الذِّينَ لَا يُحِبُّهُم اللهُ بقلم: الحبيب خميس بوخريص
تاريخ النشر : 2019-08-13
الذِّينَ لَا يُحِبُّهُم اللهُ بقلم: الحبيب خميس بوخريص


الذِّينَ لَا يُحِبُّهُم اللهُ

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى اللهُ وسلّمَ على سيّدنا محمد النبيّ الكريم وعلى آله الطيّبين، وبعد:

هناك صفات وردت في القرآن الكريم تدلُّ على أنّ الله سبحانه وتعالى لا يُحِبُّ المُتّصفين بها، وَيجب على كُلِّ مُسلم معرفتها ليتجنّب الاتّصاف بها؛ حتى لا يُبغِضه الله تعالى فيتعرَّض للعقاب والعذاب في الدنيا والآخرة، ومن هذه الصفات:

1- الْكَافِرُونَ:

قال تعالى: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ الروم 45.

قال السعدي رحمه الله في تفسيره: (جزاؤهم ليس مقصورًا على أعمالهم، بل يجزيهم اللّه من فضله الممدود، وكرمه غير المحدود، ما لا تبلغه أعمالهم، وذلك لأنه أحبّهم وإذا أحبّ اللّه عبدًا صبّ عليه الإحسان صبًّا، وأَجْزَل له العطايا الفاخرة وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة، وهذا بخلاف الكافرين فإنّ اللّه لمَّا أبغضهم ومَقتهم، عاقبهم وعذّبهم ولم يزدهم كما زاد من قبلهم فلهذا قال: "إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِين") اهـ.  

2- الْمُعْتَدُونَ:

قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ البقرة 190.

قال  السعدي رحمه الله: (هذه الآيات، تتضمّن الأمر بالقتال في سبيل الله، وهذا كان بعد الهجرة إلى المدينة، لمّا قوي المسلمون للقتال، أمرهم الله به، بعد ما كانوا مأمورين بكفِّ أيديهم، وفي تخصيص القتال {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} حثّ على الإخلاص، ونهي عن الاقتتال في الفتن بين المسلمين. {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} أي: الذين هم مُستعدُّون لقتالكم، وهم المكلّفون الرجال، غير الشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال. والنهي عن الاعتداء، يشمل أنواع الاعتداء كلّها، من قتل من لا يقاتل، من النساء، والمجانين والأطفال، والرُّهبان ونحوهم والتمثيل بالقتلى، وقتل الحيوانات، وقطع الأشجار ونحوها، لغير مصلحة تعود للمسلمين. ومن الاعتداء، مُقاتلة من تقبل منهم الجزية إذا بذلوها، فإن ذلك لا يجوز.

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾  المائدة 87.

قال ابن كثير- رحمه الله- في تفسيره: (في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها؛ أنّ ناسًا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، سألوا أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا أنام على فراش،  فبلغ ذلك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: "ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا، لكنّي أصوم وأفطر، وأنام وأقوم، وآكل اللحم، وأتزوج النساء، فمن رَغِبَ عن سنّتي فليس مِنِّي"... وعن ابن عبّاس  رضي الله عنه أنّ رجلًا أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إنِّي إذا أكلت اللحم انتشرت للنساء، وإني حرّمت عليّ اللحم، فنزلت: "يَا أَيُّهَا آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ") اهـ.   

قال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ الأعراف 55.

قال ابن كثير- رحمه الله- في تفسيره: (قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: عن مولى لسعدٍ رضي الله عنه؛ أنّ سَعدًا رضي الله عنه سمع ابنًا له يدعو وهو يقول: اللّهم، إني أسألك الجنَّة ونعيمها وإستبرقها ونحوًا من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، فقال: لقد سألت الله خيرًا كثيرًا، وتعوّذت بالله من شرٍّ كثيرٍ، وإنِّي سمعت رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّم يقول: "إنّه سيكون قومٌ يَعتدون في الدعاء"، وقرأ هذه الآية: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، وإنَّ بِحَسبك أن تقول: "اللّهم إنّي أسألك الجَنّة وما قَرَّبَّ إليها من قولٍ أو عملٍ، وأعوذ بك من النار وما قَرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ" رواه أبو داود) اهـ.

3- الظَّالِمُونَ:

قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ آل عمران 57. 

