هاء وميم بقلم:غفران ناظم العبادي
تاريخ النشر : 2019-07-21
هاءٌ و ميم .. 


حشرجات صوته ، تَبهمُ نبراته ، هشاشةُ حرفه، و حُرقةُ جوفه .. ما كان يملك القوة لإخفاء كل هذا ، فما كان له من قوى قد خارت ، و أحلامه بين الدروب ضاعت ، و روحه بين سماءٍ و أرضٍ تاهت .... 

حادث صديقه جَثَمَ الليل لا يعلم ما باله و ما يقول ، كلماته مُبهمة و حروفه محترقة تكويها نيران الوحشة ، لا يعرف ما يعاني و لا يدري ما يشعر فقد تَبلَّدت كل أحاسيسه و تنملت أطرافه ، أيقابل الحقد حقداً ، أم الجشع حبا ، أم الجفا ودا ؟ أم يَشلّعُ شعاب جَنانهِ و يدفنها على أرصفة الطرقات ليدوسها كل ما مرا ماراً و شاركه و لو كلمة همٍ واحدة ..

تكلم و نَغمُ البكاء ترافق بحت صوته ،يحاول جاهداً إخفاء حرقته و لوعة جُثمانهِ ،لكنه لا يقوى ،فقد أَجثم عليه الزمان و أرتكب بحقه أشنع و أبشع الجرائم ،و أتته الدنيا من أُكلها المرَ ،تهمشت شظاياه و تكورت الحسرات بين أزقة أضلعة معلنةً نصرها ، أسرته بين قضبان خسائره و جبروت نصرها ...

لقد بات شاباً في عمر التسعين و عجوز في سن العشرين ،فما كان لن يعود و ما سيحدث غير معلوم ..