المصالحة الوطنية تعثر الجهود وتعدد المسؤوليات بقلم:محمد جبر الريفي
تاريخ النشر : 2019-07-22
المصالحة الوطنية تعثر الجهود وتعدد المسؤوليات بقلم:محمد جبر الريفي


(المصالحة الوطنية ..تعثر الجهود وتعدد المسؤوليات ) ...................................
الخشية أن ينتقل الصراع على السلطة السياسية الذي يعم بعض دول المنطقة ويعمل بشكل ملموس على تفكيكها بأضعاف هيمنة الدولة الوطنية على كامل ترابها الوطني بما يجري فوقه من حروب بين القوى الإقليمية والدولية بالوكالة . .الخشية أن ينتقل آلية مثل هذا الصراع وبأي شكل من الأشكال إلى الساحة الداخلية الفلسطينية وذلك في حالة تعثر جهود المصالحة الوطنية وبقاء حالة الانقسام السياسي الذي طال امده على وضعه الدائم من المناكفات السياسية لتتكرس فيه يوما بعد يوم العديد من المظاهر الانفصالية التي قد تكون محصلتها النهائية استنساخ تجربة سياسية انفصالية حدثت على صعيد المستوى الإقليمي والدولي ..الشرط اللازم لتجزئة الكيانية الوطنية الفلسطينية التي أصبحت مشروعا أمريكيا صهيونيا في اطار ما تهدف إليه ما تسمي بصفقة القرن هو ديمومة الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة منعا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة تحقيقا لمشروع حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي والذي تخلت عنه إدارة ترامب المتصهينة كما تخلت عن قضيتي القدس واللاجئبن وهكذا فإن تعثر جهود المصالحة الوطنية يشكل عامل تأمين لتحقيق الانفصال الذي سيصبح له إمكانية موضوعية كحل اقتصادي يتوافق مع الحلول الاقتصادية المطروحة للقضية الفلسطينية وقد يجد في الساحة الفلسطينية من يروج له من النخب السياسية والثقافية الرجعية والجهوية ومن رجال الأعمال من صفوف البرجوازية الوطنية الكبيرة الفلسطينية التي تتبنى برنامجا سياسيا عاجزا عن تأمين متطلبات الصمود في مواجهة التحالف الامبريالي الصهيوني الرجعي حيث تميل جميع هذه الاطراف دائما إلى الحلول الواقعية التي يغلب عليها الطابع الاقتصادي جريا وراء تحقيق المصالح الشخصية والفئوية ومما يساعد على تحقيق هذا الحل الانفصالي الماساوي هو غياب الترابط الجغرافي بين أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية كما نصت عليها اتفاقية اوسلو ...الغريب في الأمر أن تتعثر جهود المصالحة في وقت تجري فيه تطبيق خطوات فعلية في المخطط الأمريكي الصهيوني الرجعي التصفوي فيتم قبل أيام انعقاد مؤتمر البحرين الاقتصادي بمشاركة عربية إسرائيلية مما يجعل تجزئة الكيانية الوطنية الفلسطينية تأتي في توقيت مناسب لجميع التحالف الامبريالي الصهيوني الرجعي وفي نفس الوقت تدلل على هزيمة أولئك الذين يخوضون الصراع ضد المشروع الصهيوني باسم الخصوصية القطرية الفلسطينية تعزيزا للنزعة الإقليمية بحيث يتحول الصراع من طابعه القومي إلى صراع فلسطيني إسرائيلي وهو ما يوفر الذرائع العربية أكثر لعمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني . . الأسئلة التي تطرحها تعثر جهود المصالحة رغم ما تناقلته بعض المصادر اخيرا عن حدوث انفراجا في هذا الموضوع الذي لم يعد الشارع الفلسطيني يعلق الآمال الكبيرة عليه بسبب اخفاقات الاتفاقيات الماضية ..الأسئلة المرتبطة ارتباطا وثيقا بما يجري داخل الساحة الداخلية الفلسطينية من سياسات وإجراءات بل ويشمل اهتمامات العديد من دوائر الحركة الوطنية الفلسطينية : إلى أي مدى يعمل تعثر جهود المصالحة الوطنية التي ترعاها الشقيقة مصر عبر زيارة الوفد الأمني المصري بين فترة وأخرى إلى كل من غزة ورام الله ..إلى أي مدى يعمل هذا التعثر في الوصول بالحالة الفلسطينية لصالح مشروع قيام دولة غزة وسيناء وهو الحل المطروح أمريكيا وصهيونيا وربما يكون هذا الحل هو السبيل الوحيد الذي يشكل مخرجا لبعض الأنظمة العربية التي قطعت أشواطا كبيرة في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني للتخلص من عبء القضية الفلسطينية والفكاك من قيود عجز النظام العربي الرسمي وقوى المجتمع الدولي من إيجاد حلول عادلة لها ؟ ثم ومن يتحمل مسؤولية هذه النهاية الكارثية الذي سيصل اليها المشروع الوطني الفلسطيني في حالة تطبيق مثل هذا المخطط التصفوي التامري ...هل هي القوى السياسية الفلسطينية التي اقتصر دورها على المشاركة في مباحثات المصالحة دون أن تطوره في التأثير الفعلي لإنهاء الانقسام مما شكل عاملا أساسيا في استمراره طيلة هذه المدة. أم المسؤولية تقع وحدها على طرفي الانقسام فتح وحماس حيث عقلية استبعاد أسلوب الشراكة الوطنية والتمسك بمقاليد السلطة السياسية تحقيقا لمكاسب فئوية ومصالح تنظيمية ، وقد تكون هناك مسؤولية أخرى في تعثر جهود المصالحة تقع على الوفد الأمني المصري نفسه باعتبار انه لم يمارس أي ضغط فعلي مؤثر لإنهاء الانقسام وبذلك يمكن وصفه دوره بالضعف وبالاقتصار على تحديد موعد عقد المباحثات وعلى القيام بمهمة نقل الرسائل وذلك بخلاف الدور الفاعل الذي يقوم به في موضوع التهدئة مع الاحتلال حيث يعمل بكل جدية واهتمام على انتزاع ترويض المقاومة بما ينقله اليها من تهديدات نتنياهو والجنرالات الإسرائيليين ..
أما الجماهير الشعبية الفلسطينية فلها نصيب كبير ايضا في تحمل المسؤولية وليس على القوى السياسية وطرفي الانقسام السياسي تقع المسؤولية فقط لأن كل طرف في الحركة الوطنية الفلسطينية يجب أن يكون له دور كبير في الحياة السياسية وكان يجب على الجماهير المتضررة من حالة الانقسام أن تمارس دورا ضاغطا عبر حراك شعبي سلمي لإنهائه ولكنها اكتفت بالقيام بدور المتلقي بما تحصل عليه من مساعدات مالية واغاثية في مواجهة الهموم المطلبية المعيشية التي انهكتها .. ؟