قال الطبري رحمه الله في تفسيره: (وأما قوله: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"، فإنّه يعني: والله لا يُحبُّ من ظلم غيره حقًّا له، أو وضع شيئًا في غيرِ موضعه.  فنفى- جلّ ثناؤه - عن نفسه بذلك أن يَظلم عباده، فيُجازي المُسيء ممّن كفر جزاء المُحسنين ممّن آمن به، أو يُجازي المُحسن ممّن آمن به واتّبع أَمْره وانتهى عمّا نهاه عنه فأطاعه، جزاء المُسيئين ممّن كفر به وكذّب رسله وخالف أمره ونهيه، فقال: إنِّي لَا أُحُبُّ الظّالِمِين، فكيف أظلِم خَلْقِي؟ وهذا القول من الله تعالى ذكره، وإن كان خرج مخرج الخبر، فإنّه وَعِيدٌ منه للكافرين به وبرسله، ووَعْدٌ منه للمؤمنين به وبرسله، لأنه أعلم الفريقين جميعًا أنه لا يبخس هذا المؤمن حقّه، ولا يظلم كرامته فيضعها فيمن كفر به وخالف أمره ونهيه، فيكون لها بوَضْعِها في غيرِ أهلها ظالمًا) اهـ. 

قال تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ الشورى 40. 

قال الطبري - رحمه الله- في تفسيره: ("إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" يقول: إنّ الله لا يُحبُّ أهل الظلم، الذين يتعدّون على الناس، فيُسيئون إليهم بغيرِ ما أذنَ اللهُ لهم فيه) اهـ.

4- الْمُسْتَكْبِرُونَ:

 قال تعالى: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِين﴾ النحل 23.

وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي رحمه الله: (قال العلماء: وكلُّ ذنبٍ يمكن التستّر منه وإخفاؤه إلا الكِبْر؛ فإنه فسٌقٌ يلزمه الإعلان، وهو أصل العصيان كلّه، وفي الحديث الصحيح إنّ المُستكبرين يُحشرون أمثال الذرِّ يوم القيامة، يَطؤُهم النّاسُ بأقدامهم لِتكبُّرِهم، أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم: تصغر لهم أجسامهم في المحشر، حتى يضرّهم صغرها، وتعظم لهم في النار حتى يضرّهم عظمها) اهـ.    

5- المُخْتَالُ الفَخُورُ:

قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ النساء 36.

وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي رحمه الله: (قوله تعالى: إنّ الله لا يُحب- أي لا يَرضى - من كان مُختالًا فخورًا، فنفى سبحانه مَحبّته ورِضاه عمّن هذه صفته؛ أي لا يُظهِر عليه آثار نِعَمه في الآخرة، وفي هذا ضرب من التوعّد. والمُختال ذو الخيلاء أي الكِبْر، والفخور: الذي يُعدِّد مناقبه كِبْرًا، والفخر: البذخ والتطاول، وخصّ هاتين الصفتين بالذكر هنا؛ لأنهما تحملان صاحبيهما على الأنفة من القريب الفقير، والجار الفقير، وغيرهم ممن ذكر في الآية، فيضيع أمر الله بالإحسان إليهم) اهـ. 

 قال تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ لقمان 18.

 قال الطبري رحمه الله: (وتأويل الكلام: ولا تُعرِض بوجهك عمّن كَلّمته تكبُّرًا واستحقارًا لمن تُكَلمُّه، وأصل (الصعر) داءٌ يأخذ الإبل في أعناقها أو رُؤوسها حتّى تلفت أعناقها عن رُؤوسها، فيُشبّه به الرجل المُتكبّر على الناس ... عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه: ولا تُصَعِّر خدّك للناس يقول: ولا تتكبّر؛ فتحقر عباد الله، وتُعرض عنهم بوجهك إذا كلّموك...

عن مجاهد رضي الله عنه: (وَلَا تُصَعِّرْ) قال: الصُّدود والإعْراض بالوَجهِ عن الناس.  

وقوله: "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا"، يقول: ولا تمشِ في الأرضِ مُختالًا.. 

عن مجاهد رضي الله عنه قوله:  " كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ"،  قال: مُتكبِّر، وقوله: " فَخُور"، قال: يُعدِّد ما أعطى اللهُ، وهو لا يَشكر الله) اهـ. 

قال تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ الحديد 23. 

قال الطبري رحمه الله في تفسيره: (وقوله: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ"، يقول: والله لا يُحبّ كلَّ مُتكبِّرٍ بما أُوتِي من الدنيا، فخورٌ به على الناس) اهـ.

6- الْمُفْسِدُونَ:

قال تعالى: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ المائدة 64. 

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ("وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"،  أي: من سَجِيّتهم أنهم دائمًا يسعون في الإفِساد في الأرض، واللهُ لا يُحبُّ من هذه صفته).  

قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ القصص 77.

قال الطبري رحمه الله في تفسيره: ("وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ"، يقول: ولا تلتمس ما حرّم الله عليك من البَغي على قومك، "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"، يقول: إنّ الله لا يُحِبُّ بُغاة البَغي والمعاصي).   

7- الْخَائِنُونَ:

قال تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ الأنفال 58.

قال الطبري رحمه الله في تفسيره: (قال أبو جعفر رضي الله عنه:  يقول تعالى ذكره: "وَإِمَّا تَخَافَنَّ"، يا محمد  صلّى الله عليه وسلّم، من عَدُوٍّ لك بينك وبينه عهد وعقد، أن ينكث عهده، وينقض عقده، ويغدر بك، وذلك هو "الخيانة" والغدر" فانبذ إليهم على سواء،  يقول: فناجزهم بالحرب، وأعلمهم قبل حربك إيّاهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم، بما كان منهم من ظهور أمار الغدر والخيانة منهم، حتى تصير أنت وهم على سواء في العلم بأنك لهم مُحارب، فيأخذوا للحرب آلتها، وتبرّأ من الغدر، "إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ"، الغادرين بمن كان منه في أمانٍ وعهدٍ بينه وبينه أن يغدر به فيُحاربه، قبل إعلامه إيّاه أنه له حرب، وأنه قد فاسخه العقد) اهـ.  

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ الحج 38.

قال الطبري - رحمه الله- في تفسيره: (يقول تعالى ذكره: إنّ الله يَدفع غائلة المشركين عن الذين آمنوا بالله وبرسوله، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ، يخون الله فيُخالف أمره ونهيه ويعصيه ويُطيع الشيطان، " كَفُورٍ"، يقول: جحود لنعمه عنده، لا يعرف لمُنعمها حقه فيشكره عليها. وقيل: إنه عنى بذلك دفع الله كفّار قريشٍ عمّن كان بين أظهرهم من المؤمنين قبل هجرتهم) اهـ. 

قال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ النساء 107.

قال الطبري رحمه الله في تفسيره: (يقول: لا تُخاصم عنهم من يُطالبهم بحقوقهم، وما خانوه فيه من أموالهم "إنّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا"، يقول: إنّ الله لا يُحب من كان من صفته خيانة الناس في أموالهم ، وركوب الإثم في ذلك وغيره مما حرّمه الله عليه).

8- الْمُسْرِفُونَ:

قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾  الأعراف 31. 

قال ابن كثير رحمه الله: (قال البخاري رحمه الله، قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: كُلْ ما شئت، والبَسْ ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سَرف ومَخيِلة..  وقال ابن جرير رضي الله عنه: وقوله: "إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"، يقول الله: إنّ الله تعالى لا يُحبُّ المُتَعدّين حدّه في حلالٍ أو حرامٍ، الغالِين فيما أحلّ أو حرمّ، بإحلالِ الحرامِ وبتحريمِ الحلالِ، ولكنه يُحبُّ أن يُحلِّل ما أحلَّ، ويُحَرِّم ما حَرَّم، وذلك العدل الذي أَمَرَ به) اهـ.  

9- الْفَرِحُونَ:

قال تعالى: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ القصص 76.

قال البغوي رحمه الله في نفسيره: ( "لَا تَفْرَحْ"، لا تبطر ولا تأشر ولا تمرح، "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ"، الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم) اهـ.

قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ يونس 58.           وفي تفسير البغوي رحمه الله: (قوله تعالى: "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ"، قال مجاهد وقتادة:  فضل الله: الإيمان، ورحمته: القرآن، وقال أبو سعيد الخدري:  فضل الله القرآن، ورحمته أن جعلنا من أهله، وقال ابن عمر: فضل الله : الإسلام ، ورحمته : تزيينه في القلب) اهــ 

قال ابن كثير رحمه الله: (عن صفوان بن عمرو ، سمعت أيفع بن عبد الكلاعي يقول: لمّا قدم خَراج العراق إلى عمر رضي الله عنه ، خرج عمر ومولى له فجعل عمر يعدّ الإبل ، فإذا هي أكثر من ذلك، فجعل عمر يقول: الحمد لله تعالى، ويقول مولاه : هذا والله من فضل الله ورحمته. فقال عمر: كذبت. ليس هذا، هو الذي يقول الله تعالى : "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" وهذا ممّا يجمعون) اهـ.

قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء107.

اللّهم صلّ وسلّم على الرحمة المُهداة والنعمة المُسداة الصادق الأمين سيّدنا محمد وعلى آله .

الحبيب خميس بوخريص