حَمْدِى البَنبّي.. الفارسُ النبيل! بقلم: أحمد الغرباوى
تاريخ النشر : 2019-08-13
حَمْدِى البَنبّي.. الفارسُ النبيل! بقلم: أحمد الغرباوى


أحمد الغرباوى يكتب:

حَمْدِى البَنبّي.. الفارسُ النبيل!

في 11 أغسطس عام 2016 م؛ فقد قطاع البترول إنساناً من زمن جميل.. يزدان به القطاع بما أضافه؛ ولايَزال يُؤتى ثماره للأجيْال الحَاليّة من إنجازات على المستوى العملي والإنسانى؛ ليْس لها مَثيل.. 

بل وأزعم أنّ الراحل الكبير؛ في مجال صناعة البترول؛ عالما وقيادة وإدارة وانسانية متفرّدة.. مثل الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل في عالم الصحافة والكتابة.. واحد من جيل عملاق؛ يندر وجوده..

وتجيء ذكرى رحيل البنبي مخلفة شجوناً مؤلماً.. وخوفاً يُرعب من رحيل أيْام لن تنسى.. أيّام كم تسجّل وتحفر خلود تاريخ.. ويطوى صفحة ينبغى تذكر الأجيال الناشئة بها..  ريادة مؤثرة في اقتصاديات البترول بمصر، ووزيراً متميزاً.. إنّه واحدٌ من خبراء القرن.. ومن إبداع الخلق قدوة بشر من الصعب أن تعوّض على وجه الأرض.. ومن النادر أن يجود به  الزمن في عالم صناعة البترول.. 

ويأتي الدكتور المهندس الخالد حمدي البنبى وزير البترول والثروة المعدنية الراحل؛ والخبير العالمي في كل مجالات صناعة البترول؛ واحداً من جيل العمالقة قيادة وإدارة..

وما نَحن هنا لنوثق ونرصد تاريخ مولده وتعدّد مناصبه.. وماهية أسرته المصرية الأصيلة.. و.. 

فكلها بيانات متوفّرة للجميع.. 

فالراحل الكبير يبدأ حياته العملية فى عام 1963م مهندس انتاج بالشركة الشرقية للبترول لمدة 3 سنوات.. التي غدت شركة بترول بلاعيم الآن.. ولايزل يفخر كُلّ من يعمل بها.. أنّه يَشرف بأنّ البنبي أحد روّاد أبنائها يوماً ما.. والتي على مدار رحلة عملها مصدر لجميع قيادات القطاع.. ومصنع تفريغ للطاقات الشابّة عِلماً وإبداعاً.. 

وتحلّ ذكراه؛ ويحيا بيننا حمدي البنبي الذي لم يَعرفه أحد.. الراحل الكبير إنساناً وعالماً مخلصاً لوطنه؛ قبيْل أن يَكون وزيراً وخادماً لاقتصاد مصر..

فهو أوّل من دَعا لاستخدام الغاز الطبيعي كوقود في السيّارات.. وتوسّع في مَدّ شبكاته إلى مُختلف المُدن؛ لاستخدامه في المَنازل.. وبدأ تطبيقه في استخدامات جديدة كالتكييف. .

 وعندما  تَولّى  منصب وزير البترول والثروة المعدنية، يبادر بتنفيذ سيْاسة جديدة لتشجيع الشركات العالمية؛ للتنقيب عن البترول وإنتاجه بالميْاه العميقة والمناطق النائية..  والتعاون المشترك بين وزارتي السياحة والبترول.. لتحديد اشتراطات أراضي ساحل البحر الأحمر؛ في المنطقة الواقعة بين مدينتي السويس وحدود السودان؛ في النشاطين السياحي والبترولي.. ودخول القطاع الخاص المَصري مجالات البَحث والتنقيب عن البترول.. 

 حمدي البنبي الذي لم يعرفه أحد.. 

هو الراحل الكبير إنساناً وعالماً مخلصاً لوطنه؛ قبيْل أن يكون وزيراً وخادماً لاقتصاد مصر..

 وفي عهده تم افتتاح أحدث مركز لحماية البيئة في الغردقة بالبحر الأحمر.. وكذلك  تعديل بند الغاز.. حيث يتم تسعيره بمعادلة؛ تقوم على أساس الزيت الخام؛ بدلاً من المازوت متوسط الكبريت.. 

كما تمّ بدء تشغيل مشروع غازات عبر الخليج.. بهدف استغلال ونقل الغازات من تسهيلات الإنتاج بمنطقة بلاعيم التابعة لشركة بترول بلاعيم.. أوّل شركة يعمل بها الراحل الكبير بسيناء وحقل شمال أكتوبر بخليج السويس..

