معركة الكم مع الكيف بقلم: عصام إدريس
تاريخ النشر : 2019-08-06
معركة الكم مع الكيف بقلم: عصام إدريس


هل يتوجب عليك أن تقدّر مهاراتك وان تطالب بمعاملتك بما يليق ببذلك ؟ أم أن هذا يُعد من قبيل الطمع؟
هل من المنطقي أن يطالب أحدهم بأجر أكثر من زملاءه العاملين في نفس نوعية الوظيفة وفي ذات المؤسسة؟
هل الاستغلال يشمل الفروق الفردية بين تقدير أداء الأشخاص؟
هل المؤسسات التي تضع سياسات مادية ثابته وصارمة فب تعاملها ، تعد من المؤسسات الجاذبة أم الطاردة للكفاءات؟
لعلك عزيزي القارئ ، قرأت هذه القصة قبل الآن أو سمعتها.
تقول القصة :
"تعطل محرك سفينة عملاق، فاستعان اصحاب السفينة بجميع الخبراء الموجودين، لكن لم يستطع أحد منهم معرفة كيف يصلح المحرك ..
ثم أحضروا رجل عجوز يعمل في إصلاح السفن منذ أن كان شابا، كان يحمل حقيبة أدوات كبيرة معه، وعندما وصل باشر العمل، فحص المحرك بشكلٍ دقيق، من القمة إلى القاع. كان هناك اثنان من أصحاب السفينة معه يراقبونه، راجين أن يعرف ماذا
يفعل لإصلاح المحرك.
بعد الإنتهاء من الفحص، ذهب الرجل العجوز إلى حقيبته وأخرج مطرقة صغيرة وبهدوء طرق على جزء من المحرك.
وفوراً عاد المحرك للحياة وبعناية أعاد المطرقة إلى مكانها.
أصلح الرجل المحرك !
وبعد أسبوع استلم أصحاب السفينة فاتورة الإصلاح من الرجل العجوز ، وكانت عشرة آلاف دولار!!!!
أصحاب السفينة هتفوا “هو بالكاد فعل شيئاً” لذلك كتبوا للرجل العجوز ملاحظة تقول “رجاءاً أرسل لنا فاتورة مفصلة.”
أرسل الرجل الفاتورة كالتالي :
الطرق بالمطرقة ……………$1.00
معرفة أين تطرق……………$9999.00"
إنها المعرفة والمهارة وليس الجهد.
الجهد مهم، لكن يجب معرفة أين تبذل الجهد في حياتك"
إننا إن افترضنا المساواة بين الشخص الماهر وغير الماهر بداعي التساوي الكمي في المهام المؤداه ، فإننا نوجه نحو تعطيل الابداع وقتل روح المبادرة ، ونحجب الأشخاص من تحفيزهم نحو التطوير ، ونحتكم للكم دون الكيف.
لو افترضنا أن طبيبًا بارعًا يحدد مقابلا ماديا معينًا للكشف في عيادته، مساويا لذلك الذي يحدده جاره الطبيب الأقل براعه ، فإننا بصدد قتل أحد دوافع تطوير الذات ، والسعي نحو التميز؟ وبعد فترة قليلة سيكون لدينا سيل من الأطباء غير الأكفاء.
إننا في حال التصنيف غير القائم على مبدأ الكفاءة ، نرسخ فكرة الوظيفة الحكومية التي من الممكن أن يكون يكون فيها القائد أقل كفاءةً وفاعلية وأقل حظا من المهارات والمعارف بل وأحيانا حتى الخبرات، في حين أن مرؤوسيه يتمتعون بوفرةٍ من ذلك كله .
ذلك الطبيب المتميز أنفق كثيرا من وقته وجهده وماله ، واستهلك طاقاته الفكرية واستثمرها، من أجل الوصول إلى ميزة السمعة التي تنفق لأجل تحقيقها المنظمات الكثير ، لذلك من المجحف أن نساويه بغيره من الأطباء النمطيين.
إن ادبيات ريادة الأعمال تشير الى اعتماد المنظمات الريادية، آليات متعددة لتفعيل قدراتها التنافسية، وأدوارها الريادية، من بينها تمكين العاملين بها، ومن بين أهم تلك الآليات دائما سنجد سياسات التحفيز، القائمة على مبدأ الكفاءة والفاعلية، حاضرةً في تناول الباحثين والكتاب المتخصصين بل وحتى العلماء.
قد يعترض فكري الآن التذكير بالدور الانساني للطبيب ،أو رسالة الطب السامية ، لكني أجد ان تميزه يدفع أكثر نحو أداءه لرسالته، فالكثير من نجوم المجالات المختلفة، و التي تعتمد على المهارات، يسهمون في أداء أدوار تكافل اجتماعية كثيرة ومتعددة دون الحاجة للإعلان عن ذلك ، فماذا لو أننا حددنا حجم تعاملاتهم
، ووضعناهم رهن حدود معينة ، هل كان من المتاح أن يؤدوا ذات الأدوار؟ انها باختصار تنافسية الكم أو الكيف.....
عصام إدريس