الفيسبوك وشخصنة السلطة! بقلم:عمار جبار الكعبي
تاريخ النشر : 2019-07-28
الفيسبوك وشخصنة السلطة! بقلم:عمار جبار الكعبي


الفيسبوك وشخصنة السلطة!
عمار جبار الكعبي
يعتبر‭ ‬الاعلام‭ ‬بجميع‭ ‬أدواته‭ ‬هو‭ ‬المنفذ‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬المواطن‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬ممثلوه‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬السلطات،‭ ‬ولهذا‭ ‬انتهج‭ ‬جميع‭ ‬المتصدين‭ ‬مختلف‭ ‬الوسائل‭ ‬والآليات‭ ‬ليسوقوا‭ ‬نشاطاتهم،‭ ‬كي‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬المواطن،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬هو‭ ‬السلطة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬البلد‭ .‬

ان‭ ‬تطور‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬من‭ ‬التلفزيون‭ ‬الى‭ ‬(السوشيال‭ ‬ميديا)،‭ ‬ليتربع‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬الاعلام،‭ ‬ليكون‭ ‬المنصة‭ ‬الاولى‭ ‬لتسويق‭ ‬المنجزات‭ ‬والنشاطات،‭ ‬ليرتبط‭ ‬بها‭ ‬تسويقاً‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬السياسية‭ ‬والحكومية‭ .‬

ان‭ ‬المتابع‭ ‬لصفحات‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬الحكومية،‭ ‬ويقارنها‭ ‬بالصفحات‭ ‬الشخصية‭ ‬لمسؤولي‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬يكتشف‭ ‬ان‭ ‬ادارة‭ ‬صفحات‭ ‬المؤسسات‭ ‬تقليدية،‭ ‬ولا‭ ‬تجيد‭ ‬ابجديات‭ ‬الادارة‭ ‬الاعلامية‭ ‬الحديثة،‭ ‬بينما‭ ‬يكتشف‭ ‬ان‭ ‬ادارة‭ ‬الصفحات‭ ‬الشخصية‭ ‬لمسؤولي‭ ‬نفس‭ ‬المؤسسات‭ ‬ادارات‭ ‬احترافية‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬تعتمد‭ ‬احدث‭ ‬الأساليب‭ ‬التقنية‭ ‬والإعلامية‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬الخبر‭ ‬والصور‭ ‬الاحترافية،‭ ‬وبين‭ ‬صفحة‭ ‬المؤسسة‭ ‬وصفحة‭ ‬المسؤول‭ ‬عشرات‭ ‬السنوات‭ ‬الضوئية‭ ‬تعكس‭ ‬العقلية‭ ‬المتصدية‭ ‬لإدارة‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ .‬

يمكن‭ ‬استنتاج‭ ‬جملة‭ ‬ملاحظات‭ ‬مهمة،‭ ‬تعكس‭ ‬حال‭ ‬الصفحتين‭ ‬ويوما‭ ‬توحي‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬الاختلاف‭ ‬:

‮١‬–‭ ‬ان‭ ‬الفكر‭ ‬الذي‭ ‬تدار‭ ‬به‭ ‬الدولة‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬شخصنة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬لا‭ ‬مأسسة‭ ‬الشخوص‭ ‬المتصدين،‭ ‬مما‭ ‬ينتج‭ ‬تغولاً‭ ‬للأشخاص‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وهذا‭ ‬يتناقض‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الديمقراطي‭ .‬

‮٢‬–‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المحترفين‭ ‬لادارة‭ ‬الصفحات‭ ‬الشخصية‭ ‬بينما‭ ‬تهمل‭ ‬مواصفات‭ ‬مدراء‭ ‬الصفحات‭ ‬الرسمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬عدم‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية،‭ ‬بقدر‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تسويق‭ ‬المسؤولين‭ ‬!‭.‬

‮٣‬–‭ ‬التمويل‭ ‬المخصص‭ ‬لصفحات‭ ‬الشخصيات،‭ ‬اكبر‭ ‬من‭ ‬التمويل‭ ‬المخصص‭ ‬للصفحات‭ ‬الرسمية،‭ ‬والطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬التمويل‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬المؤسسة‭ ‬الحكومية‭ ‬!‭.‬

‮٤‬–‭ ‬اهمال‭ ‬الجانب‭ ‬الاعلامي‭ ‬الحكومي‭ ‬إهمالاً‭ ‬شديداً،‭ ‬لان‭ ‬الادارة‭ ‬تنظر‭ ‬للجانب‭ ‬الانتخابي‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬تسويق‭ ‬الشخص‭ ‬المرشح،‭ ‬بدل‭ ‬فكر‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬تسويق‭ ‬المؤسسة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الجانب‭ ‬الانتخابي‭ .‬

‮٥‬–‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬سلوك‭ ‬الموظف‭ ‬الحكومي‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬(‭ ‬اشطب‭ ‬يومك‭ ‬)‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تطوير‭ ‬الامكانيات‭ ‬والقدرات‭ ‬والمهارات‭ ‬الوظيفية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعامل‭ ‬الاعلامي‭ ‬الذي‭ ‬يمتاز‭ ‬بالركاكة‭ ‬وعدم‭ ‬الفاعلية‭ ‬والتقليدية،‭ ‬التي‭ ‬تشعرك‭ ‬وكأن‭ ‬الموظف‭ ‬الحكومي‭ ‬مجبر‭ ‬عليها،‭ ‬ويريد‭ ‬إتمامها‭ ‬بالسرعة‭ ‬الممكنة‭ ‬والخلاص‭ ‬منها‭ ‬!‭.‬

‮٦‬–‭ ‬اعتماد‭ ‬المسؤولين‭ ‬على‭ ‬شخصيات‭ ‬اعلامية‭ ‬محترفة‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المؤسسة‭ ‬الحكومية‭ ‬لتسويق‭ ‬انفسهم،‭ ‬بدل‭ ‬تطوير‭ ‬الفرق‭ ‬الاعلامية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬والنهوض‭ ‬بواقعها‭ ‬المتردي‭ ‬والمتواضع‭ .‬