قرار جائر... يا حكومة!
بتاريخ 31/7/2019 بالعدد رقم172من الجريدة الرسمية نُشر قرار وزاري مكون من ثلاث مواد مفاده فرض ضريبة على كل راكب يغادر مصر بطريق الجو مقابل الخدمات التي تؤدى له بالموانئ والمطارات المصرية بالفئات الأتية:
الأولى: مبلغ(25) دولار أمريكياً عن كل راكب مغادر على رحلات الخطوط الجوية المنتظمة ورحلات الطائرات (الشارتر) مقابل الخدمات التي تؤدى إليه.
الثاني: مبلغ(5) دولارات أمريكية عن كل راكب مغادر على رحلات الخطوط الجوية الداخلية مقابل الخدمات التي تؤدى إليه.
الثالث: زيادة رسوم الهبوط والإيواء والانتظار بنسبة (15%).
وجاءت المادة الثالثة من هذا القرار لتفسر ما أجُمل بالمادة الأولى وذلك بنصها على أن التحصيل يكون بالدولار أو ما يعادله من العملات الأجنبية أو المحلية وفقاً لما تنص عليه المادة الأولى من القرار الوزاري رقم136 لسنة 2013م.
ويعمل بالقرار اعتباراَ من تاريخ 15/11/2019م.
وبعيداً عن الجدل القانوني ومدي مؤامة القرار من الناحية الدستورية من عدمه فما يعنيني في هذا المقام هو الجانب الموضوعي والاجتماعي فالغالبية العظمي من المصريين العاملين بالخارج لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي يعملون في أعمال بسيطة ويتقاضون أجور زهيدة وبالتالي فهم لا يستطيعون جلب أسرهم للإقامة معهم لصعوبة الحياة المعيشية بالدول التي يعملون وتدني الرواتب التي يحصلون عليها علاوة على استغلالهم استغلال سيئ من جانب أصحاب العمل أو ما يطلق عليه نظام الكفيل في تلك الدول, وبالتالي هم دائمي السفر للإتقاء بأسرهم في ظل ارتفاع أسعار تذاكر السفر من جانب شركات الطيران, فليس من المقبول أن تأتى الدولة لتزيد الطين بلة وتفرض على هؤلاء المغتربون نتيجة عوامل الطرد بسبب أداء حكومي فاشل على مدى عقود طويلة تحمّل نتائجها ومغبتها المواطن البسيط الفقير والذي طالبته الحكومات المتعاقبة منذ عام1967 بأن يربط وحده الحزام ولا يزال حزامه مربوطاً حتى الآن رغم الوعود المتكررة بأنه قريباً سوف يخرج من قوقعة الضنك والضيق والفقر إلا أنه لا يزال حبيس قوقعته وفقره ومع ذلك تتعقبه الحكومة حتى بعد مغادرته أرض الوطن مجبراً فأقسمت ألا تتركه ففرضت عليه رسوم استخراج أذن عمل يسدد من خلاله مئات الجنيهات في كل رحلة سفر إلى مصر والعودة منها فضلاً عن مصاريف تجديد بطاقة الرقم القومي أو شهادات ميلاد أو تجديد رخص قيادة أو توثيق مستندات من أجل استمرار العمل بالدولة التي يعمل بها ثم حينما يذهب إلى الدولة جهة عمله يُطلب منه توثيق المستندات عبر القنصلية المصرية بالخارج, وغير ذلك من مصاريف وضرائب اثقلت كاهل المغترب الذي ساقه حظه العثر إلى السفر وكأنه أستجار بالرمضاءِ بالنارِ.
والقرار في ظاهره ينطوي على جانب سياحي خصوصاً الشارتر والرحلات الداخلية فلن يضار منه السائح العربي أو الأجنبي الذي يأتي إلى مصر للمتعة والترحال وقد أعد عدته لمثل هذه الرحلات, ولكن فيه ظلم بيّن للعامل المصري بالخارج الذي قد يدفعه الحنين إلى السفر لرؤية وطنه وأولاده وعائلته خصوصاً في المناسبات الدينية فلا يعقل أن يعامل معاملة السائح ويحصّل منه مبلغ خمسُ وعشرونَ ديناراً أمريكياً أو ما يقابلها بالجنيه المصري وهو ما يعادل أربعمائة وخمسون جنيه مصري تقريباً في كل رحلة عودة من مصر لجهة عمله – ولربما يكون المسافر المصري مصطحباً معه زوجته وأولاده فسيكبده هذا القرار في كل رحلة مبالغ باهظة علاوة على تكاليف تذكرة السفر وتوابعه – حينئذٍ سوف لا يكون أمام العامل بالخارج إلا إحدى أمرين أما أنه يترك أهله ووطنه وينقطع عن السفر إلى مصر ويظل قابعاً في بلد العمل وحينها تتحمل الحكومة ذنب قطع صلة الأرحام وتفاقم حالات الطلاق, أو أنه يعود لأحضانكم وعليكم كحكومة أن توفروا له ولأسرته وأولاده الحياة الكريمة مثلما تفعل كل دول العالم برعاياها وبلاها (شحططة) وسفر غدواً ورواحاً ومصاريف وفرض ضرائب ومكوس بسبب الحكومات الرشيدة المتعاقبة وقرارتها العشوائية غير المدروسة.
قرار جائر.. يا حكومة!بقلم: إسماعيل عبد الهادي إسماعيل
تاريخ النشر : 2019-08-03
