المجري الجزء العاشر بقلم: إبراهيم عطيان
تاريخ النشر : 2019-08-03
المجري الجزء العاشر بقلم: إبراهيم عطيان


الجزء العاشر

ما أشبه الليلة بالبارحة؛ لقد ترك نادر المكان دون أن يُعْلِمَ أحداً بوجهته الجديدة كما فعلها من قبل حين اختار أن يتألم وحده بعيداً عن محبوبته نور؛ فترك بيته في جنح الليل ذاهباً إلى مسكنه الجديد بالقرب من الجامعة؛ بدافع عقلي حتى لا يتسبب في مكروه
قد يُلِمَّ بنور التي لم تدَّخِر جهداً في إسعاده.
لكن الاختلاف هذه المرة؛ أن قسوة شجن كانت دافعه للهجرة وترك المكان خلافاً لما سبق.
ترك نادر المكان سراً لكن صديقه حسام لم يترك مكاناً
إلا بحث فيه عن صديقه نادر حتى لاحظ على أخته ارتياحاً غريباً بعد اختفاء نادر بشكل مفاجئ!!!
فسألها متعجباً:
لما كل هذه السعادة ونحن لا ندري ماذا حدث لنادر؟!
ربما أصابه مكروه!
فأدارت وجهها وخرجت دون أن تجيبه، ما زاد من حيرة حسام ودهشته!
الدهشة هنا لن تفيد فلابد من البحث عن صديقه فلم ينتظر كثيراً حتى ذهب ليسأل عنه في مكان اعتاد أن يتواجد فيه.. فربما وجد حسام طريقة للعثور عليه.
فأخبره صديق أخر بأنه قد شاهد شجن تتحدث مع نادر بقسوة وانفعال واضح دون أن يعرف ماهي المشكلة لأنه لم يستمع لما دار بينهما.
بعدها خرج نادر ولم يعد للمكان ثانية!!
ازدادت دهشة حسام حين علم أن شقيقته شجن قد تكون سبباً في اختفاء نادر، فعاد إليها سريعاً كي يسألها عن السبب.
فأجابته شجن بانفعال دون تردد قائلة: اسمع جيداً يا حسام
لا يجب أن يكون لك أصدقاء من هذا النوع!!
تألم حسام مما قالته أخته عن نادر بعدما شعر بظلم كبير في حكمها الصادر على شاب أرهقته الصدمات؛ فأسرع نحو خزانته ثم أخرج منها دفتراً ألقاه أمام شجن
قائلاً: هذا هو نادر.
اقرأي وتأملي حياته المليئة بالمطبات.
شعرت شجن بشيء من الحزن حين نظرت في مذكراته ثم عادت للهدوء وأعادت النظر مرة أخرى في نادر فربما أخطأت فيما فعلته بعدما كشف حسام النقاب عن سر حياة نادر بهذه الطريقة،
وأن ما رأته سابقاً لم يكن انعكاساً حقيقياً لشخصيته، إنما هي محاولة للهروب من الحزن، حين قال: أعلم أنها طريقة خاطئة
لا يمكن الاعتماد عليها في تخطي تلك المطبات، كما أعلم جيداً أن طبيعته وأسلوب تربيته لن يسمحا له بالبقاء طويلاً في هذا المنحدر الفكري والاستمرار في هذا الطريق المظلم.
فأجابته شجن إن كان نادر كذلك فلما لا تحاول الاتصال به لتعرف مكان تواجده؟
هي في الحقيقة لا تعلم أن نادر قد تخلص من رقم هاتفه
حتى لا يعثر عليه حسام، كما أنها لا تعلم بأنه حاول مراراً وتكراراً لكن دون جدوى أو فائدة.
قالت شجن لأخيها بكل هدوء وبساطة: لقد حاولت العثور عليه ولم تجده، لكنك الأن قد علمت أن صديقك بخير؛
فلماذا تفكر به كثيراً؟!
من الأفضل يا حسام أن تعتني بنفسك وتتركه وشأنه فهو لم يعد طفلاً يُخشى عليه!!
تكررت محاولات حسام في العثور على نادر وتحديد مكانه لكنه لم يفلح حتى مرت الأيام والشهور
اشتد الخلاف بين حسام وشجن بسبب غياب نادر،
حتى بدأت شجن تشعر بالذنب.
كلما رأت الحزن على وجه حسام ازدادت ألماً لكنها لا تعرف ماذا يمكنها فعله الأن لتصحيح الخطأ الذي ارتكبته
في حق أخيها حسام وصديقه الغائب منذ فترة.
بدأت تعاتب نفسها؛ فربما كانت هناك حلولاً أخرى لتقويم نادر بدلاً من القسوة والجفاء.
علمت أنها لم تستطع تقدير الموقف كما يجب وأن خطواتها لم تكن محسوبة في تلك اللحظة.
وما زاد شجن شعوراً بالذنب هو استجابة نادر السريعة لطلبها وابتعاده دون مناقشة أو جدال!!
هذا التصرف كان كفيلاً بتغيير فكرة كانت راسخة في ذهنها تجاه نادر بعد أن أعادت النظر والتفكير بتمعن وهدوء؛
فعلمت أنه لم يكن أبداً بهذا السوء !!
فكيف لشخص بتلك الحماقة التي تخيلتها أن يفعل هكذا؟!
فبدأت تحدث نفسها بشيء من الندم والشعور بالذنب على ما اقترفته من خطأ في حقه
قائلة: وما الفائدة من ذلك؟!
لقد أخطأت في تقديره لكني لا أجد الحل لتصحيح الخطأ.
فقد فات الأوان وربما قضي الأمر وضاع الأمل في العثور على نادر بعد أن مرت أشهر دون جدوى برغم محاولات حسام المستمرة في البحث عنه لكن المحاولات جميعها آلت إلى الفشل..
وهذا ما جعل شجن تتصرف بشيء من العصبية والتوتر.

تابعوا أحداث جديدة في منشورات قادمة

بقلم: إبراهيم عطيان