أميركا..هل يمكن تجاوزها؟!
خالد صادق
استعداد بعض الدول العربية لاستقبال مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير, يشبه تماما استعداد تلميذ «راسب» لتقديم امتحان نهائي, فبعض الدول العربية التي أجبرت على التعاطي مع صفقة القرن على حساب وضعها الداخلي كالأردن مثلا, حائرة بين إرضاء الإدارة الأمريكية, وحالة الغضب في الشارع الأردني من التعاطي مع الصفقة, فالأردن لا يرغب في توطين اللاجئين الفلسطينيين, ولا يرغب بكونفدرالية معهم, ولا يرغب في إغضاب قيادة السلطة الفلسطينية من خطوات سياسية أحادية تتخذها الأردن لا تتوافق مع الرؤية التي تطرحها السلطة للحلول السياسية, لذلك تعددت اللقاءات بين ملك الأردن, ورئيس السلطة محمود عباس, ومسؤولين فلسطينيين وأردنيين للبحث عن مخرج للازمة, بحيث يمكن تجاوز امتحان الإدارة الأمريكية بعلامة مقبول على الأقل, حتى لا تنعكس نتيجة هذا الامتحان على علاقة المملكة الأردنية بالإدارة الأمريكية, وتتسبب في إحداث فجوة قد تؤثر على العلاقة بينهما, خاصة ان الأردن يحتاج دائما إلى المعونة الأمريكية المالية والعسكرية والأمنية, كي يتغلب على أزماته, ويضمن استقراره الداخلي الذي قد تزعزعه أميركا في أية لحظة.
كوشنير قال انه سيزور ست دول عربية, وسيطلعها على بعض تفاصيل ما تسمى «بصفقة القرن», فعلى ما يبدو ان الإدارة الأمريكية ارتأت ان تبدأ في طرح الصفقة على بعض الدول العربية التي لها تأثير على السلطة الفلسطينية, بمعنى ان هذه الزيارة تنسيقية وتأتي في سياق التحضير لطرح «صفقة القرن» مع ان الانطباع في المؤسسات الأردنية كان بان الإدارة الأمريكية قد لا تعلن مسارا سياسيا لصفقتها قبل الانتخابات الإسرائيلية التي تبدأ في شهر أيلول وتنتهي عمليا في مطلع شهر نوفمبر, لكن نتنياهو يريد ان يستغل انجاز الصفقة لصالحه في حملنه الانتخابية, خاصة ان فرص نجاحة في الانتخابات ليست مضمونة, وان هناك تحالفات تنشأ لدى الكيان لإسقاطه في أي انتخابات قادمة, والورقة التي تخدم نتنياهو وتساعده في الانتخابات, هي «صفقة القرن» التي تصب في صالح الإسرائيليين وتحقق رؤيتهم للحل النهائي, والتطبيع الذي يتزايد يوما بعد يوم مع الدول العربية, وخاصة تلك الدول المؤثرة في المنطقة, والتي تتحكم في اقتصادها وسياستها, وما جاء به كوشنير للمنطقة ليس محل تفاوض وتشاور مع احد, إنما هو عرض لما سيحدث في المستقبل القريب سياسيا.
الدول العربية لا تتخيل انه يمكن تجاوز الإدارة الأمريكية وقراراتها السياسية, حتى وهى تعلم ان هذه القرارات في غير صالحها, وما يؤكد ذلك ما تحدث عنه دبلوماسي إيراني عبر قناة الجزيرة, بأن إيران حصلت على معلومات مؤكدة بأن الإدارة الأمريكية تخطط لحدث ما في إحدى الدول الخليجية, فتم التواصل مع هذه الدولة بشكل رسمي وإبلاغها بالمخطط الأمريكي, فكان الرد من تلك الدولة الخليجية «بأننا لا نملك ان نفعل شيئا لأمريكا, والله غالب, هي قوية وباغية, ونحنا مو قدها», فما ظنكم بموقف الدول العربية من «صفقة القرن»؟ هم يعلمون أنها تستهدفهم مباشرة, لكنهم لا يستطيعون رفضها, حتى وان كان هذا على حساب شعبهم وخيراتهم وأراضيهم, فهم يرون في أنفسهم أنهم اصغر بكثير من تحدي أميركا «وإسرائيل» لذلك كفلسطينيين لن ننتظر شيئا من الدول العربية, فنحن أخذنا على عاتقنا مسؤولية إفشال ما تسمى «بصفقة القرن» وهذا سيأتي بوحدة الموقف الفلسطيني, وبتعدد خياراتنا في مواجهة الاحتلال ومخططاته, وفي توافقنا على برنامج وطني يحكم العلاقة بين السلطة والفصائل الفلسطينية, بذلك فقط يمكن ان نتجاوز أميركا ونتجاوز صفقتها المشؤومة, حتى ولو تجند العالم كله معها.
أميركا..هل يمكن تجاوزها؟!بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2019-08-01
