الدولة الفاسدة تعلّم الشعب الفساد بقلم:د. كاظم ناصر
تاريخ النشر : 2019-08-13
الدولة الفاسدة تعلّم الشعب الفساد بقلم:د. كاظم ناصر


المواطن العربي الذي لا يعتقد بفساد وفشل وتخلّف وتسلّط حكّامنا ودولنا العربية من المحيط إلى الخليج شخص بسيط يجهل الحقيقة ولا يعرف شيئا عن أسباب مآسينا، أو سياسي متنفّذ يسرق كما يشاء، أو رجل دين من مشايخ السلطان باع دينه وضميره من أجل الوجاهة والمنافع، أو تاجر جمع الملايين من مشاريعه وسرقاته المشتركة مع الحاكم وأتباعه، أو مثقّف قبل أن يكون بوقا يسبّح بمجد الحاكم مقابل منصب أو حفنة من الدولارات، أو ضابطا كبيرا من ضبّاطنا أشباه الأميين من أبناء العشائر والعوائل، أو شيخ عشيرة يتلقّى من الهبات والمكرمات ما يكفيه ليشتري سيارة ويدفع نفقات الولائم التي يجود بها لوجهاء وأفراد عشيرته، أو إبن عائلة متسلّقة موالية للحاكم؛ هؤلاء هم أركان الدولة الموالين والحامين للحاكم العربي ونظامه.
وما الذي نتوصّل إليه كمواطنين إذا نظرنا بعين فاحصة وتفكير حياديّ نزيه إلى دوائرنا الحكومية، وجيوشنا، ووسائل إعلامنا، ومؤسّساتنا الدينيّة والاجتماعيّة والتعليميّة والصحيّة، وحرّياتنا المصادرة، ونمط تفكيرنا المتخلّف، ونسيجنا الاجتماعي المهدّد بالتمزّق؟ سوف نصل إلى قناعة عقلانيّة منطقيّة مفادها أننا أمّة فاشلة تحتضر رغم طاقاتها البشريّة والاقتصاديّة الهائلة! لماذا؟ هل نحن أقلّ ذكاء من باقي شعوب الأرض لنكون بهذا السوء؟ بالتأكيد لا! نحن أناس كباقي البشر، ولا شكّ في قدرتنا على الابداع والتفوّق. إذا لماذا حصل لنا هذا كله؟ العوامل السلبيّة التي أوصلتنا إلى وضعنا السيء هذا متعدّدة ومتشابكة؛ لكن طغيان حكامنا " ودويلاتنا القبليّة " الظلاميّة القمعيّة الاستبداديّة المستمر منذ قرون، والذي ازداد سوأ بعد حصولنا على استقلالنا هو من أهم الأسباب التي حطّمت إنساننا، وشرذمت وطننا، وهدرت ثرواتنا بغباء، وحرمتنا من الحرية، وحشت عقولنا بزبالة فكريّة، وأوصلتنا إلى ما نحن فيه من تعفن أخلاقي وكوارث.
دولنا الظلاميّة وحكامنا الفاسدين والمفسدين أحاطونا بأسوار من الجهل والفقر والتخلّف، وجعلوا من أوطاننا سجونا مظلمة، فسحقوا كبرياءنا وعلّمونا الذّل والنفاق السياسي والاجتماعي والديني والخيانة والفساد والرشوة. لقد ورثنا كل هذه السيّئات منهم ومن دويلاتهم، فأصبحنا أقنانا مطيعين نسبّح بحمدهم، ونتسابق في خدمتهم؛ فتحوّل وجودنا إلى مهزلة، وتكالب العالم على استغلالنا وإذلالنا؛ ولن نتغير ونصلح أوضاعنا ما دامت تحكمنا قيادات ودول كذب ونفاق فاسدة مفسدة مستبدّة تحرمنا من حرياتنا وحقوقنا، وتصادر إنسانيتنا، وتلوّث عقولنا، وتنهب وتبدّد ثرواتنا!