نهاية الظالمين سُّوّداَءْ بقلم:د.جمال عبد الناصر أبو نحل
تاريخ النشر : 2019-07-23
نهاية الظالمين سُّوّداَءْ بقلم:د.جمال عبد الناصر أبو نحل


نهاية الظالمين سُّوّداَءْ

علي مر التاريخ، والعصور، والأزمنة كانت نهاية كل ظالم مفجعة، وموجعة، وصاعقة، وماحقة، ومُخزية لهُ، ولكل الظالمين علي وجه البسيطة في كل زمانٍ، ومكانٍ ووقتٍ، وحين!؛ وعلى الظالم  تدور الدوائر، فّكُل نفسٍ بما كسبت رهينة!؛ وقد جاء عن النبي صل الله عليه وسلم أّنُه قال : "من ضرب سوطًا ظُلمًا اقُّتُّصْ مِنُه يوم القيامة".. ومنُذ بدأ الخليقة كان ظُلم من ابن سيدنا أدم "قابيل" لأخيهِ "هابيل"، حينما قتلهُ ظُلماً فأصبح بعد ذلك من النادمين، وعليه اللعنة إلي يوم الدين!؛ وصار قابيل منذ ألاف السنين الغابرة، والعابرة، وحتي يومنِاْ هذا مثالاً سيئاً؛  يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا ، لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ"؛ فكانت أول جريمة في التاريخ البشري.

 ولقد كانت نهاية الظالم الطاغية فرعون مخزيه، بعدما طغي، وبغي، وتكبر، وتجبر، وزعم أنهُ إله!!؛ وقال لقومه: "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ"؛ " ما علمتُ لكم من إلهٍ غيري" !؛ وقام فرعون المجرم بقّتَلْ ماشطة ابنتهُ، وأولادها الأطفال، وألقي بهم واحداً تلو الأخر في قدرٍ كبير يغلي ماؤه غلياً؛ حتي ساحت أجسادهم الناعمة، الصغيرة، وذابت طفولتهم البريئة، ولم يبقي إلا عظامهم الّنخرة!؛ فكانت نهاية فرعون الغرق والحرق، إلي جهنم، وبئس المصير، "النار يعرضون عليها غدواً، وعشياً، ويوم القيامة ادخلوا أل فرعون أشد العذاب"، وبقي يُّلُعن في كل، وقت، وحين، ومثالاً  قبيحاً؛ وهي نهاية لكل المفسدين والظالمين في الأرض!. وكذلك كانت نهاية الظالم "النمرود"،  فكان مصيرهُ أن بعوضة وهي جندياً من جنود الله عز وجل دخلت في أنفه، سببت له صداعاً مستمراً، فلا يّسُكن ألمهُ إلا إن ضُّرُِب بالنعال والأحذية علي وجههِ ورأسه حتي مات ميتة الخنازير؛ وكذلك قارون خسف الله به الأرض، وهامان، وأما أبرهة صاحب الفيل الذي بنى كنيسة بصنعاء ليصرف الناس للحج إليها، ويجعل العرب يأتونها بدلاً من الكعبة ماذا كانت عاقبته؟ صرف الله عنها الناس وهيأ من يوقد فيها حريقاً ويلطخها بالنجاسة، فأراد أن يأتي البيت الحرام ويهدمه حجراً حجراً، فماذا كان مصيرهُ؟  أرسل اللهُ عز وجل طيراً أبابيل جماعات تحمل الحجارة وترمي أبرهة وجنوده بها، حتى رجع صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فمات هناك، ومات هو جيشه، وهذا هي نهاية كل ظالم خزي في الدنيا وكذلك في الأخرة.  إن نهاية الظلم مفُزعة، والمظلوم له دعوة لا تُرد، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)، (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب)، ولو كان المظلوم فاجراً فدعوته مستجابة ففجوره على نفسه، ودعوة المظلوم على الظالم تصعد إلى الله فما بالك بدعوة المظُلوم إن كان تقياً وصالحا. قال تعالي: ( وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى *وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى) وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “دعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغَمام، وتُفتحُ لها أبوابُ السماوات، ويقول الربُّ – جل وعلا -: وعزَّتي! لأنصُرنَّكِ ولو بعد حينٍ"؛  وفي التاريخ المعاصر عِّبِرة في مصارع الظالمين؛ فكيف كانت نهاية هتلر وموسيليني، والطاغية شارون التي مكث بغيبوبة سنوات حتي تساقط الذود من جسده النجس؛ ؛ ومن صور نهاية أحد هؤلاء الظالمين أن وضع مسدساً في فمه وأطلق رصاصة على نفسه فتهشم وجهه تماماً وما كان من حارسه الا  أن وضع جثته في حفرة عميقة وصب الزيت عليها، وأشعل فيها النار.

 قد نرى بعض الظالمين يتمادون في ظلمهم  عشرات السنين جاثمين على صدور العباد لكن  إن الله يمُهل ولا يهمل، حليم لا يعاجل بالعقوبة، قال تعالي: "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى، فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُون"، ومن أزجَرِ ما نُقِل في التاريخ: قصةٌ عن خالد بن عبدالله البَرمَكيِّ وولده في حوارٍ بينهما وهُما في السجنِ، فيقول له: يا أبَتَاه! بعد العِزِّ والمُلكِ صِرنا في القَيْدِ والحبس. فقال له: يا بُنيّ! دعوةُ مظلومٍ سَرَت بليلٍ غفَلنَا عنها والله لم يغفَل عنها؛ وإن من السنن الإلهية في هذا الكون أن الظلم مهما طال عُمرهُ، واسودت لياليه، وطالت مخالبة، واذرعه واشتد فساده، وانتشر في ربوع الارض،  كلما اقترب موعد بزوغ، وانبلاج الفجر، لتنقشع الظلمة، ومعها ينصرف الظالمين؛؛  وإن دعوة المظلوم سهم لا يرد ولا يخطئ، قال تعالي: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء".

 فكيف كانت نهاية الظالمين من قوم ثمود، وعاد وقوم تبع وقوم نوح وغيرهم؟؛ كانت نهاية الظالمين موتًا محققاً مفجعاً، وموجعاً ومُخزياً،، هذا عقابهم في الدنيا، وأما عقابهم في الأخرة، فُّيّرُدونْ إلي أشد العذاب.

         الأديب  الكاتب والباحث والمفكر العربي الاسلامي، والمحلل السياسي