و أكلنا الخروف بدونه بقلم : حمدي فراج
تاريخ النشر : 2019-08-05
و أكلنا الخروف بدونه بقلم : حمدي فراج


و أكلنا الخروف بدونه 5-8-2019
بقلم : حمدي فراج
يخوض اليوم نحو عشرة اسرى اداريين اضرابهم المفتوح عن الطعام احتجاجا على هذا الشكل من الاعتقال التعسفي الذي لا يعرف فيه الاسير شيئا عن التهم الموجهة اليه ولا عن الفترة التي سيقضيها وراء القضبان ، رغم انه يمثل امام المحاكم العسكرية ويتوكل عنه محامي مرخص تنتدبه في الغالب هيئات شؤون الاسرى ، لكن المحامي ، شأنه شأن الاسير ، لا يعرف بدوره اي شيء عن التهم المنسوبة لموكله .
يقبع اليوم نحو خمسمائة اسير فلسطيني رهن هذا النوع من الاعتقال ، ولا يوجد لدى منظمات الاسر الحقوقية احصائيات دقيقة عن الاعداد وعن المدد التي يقضونها في السجن ، لكن الحقيقة المؤكدة هي انه قل ان تكتفي المخابرات الاسرائيلية التي تضطلع بهذا الاجراء بفترة حكم واحدة ، بل تطلب التمديد مرة ومرتين وثلاثة حتى يناهز الحكم في الكثير من الحالات عدة سنوات .
لوحظ ان الاجهزة الاسرائيلية تلجأ الى هذا الاجراء خلال أزماتها ، اي خلال الانتفاضات والهبات والتململات الشعبية الفلسطينية ، حيث تخضع لضغوطات العمل ، التي لا تبدأ من لحظة الاعتقال التي تسبقها بالطبع عمليات المراقبة والملاحقة والتجسس (جمع المعلومات) ، يتبع عملية الاعتقال ، عملية التحقيق ، ثم عملية كشف الشهود ومواجهتهم ، ثم اعداد لوائح الاتهام واخيرا عملية التقاضي .
في الاعتقال الاداري تتخلص اجهزة الدولة من كل هذه الاجراءات تقريبا ، يزج به في السجن بمجرد اعتقاله ، ويبلغ بقرار الاداري لمدة ستة اشهر ، يبلع الأسير الحكم ، ويرضى بحكم الله ، لكن عندما يجدد قبيل نهايته بيوم او أكثر ، واحيانا في نفس اليوم – حدث هذا مع أخي جمال بعد ثلاث سنوات من الاعتقال الاداري ، اتصل بنا رفاقه من سجن النقب ، انهم في يوم انتهاء مدته ، قد حضر السجانون وأخرجوه ، وفي كل ساعة تمضي كانوا يعيدون الاتصال لتأكيد عدم اعادته ، ولما قارب النهار على الانتصاف ، تأكدنا انهم قد اطلقوا سراحه ، فقامت عائلته بذبح خروف واعداده مائدة له وللمهنئين ، وفي ساعات المساء ، اتصل هو ليبلغنا انهم اعادوه الى السجن بقرار اداري جديد مدته ستة أشهر . – واين كنت طوال اليوم ؟ قال : باب السجن .
قيادات السجون ، لا تحبذ هذا الاضراب الفردي الذي قد يستمر اسابيع وأشهر ، لكن منذ الهبة الاخيرة قبل اربع سنوات ، بالكاد يمر شهر واحد ، دون ان يقوم اسير اداري واحد على الاقل بإعلان اضرابه المفتوح عن الطعام ، لكن بعد ذلك بالكاد يمر يوم واحد دون ان تقوم كوكبة في اكثر من سجن بالاضراب عن الطعام ، وقد لوحظ ان الاجهزة الامنية ترضخ لمطالبهم قبل ان يتم نقلهم الى المستشفيات . فهل هي مقدمة لإلغاء الحبس الاداري عمليا ؟ . رسميا ، كان يجب على المفاوض الفلسطيني القيام بهذه المهمة قبل توقيع اتفاقية اوسلو . ولكن ، ما الذي التزمت به اسرائيل من بنود تلك الاتفاقية ؟