بلدية غزه تعيد بعث ديمقراطية اثينا من مرقدها بقلم:م طارق الثوابته
تاريخ النشر : 2019-07-30
بلدية غزه تعيد بعث ديمقراطية اثينا من مرقدها
بعد قرابة 2500 سنة على تجربة الديمقراطية الاثينية المنقرضة هاهي اليوم تبعث من مرقدها الاحفورى فى التاريخ الانساني من جديد فى مدينة غزه على يد بلدية غزه لكن ومع الاسف حتى محاولة بعثها كانت اقل ديمقراطية بكثير من النسخة الاصلية بعد ان اضافت البلدية تعديلاتها عليها لتناسب الثقافة السياسية للعقلية الحاكمة فى قطاع غزه والتى هى فى الحقيقة عقلية فاشية حتى النخاع لا صلة لها من قريب او بعيد بالديمقراطية فقد كانت الديمقراطية الاثينية تمنح لقرابة 50 الف من سكان المدينة الذين فاق عددهم فى حينه 300 الف ساكن حق التصويت والترشح وهؤلاء كانوا يشكلون الطبقة البرجوازية فى المجتمع من تجار واعيان ورجال دين ومفكرين فيما بقي النساء والعبيد خارج هذا الاطار الديمقراطي الاثيني لتتحكم فى مصيرهم تلك الاقلية باعتبارهم الاكثر تفوقا بيولوجيا وعقليا واقتصاديا واجتماعيا وبالتأكيد انسانيا عن باقي سكان اثينا
ان ما حدث فى بلدية غزه هو امر خطير يستدعي وقفة وتأمل طويل فيما وراء هذا الحدث فعلاوة على ان ما حدث يمثل انتهاك فاضح للقانون الاساسي الفلسطينى الذى ينظم طريقة اختيار المجالس البلدية عبر الاقتراع فى انتخابات بلدية يشارك فيها كل سكان البلديات دون تميز او استثناء فان الحدث يعكس بوضوح نهجا فكريا وثقافيا وسياسيا فاشيا رجعيا وتمييزيا الى اقصى الحدود بدا للتوا اول خطواته التطبيقية على ارض الواقع ان هذا النموذج الفاشي الجديد فى ادارة مرافق قطاع غزة والذى يراد له ان يسوق على انه انتخاب ديمقراطي يستحق التصفيق هو فى الحقيقة اول الغيث لنماذج قادمة لن تتوقف حدودها عند البلديات بل ستطال المستويات الاعلى لتصل الى المستوى السياسي اذا لم ينتبه الشعب الفلسطينى الى هذا الفكر الفاشي التمييزى الاقصائي الرجعي الذى بدا لتوه اول خطواته فى شرعنه وجوده كواقع مفروض على الارض وكبديل عملي لغياب الديمقراطية المعطلة فى كل مناحي الحياة فى قطاع غزه منذ العام 2007 بحجة الانقسام الفلسطيني المستعصي على الحل منذ ما يزيد عن عقد من الزمن ومن المؤكد ان تلك العقلية هي احد اهم اسباب ذلك الاستعصاء فتلك العقلية الفاشية لا يمكن لها ان تحتكم لمنطق غير منطقها الاقصائي للأخر وهي لا تتصور اى وجود لها خارج السلطة لكونها لا تؤمن بوجود المعارضة فكيف يمكنها ان تتصور نفسها فى مكان لا وجود له فى قاموسها فالخروج من السلطة يساوى فى اذهان اولئك العدم ليس الا
ان حكم قطاع غزه لمايزيد عن عقد من الزمن بسلطة الامر الواقع الفاشية الدكتاتورية التى تمنع اجراء اى نوع من الانتخابات عامة كانت او خاصة هو فى الحقيقة مافتح شهية اولئك لتقنين فاشيتهم وشرعنتها عبر هذا النمط الاحفورى الانتخابي الذى تفتقت عنه تلك العقلية التى لاتختلف بالمطلق عن نظيرتها التى كانت موجودة فى اثينا قبل 2500 سنة من الان فهؤلاء كاولئك لا يؤمنون بالمساواة والعدالة والحرية بين كل افراد الشعب قثمة سادة يحق لهم مالايحق للعبيد ومطلوب من اولئك العبيد ان يرتضوا واقعهم لابل يصفقوا لسادتهم الملهمين اولئك ويثنوا على حسن استعبادهم لهم وان يمتثلوا بكل رضا وطاعة لقرارات اسيادهم حتى وان جلدوا ظهورهم وسرقوا اموالهم
اننا نتقهقر الى الخلف انسانيا وحضاريا بعيدا جدا عن ركب الحضارة الانسانية وبالتالي بعيدا عن العالم الحر وبرغم ذلك فاننا نتوقع لابل ونطلب من هذا العالم الحر ان يساندنا في قضيتنا العادلة السؤال هل ثمة غباء يفوق غباءنا
م طارق الثوابته