البوْحُ الصّامت للمرايا..
عطا الله شاهين
حين وقفتْ تلك المرأة أمام المرآة لتتمعّن في وجهها، بعدما تأكّدتْ بأنّ مجاملةَ صديقتها لها فيها الكثير من الشّكِّ، وقالت ها هو بوح المرآة يبوح بكلّ صمتٍ عن جمَالٍ وجهي، رغم بعض التجاعيد، التي أراها هنا تحت ضوء أبيض، وانتقلت إلى مرآة أخرى لترى بماذا ستبوح لها، وحين وقفتْ أمامها رأتْ وجهها يشبه ذاك الوجه، الذي رأتْه قبل لحظاتٍ أمام المرآةِ الأخرى في غُرفةِ الصالون، وكانت تبوح لها بصمتٍ عن كلّ ملامح وجهها، وقالت: يا لبوْح المرأيا الصّامتِ بدون مواربةٍ، فهي تبوحُ بكلِّ ما عندها من وصفٍ مجنونٍ لوجهي، فهي تعكسُ وجهي كما هو بكلّ تفاصبله، وراحتْ تقف أمام مرآة ثالثة وكلّها عكست ذات الصّورة، فالصديقاتُ يوم أمس كُن يُجاملنني، وكأنّهن أردن أن أصدّقَ كلامهن عن جمَالِ وجهي ونضارته..
وبعد مرورِ وقتٍ قصيرٍ عادتْ إلى غُرفةِ الصّالون، وجلستْ على الأريكة، وسرحت بتفكيرها قليلا، وقالت: بوح المرايا يكفي، رغم صمتها، إلا أنها كانت تبيّن كلّ بداية هرمي، فلم أعدْ أصدق أي بوحٍ، حتى بوح حبيبي، الذي يظل يقول لي ما زلت صغيرة، ففي بوْحِه كذب، ها أنا قبل قليل وقفتُ أمام المرايا، وكانت تبوحُ كل شي عن جمَالِ وجهي، رغم عُمري المتقدّم ..
البوْحُ الصّامت للمرايا بقلم:عطا الله شاهين
تاريخ النشر : 2019-07-31
