍ يَصطَدِمُ بِبَشَرٍ يُصِرُّونَ على البقاءِ ناقِصين: تلكَ مأساةُ البَشَريَّةِ المُستَمِرَّة!

يومٌ عالَميّ

لَم يَسْتَحِقَّ الكاتِبُ المُتَطَفِّلُ الحُرِّيَّةَ المُطلَقَةَ إلاَّ بَعدَما غَدا القارئُ في جَهالَةٍ مُطْبِقَة! ويا لَلأَسَف!


لا تَخَفْ

لا تَخَفْ إلاَّ مِمَّن "يُؤمِنُ" بأنَّه يَعْرِفُ "كُلَّ الحقيقة"!


ألقلمُ مُهَروِلاً

... وهو يُهَرْوِلُ على الوَرَق ِ، يَبْسُطُ القَلَمُ الأحرُفَ في ما يُقْرَأُ وما لا يُقْرَأ؛ ذلكَ أنَّهُ، هو عَيْنَه، في يَدِ شَخصَينِ، يُسْتَخدَمُ لِهَدَفَين، أو أكثَر؛ وكَذا نَجِدُه، في يَدِ شَخصٍ واحدٍ، يَنْقُلُ أفكارًا قَد "تَتَمَتْرَسُ" عندَ طَرَفَيِ النَّقيض.

ولكنْ، لا بَأْسَ، فَلْنُطْلِقْ له الحُرِّيَّةَ الَّتي لا نَعيش، ولْيُهَرْوِلْ عنَّا، ومَعنا!