  حمدي البنبي الذي لم تعرفه الأجيال الحالية التي تعمل فى مجال صناعة البترول وشباب مصر.. الراحل الكبير إنساناً وعالماً مخلصاً لوطنه قبل أن يكون وزيراً وخادماً لاقتصاد مصر..

ساهم في دراسة إنشاء متحف البترول المصري.. بهدف تجميع تراث مصر البترولي.. وتم في عهده افتتاح المرحلة الأولى لمشروع زيْادة الطاقة التخزينية لخطّ سوميد بسيدي كرير؛ لتصل إلى 3.2 مليون متر مكعب.. وتشغيل أحدث مُجمع لخلط الزيوت المعدنية بالشرق الأوسط وأفريقيا بالعامرية.. والبدء في الإنتاج من حقل " مليحة " العميق لشركة عجيبة .. وكشف " كنز " التابع لشركة خالدة للبترول.. و تنفيذ مشروع تشغيل حقل " الأبيض " أكبر كشف للغازات الطبيعية..

   حمدي البنبي الذي لم يعرفه أحد.. الراحل الكبير انساناً وعالماً مخلصاً لوطنه قبل أن يكون وزيراً وخادماً لاقتصاد مصر..

في عهده بدأ لأوّل مرة في مصر والشرق الأوسط تشغيل أجهزة التكييف باستخدام الغاز الطبيعي.. وافتتاح حقل " برج العرب " في الصحراء الغربية.. وهو أوّل حقل بترول قطاع خاص مصري.. وحقل بترول بني سويف.. ويعدّ أوّل حَقل منتج بالمنطقة..

ويخرجُ بقطاع البترول على الخريطة العالمية.. ويتمّ توقيع إتفاقية بين هيئة البترول ومؤسّسة إيني الإيطالية.. لمَدّ خطّ أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من الحقول البَحريّة بالبحر المتوسط إلى شمال سيناء عبر نفق أسفل قناة السويس.. وبدأ تنفيذ المشروع في أغسطس 1998 ..

حمدي البنبي الذي لم تعرفه الأجيْال الحاليْة؛ والتي تعمل فى مجال صناعة البترول وشباب مصر.. الراحل الكبير إنساناً وعالماً مخلصاً لوطنه؛ قبيْل أن يكون وزيراً وخادماً لاقتصاد مصر..

يفتتحُ أوّل مشروع لخط أنابيب بحري.. لنقل البوتاجاز عبر الخليج من حقول بلاعيم بجنوب سيناء إلى مستودعات التخزين الرئيسية بمنطقة رأس بكر بشرق خليج السويس.. ومنها إلى مراكز التوزيع بالقطاميّة..

وفي إحدى المقابلات الصَحفيْة وسيْادته.. وكان معي أحد المصوّرين.. لا أجد أمَامى وزيراً..

 ولم يحدّد مسارات ومنحنيات وإقامات خطوى صَفّ حرس.. يمهّد دخولي لمكتبه بالدور الثاني.. أمام المبنى المواجه لكلية طبّ الأزهر بشارع المخيّم الدائم بجوار مدينة نصر.. حيث كانت الوزارة.. ولا كتيبة من السكرتارية تحجبني مسافات.. حيث يشرف المكان بحلّه.. ويتزيّن مكتبه بشرف حضور هذه الإنسانيّة النادرة..

 وتستقبلنا بَساطة العظماء.. ورِفعة القامات.. وأناقة راقيْة في مَظهره.. ويلفّنا بدفء رَخامة صوته.. وهدوء يخدرك فى سَلاسة وألفة أولاد بلد؛ في رقىّ وعذوبة نيل مصر؛ قبل أن يلوّثه نشاذ فعل حاضر من تشوّهات بشر..

 فى ودّ وألفة تحتضنك تواضع إنسانيّة.. بشاشة وجه أبّ.. حِديّة التزام.. وحِنيّة ابتسام.. وبكلّ مهابة العُلماء الذين يرفعهم الله لأعلى المناصب؛ وأسمى مكانة دنيا وآخرة إن شاء الله؛ يفتحُ قلبه.. ويملأنا بالحلم والأمل.. 

جِديّة غير عَاديّة في الكلم.. وأنت في حضرته؛ تشعر أنّه لا يتسلّى بالحوار.. ولا يَهزل.. ولا يصغ لك أداء واجب.. ولا يرضى أن يمرّ برؤيته العلميّة شيئاً دون وضوح.. أو يعلّق به حرفاً أو كلمة تهدف لشو إعلامي.. أو جملة تصدرُ منه عفواً.. تقصد شخصه مدحاً او دعاية.. حريصاً في أدنى قول، لايشوبه لبس مَعنى.. أو يَفهم مِنها سراب فِعل..

وتشعرُ وهو يتحدّث أنه يَعمل.. يتصبّب عَرقاً.. فتخجل إلا أن تكون مثله جَادّاً.. جادّا لأقصى درجة.. 

