نينا والذّئاب البشريّة (5) بقلم:مصباح(فوزي)رشيد
تاريخ النشر : 2019-08-06
نينا والذّئاب البشريّة (5) بقلم:مصباح(فوزي)رشيد


مصباح(فوزي)رشيد

***

أنا الآن بين أمرين أحلاهما مر ؛ 

إمّا أن أتشجّع وانسحب من المشهد الأخير قبل فوات الأوان ، وأنجو بنفسي ، وتتحمّل هي كل الآثار النفسيّة المترتّبة عن هذا الانسحاب .  

أو أكمل مشواري معها وما تبقّى لي منه . 

قصّة غريبة ؛ بطلتها بنت ضائعة  ترتجي قلبا يحضُنَها . و ما من قلبين في جوف واحد - أو كما جاء في الحديث -  . عندها يتحتّم عليّ تقبّل كل الآثار الوخيمة التي قد تنجم عن الانجرار وراء لعبة العاشقين " المشبوهة " ، هذه التي ستفقدني ثقة الزوجة والأبناء وتبعدني عنهم .

 وما ذنب الزّوجة المغبونة والأبناء الأبرياء في كل ما يحصل و يتعرّض له الآباء ؟.

أصبحت أرى نفسي عبارة عن مهرّج  أو دمية " قرقوز " ، تعبث بمصيرها ( نينا ) ومن معها خلف السِّتار .  

لست مغفّلا إلى هذا الحد ، ولن أقبل بالدّور الذي يريدونه لي .  

خرجنا نتفسّح ، عروسان في شوارع المدينة ، لا يخصّنا سوى فرقة موسيقيّة تتبعنا ، ونحن نرقص على إيقاع إحدى أجمل  أغانيها ، وجلسنا جنب نافورة ، " نافورة العشّاق ( تريفي ) في روما " ، فقامت تردّد بعض ما تحفظه من أغاني بكل اللّغات ، الشرقية والغربية وحـتّى الهندية ، ممّا كانت تردّده كل ليلة حين تحلم بفارس أحلامها قد جاءها ليخلّصها من عذاب كانت فيه ، " نينا يا نينا .. حبّيناكِ حبّينا " ، ثم فجأة في الطريق ،  توقّف شخص غريب بعربيّة نظيفة ، فتمسّكتْ بي : " أرجوك لا تنظر إليه " . 

لكن صاحب العربية  ألحّ في طلبها ولم يغادر مكانه .

 لم تجد ( نينا ) بدّا من  الذهاب إليه ، ودار حوار طويل بينهما وبقيتُ أنا " ملاكها الحارس " أراقب المشهد من بعيد وأردّد الصلاة تلو الصّلاة خشية أن يصيبها مكروه . 

اِطْمَأَنْتُ أن ليس هناك ما يبعث على الخوف والقلق ، حين رأيت الشّخص الغريب كالطفل الوديع يسلّمها قصاصة أخرجها من جيبه ، فدسّتها البنت في حقيبة يدها محاولة إخفائها عنّي . عادت متفائلة من بعد خوف استفزّها ، كأن لم يكن هناك شيء يحملها على الفزع ؛

 " ما قصّتكِ مع كل هذه  القصاصات يا بنت الحلال ( نينا ) ؟اا " - قلتها في نفسي ولم أبدها لها .   

لم تعد  ( نينا ) بتلك البراءة كما كنت أتصوّرها ، بعدما حاولت إيهامي بقصص اختلقتها لتبعد عن نفسها كل التّهم .

يبدو أن البنت تعمل على استدراجي إلى مربّع النّهاية الخطير لتحقّق ماتصبو إليه وتفوز في الأخير ، ولا يهمّها إن وقعتُ ، أنا السّاذج والفريسة السّهلة ، في شباك ألاعيبها، وهذا ما كنت أخافه وأحذر منه . 

 راحت تغريني بجملة من الوعود ؛ أنّها خيّاطة ماهرة وتتقن فن التطريز والحياكة وتعدني بفتح  صالون بيع مربح لأنواع " قنادر " القفطان والقطيفة الغاليّة ... قاطعتها " متهكّما " :

 " متى هذا يا نينا  ؟ " . 

ردّت بسرعة بديهة خارقة :"  بعد عودتنا من شهر عسل نكون قد قضيناه في تونس  ". 

إذن هذا هو مرادُكِ منذ البداية يا " لَلاَّ " ؛ 

لا يعنيكِ سوى البحث عن سعادتِكِ وفرحتِكِ ، حتى ولو كان ذلك على حساب بؤس وشقاوة أسرة بكاملها . " ربِحْتَ وترِبتْ يداك يا سي رشيد " - هههه - 

وماذا بعدها ؟  وما رأيكم أنتم أيّها السّادة  ؛ أستمرُّ في لعب دور الكومبارس . أو أكتفي بنفسي ، فلا يهمّني قربها ولا يؤلمني بعدها ؟ 

شخصيّا لم أعد أعرف شيئا . غير أن الدنيا ممتلئة بالكذب والنّفاق - كما قال أحدهم -