اللآلئ المنثورة بقلم:محمد إدريس
تاريخ النشر : 2019-08-09
اللآلئ المنثورة ..

لا يضير اللالىء إن كانت منظومة أو منثورة ، لا بل إن اللالىء المنثورة أجمل ، وأكثر سحرا ، حيث جاء ذكرها في القران الكريم دلالة على تميزها ، وعلى شدة جمالها.
" ويطوف عليهم ولدان مخلدون اذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثورا " .
من هنا جاءت فكرة قصيدة النثر، حيث تستطيع اللغة العربية أن تبرز جواهرها وأن تظهر لآلئها بكلتا الطريقتين ، ولا يضيرها إن كانت منظومه أو منثورة.
لقصيدة النثر شروطها وقواعدها الخاصة ، ولا بد لمن يريد التصدي لكتابتها أن يلم بهذه الشروط ، وهذه القواعد .
من هذه الشروط مثلاً : المقطعية ، والايجاز والتكثيف ، والتوهج ، والوحدة الموصوعية ، واخيراً اللاغرضية أو المجانية .
وهي شروط بسيطة لمن يمتلك الموهبة والثقافة اللغوية المناسبة .
كما أن لهذه القصيدة موسيقاها الداخلية الخاصة والمميزة ، التي تنبع من تتابع جملها ، وانسياب كلماتها .
الحكم على جودة أي قصيدة سواء منها المنظومه أو المنثورة ، هو بمقدار السحر والجمال اللذين ينتشران في ثنايا كل منهما .
كما أن ثقافة الشاعر مهمة جداً ، حيث تنعكس هذه الثقافة في كل جملة من جمله ، وفي كل مقطع من مقاطع شعره .
أما إحساس الشاعر بالجمال ، سواء كان جمال الطبيعه أو جمال الانسان ، فهو من الأهمية بمكان ، حيث يضفي ذلك على الشعر المزيد من التألق ، والمزيد من الغواية .
والشاعر الذي يندغم مع هموم الجماعة - على رأي صديقنا الدكتور إبراهيم الوحش - أفضل من الشاعر الذي لا يهتم إلا بمشاعره وهمومه الذاتية .
عندما يرتقي النثر يصبح شعراً ..
وعندما يهبط الشعر يصبح نظماً .
واستخلاص الشعر من النثر ليس بالمهمة السهلة ، ولا البسيطة ، حيث يحتاج الأمر الى الكثير من المهارات ، والكثير من المواهب .
لكل شاعر لغته الخاصة ، وأسلوبه المميز ، كما أن لكل شاعر فلسفته ورؤيته الخاصة لهذا الكون ، حيث يتجلى كل ذلك في شعره ، وفي فكره ، وفي خياراته .
الرسم بالكلمات هو أحدث الطرق لكتابة الشعر ، حيث يرسم الشاعر لوحاته بالجمل والكلمات ، بدلا من الريشة والألوان !
كما أن مياه اللغة العربية عميقة وواسعه ، فيها الكثير من الجواهر ، وفيها الكثير من الدانات ، إلا أنها عصية على الاختراق ، إلا لمن يجيد السباحة في بحورها ، أو يتقن الغوص في أعماقها .

محمد إدريس
شاعروكاتب فلسطيني معاصر