فأنت أمام رجل يحمل فأساً ويبدع كَداً.. ينقلك من حفر الآبار.. لثورة الغاز.. لحلم البتروكيماويّات.. ومستقبل مَصر والانطلاق نحو العَالميّة والاكتفاء الذاتي.. والتصدير في مستقبل الأجيْال.. وصراع الاحتيْاطي والاستغلال الأمثل.. تكاد تشمّ فى حواره رائحة الغاز الطبيعي  والزيت.. وكأنّه لم يلبث خارجاً من فتحة بير..  

ويَهبك إيماناً عَميقاً.. وثقة كبيرة في الله أنّ ذاكَ الشخص الذي تشرف بأنك قابلته في حيْاتك يِملك زمام قيْادة قطاع حَيْوي يؤثّر في انتاج مصر.. ألا وهو قطاع البترول.. وقادر هو على السير به لقمّة طموح مستحيل..

 وفي سمت الإخوة والحماية والأمن والأمان.. وبحيْاء وخجل القائد.. يستأذن  المصوّر الذي كان يرافقني.. أن يعطيه إسم أحد لإصلاح كاميرا مِتواضعة لإبنه وقتها..

وهو وزير البترول والذي بتليفون صغير.. ممكن أن يفعل الكثير والكثير..

ويَلحّ عليْه المصوّر في أخذ الكامير لإصلاحها.. فَيْرفض إلا إذا أخذ أموالاً تتعدّي قيمة الإصلاح المقدّر بكثير.. قبيل أن يعطيها له..

وإذا بك تجد نفسك أمام أبّ مصري.. يتهلّل وجه فرحاً لإسعاد إبنه..

رحم الله حمدي البنبي.. الإنسان المصري العظيم.. وعالم البترول الوطني الجليل.. والوزير الذي تشرف به كل وزارة.. وتتزيّن به كل مؤسسة تحمل أريج خطوه.. وقدوة فعله.. وآثار كدّه.. وإبداع فكره.. وإنجازات عمله..

وكم يفقده..

كم يَتوجّع قلبُ عرفه.. لايملك إلا حُبّه.. 

وكم تتألم صِناعة البترول.. ويحزن رجالاتها لفقده..

وكم هي تظلّ خسارة لمصر.. ودوام نزف لخيرة عظماء وطنه..

وإن على نقابة البترول أن تقوم بتكريم وتخليد ذكرى عظماء مصر.. ومن أثروا القطاع بما لن يجود به الدهر إلا إعجازاً من الله عزّ وجلّ..

وليس أقل من تكريم؛ بأن تعقد ندوات لتعريف شباب قطاع البترول بكلّ من وضع بصمة.. وأنجز.. وأثر بعطاء متميّز ومتفرّد في تاريخ مصر واقتصاديات صناعة البترول.. وعمل أفلام تسجيلية وكتيبات عن مسيرة حياتهم العملية والإنسانية ونشرها بكلّ الشركات على شبكاتها الدخلية ومواقعها الإعلامية المتنوعة.. بالإضافة إلى المواقع البترولية المحترمة.. بالإضافة إلى التواصل مع الإعلام على مستوى الدولة؛ فى إطار دعم الانتماء وتواصل الأجيال، وإبراز النماذج المصرية المشرفة قدوة لكل بيت مصرى..

وعمل جائزة سنوياً بإسم الراحل العظيم المهندس الدكتور حمدي البنبي وغيره.. 

وكذلك؛ لم لا يطلق اسمه وغيره من قيادات القطاع على قاعات الاجتماعات.. والمناطق والملاعب الرياضية بالحقول.. الخ

وأيضاً؛ يُطلق على المهرجانات الرياضية والاحتفاليات الاجتماعية والثقافية المتنوعة التى تنظم سنوياً؛ ويتم التعريف به من خلال نشرات صغيرة توزع خلالها، مردودها الثقافى والتنموى والنفسى يعلو أكتاف أىّ تكلفة مادية.. 

وفى ضوء الدور المجتمعى لشركات البترول؛ التنبيه على المدارس فى حيزها العمرانى؛ بالتعريف بقيادات القطاع ودورها الإيجابى من خلال الأبحاث والمسابقات والندوات وتوزيع الكتيبات.. وغيرها من وسائل تقف ضد نسيان جهد عظيم قيادات ساهمت بكدّها وإخلاص عرقها بجعل مصر على مصاف الريادة بالاقتصاد القومى.. وغيرها

ويقتفى أثرها كلّ يد لا تزل تهتز في لين.. غضّة وهي تتبع أثر رائحة الغاز والبترول.. وتتمثّل أمامها انجازات من سبقونا فى نهضة مصر.. وتثبيت كيانها على الخريطة العالمية..

.....

بقلم: أحمد الغرباوى
مؤلف وعضو اتحاد الكتاب