رسالة من امرأة مجهولة بقلم:محمد نصار
تاريخ النشر : 2019-07-25
رسالة من امرأة مجهولة  بقلم:محمد نصار


رسالة من امرأة مجهولة        ....... ق.ق

  حين أتصفح الفيس، أذهب أولا إلى صندوق البريد، عادة تلازمني منذ بداية العلاقة بيننا، رغم أنها تسبب لي الكثير من  الضيق والكدر، كونها تأتي في الغالب من أشخاص بعينهم، لا هم لهم سوى إرسال بضاعة مزجاة، لا تسمن ولا تغني من جوع.   

لكني فوجئت هذه المرة بما استوقفني طويلا وجعلني أعيد القراءة مرة تلو أخرى.

سيدي القاضي.

لم أجد وسيلة أفضل من هذه، لإيصال ما عجزت عن تدوينه في طلب الطلاق المرفوع إليكم، فهنا أستطيع البوح بما خجلت من قوله هناك، لعلمي أنه لا يحق لأحد الاطلاع على ما فيه سواك ولولا حرصي على الفكاك من هذا الجحيم الذي أعيشه معه، ما تفوهت بكلمة مما سأدلي به الآن,

فضيلة القاضي.

لم يكن الأمر قاصرا على ما أتعرض له من تنكيل جسدي ومعنوي ولا ما أعيشه من إذلال وخوف، بل تعداه إلى ما هو أبعد من ذلك، تعداه إلى التخوين والتشكيك في كل شيء حولي، بل راح يتهمني بعجزة وغياب فحولته، دون أن يشير بشيء إلى الأشياء التي يتعاطاها، لكي تعينه على نيل مبتغاه، فتأتي نتائجها بما لا تشتهي السفن، يجن جنونه حينها ولا يبقي لي ولا يذر، متجاهلا عقدة الذنب التي تلاحقه في كل حين ويهرب أمامها مكابرا، فكثيرا ما كنت أصحو على كوابيس تغشاه وحين أوقظه ينكر كل شيء، لم يعد يهمس لي بعشقه المجنون بعدها وكم تمناني وأنا على ذمة أخيه، لكني لم أبادله ذلك الشعور حينها، بل صددته أكثر من مرة, بما ألزمه حدوده ولم يمنعه من التفكير بي.

سيدي  القاضي.

يكاد الشك يقتلني من الكيفية التي مات بها زوجي ولا أملك دليلا واحدا على ما أقول، سوى أنه راح يذبل بين يدي، كزهرة ضربت الريح ساقها، أياما معدودة وغادر إلى عالمه، كدت أصرخ مطالبة بتشريح الجثة، لكني جبنت ولم أرد أن أكون باب شر وبلاء لمجرد هواجس تنتابني، إلا أنني الآن لم أعد قادرة على الاحتمال.. صرت أرى زوجي في المنام كل ليلة، يأتيني حاملا أحشاءه على كفيه، يرمقني بنظرات ملؤها الأسى، لا ينطق بشيء.. يحدق بي بجمود يقتلني ، ثم يمضي ودماؤه تتبع الأثر، كل ليلة أعيش الرعب ألوانا ولا أجد ملجأ ألوذ به، لقد أعياني الحال وبت عاجزة عن المواصلة أكثر، كل ما أريده هو الفكاك من هذا الجحيم، أما شكوكي وهواجسي وما بحت به، فالأمر متروك لكم .

انتابتني حيرة ولم أدر ما الذي أفعله، هل أعيد الرسالة مع لفت الانتباه للخطأ الذي وقع، جراء تشابه الاسماء بيني وبين قاضي المحكمة الجديد، أم أنسى ما حدث وكأن شيئا لم يكن.