المنطقة الآمنة... بين خنوع أردوغان وأوامر ترامب بقلم:د. خيام الزعبي
تاريخ النشر : 2019-08-11
المنطقة الآمنة... بين خنوع أردوغان وأوامر ترامب بقلم:د. خيام الزعبي


المنطقة الآمنة... بين خنوع أردوغان وأوامر ترامب

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

هدد الرئيس الأمريكي ترامب في وقت سابق  بفرض العقوبات الاقتصادية على أنقرة إذا هاجمت أكراد سورية، إلا إن الرئيس التركي أردوغان تراجع عن ذلك  منفذاً أوامر واشنطن، التي أجبرته على الخنوع أمامها والتقيد بتنفيذ أوامرها المتعلقة بإنشاء المنطقة الآمنة في شمال سورية بعرض أكثر من 30 كم على طول حدودها داخل سورية، على أن تسيطر عليها بالكامل وتنسحب منها وحدات حماية الشعب الكُردية، التي تصنّفها منظمة إرهابية.

في هذا السياق أعلنت تركيا قبل عدة أيام أن أنقرة اتفقت مع واشنطن على إقامة مركز عمليات مشترك هدفه الأساسي إدارة التوترات بين المقاتلين الأكراد والقوات التركية، بالإضافة إلى إقامة مركز عمليات مشترك في تركيا لتنسيق وإدارة تطبيق المنطقة الآمنة بالاشتراك مع أمريكا في شمال سورية . 

 بالمقابل أعلنت وزارة الخارجية السورية، رفض سورية القاطع والمطلق للاتفاق الذي أعلن عنه الاحتلال الأميركي والتركي، حول إنشاء ما يسمى بالمنطقة الآمنة، وقال بيان شديد اللّهجة صدر عن الوزارة "إنه يشكل اعتداءً فاضحا على سيادة الأراضي السوريّة ووحدتها، وانتهاكا سافراً للقانون الدولي".

في السياق نفسه هدفت أنقرة من هذا المشروع في محاولتها وضع يدها على مناطق جديدة في سورية تعيد إليها اللاجئين السوريين لديها، كما يعتبر خطة بديلة بعد أن فشلت الجماعات الإرهابية التي دخلت الأرض السورية في تنفيذ مخططاتها وأهدافها، وستكون هذه المنقطة أمنية تحت سيطرة الاحتلال التركي لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يُعتبر إردوغان أحد قادته.

بالتالي يُخطئ أردوغان إذا اعتقد أن إقامة المِنطقة الآمنة، وبالتّنسيق مع أمريكا سيمُر بيسر وسهولة، لأنّ هذه المِنطقة التي سيتم اقتطاعها تضُم الاحتياطات النفطيّة والغازيّة السوريّة، وأكثر الأراضي خُصوبة في البلاد، كما يُخطئ أكثر إذا اعتقد أن الجيش السوري لا يملك خِيارات التصدّي لها، خاصة أن كل رِهاناته على إسقاط النظام السوري كانت خاطئة وأنها تقوم على حسابات سياسيّة وعسكريّة غير دقيقة، فهُناك الحليف الروسي، وهُناك ورقة مدينة إدلب، وقد يكون الهجوم لاستعادة هذه المحافظة أحد الخيارات في هذا الصدد كردٍّ أولي على إقامة المِنطقة الآمنة، مما يخلق أزمات ومشكلات عديدة لتركيا وأبرزها تدفّق ملايين اللاجئين عبر حدودها.

مجملاً.... لم يبقى أمام أردوغان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن يتراجع عن سياساته الداعمة للقوى المتطرفة وأدواتها، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية التي تهدف لمواجهة الإرهاب من خلال وقف الدعم اللامحدود الذي تقدمه للتنظيمات المسلحة و وقف تدخلها في الشؤون الداخلية السورية ولا بد من الحِوار مع دمشق، وتعزيز التعاون مع طهران وبغداد، وعدم الثّقة بأمريكا كحليف، طعَنت تركيا في الظهر أكثر من مرة، ودعمت خصومه الأكراد بالمال والسلاح المتطور جداً.

 وأختم بالتساؤل التالي: هل ستجر أنقرة وواشنطن ذيول الخيبة والهزيمة والذل في سورية؟ وهو الثمن الذي ستدفعانه نتيجة أخطاءهما في سورية وسعيهما الفاشل لإسقاطها، وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب على تركيا وأمريكا إعادة النظرة في الرهانات السياسية الخاطئة قبل فوات الأوان خاصة بعدما بدأ الجيش العربي السوري يزداد تقدماً إلى الأمام ويلقن العدو الدروس في الصمود والثبات، لذلك فإن الأيام القليلة القادمة ستشهد مفاجآت مهمة تعمل على قلب الموازين في المنطقة بأكملها.

[email protected]