الجهل والخوف بقلم:جوليت أبو شنب
تاريخ النشر : 2019-07-20
الجهل والخوف بقلم:جوليت أبو شنب


الجهل والخوف.........
الجهل نقيض العلم والمعرفة والخبرة والوعي ، ورديف الخطأ والباطل والوهم والخرافة، في هذا السياق حدده الجرجاني في التعريفات كما يلي:" الجهل هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه وهو ليس معدوما وإنما شيء في الذهن". والمقصود أن هناك جهلاً بسيطاً قريباً من السهو والغفلة والنسيان والخطأ وهناك جهل مركب وهو أن يجهل المرء أنه على جهل أي اعتقاد جازم غير مطابق للواقع على خلاف ما هو عليه.
لكن الجهل الأكثر خطورة هو الخرافة وتتمثل في الاعتقاد بأن بعض الأفعال أو بعض الألفاظ أو بعض الأعداد أو بعض المدركات الحسية تجلب السعادة أو الشقاء. وتقوم الخرافة على الاعتقاد في كل مبدأ مبالغ فيه وبغير نظر أو قياس. وترتبط الخرافة بالمعرفة العامية وبالآراء الدينية وتمنع التفكير وتشل الإرادة وتحول دون الحركة وتحقيق التقدم ومواكبة التاريخ. فكيف للحكم العقلي أن يدمغ الباطل ويحل محل الجهل؟ وهل بإمكان العلم أن ينشر النور في هذا الظلام الدامس؟
من المفاهيم المجاورة للجهل نجد الخطأ وهو ضد الصواب عندما تحكم على الشيء بأنه باطل بينما هو في الواقع حق أو أن تحكم عليه على أنه حق بينما هو في الواقع باطل وعندما يصدر عنك فعل بلا قصد. إنه الغلط وما لم يتعمد من الفعل بخلاف وهو في الحكم ولا في الإحساس أو التصور. غير أن الخطأ يمكن أن يتكرر ويصبح مرادفاً للذنب والخطيئة التي يجب التحرر منها وكذلك قريباً من الضلال والتيه أي سلوك طريق لا يوصل إلى المطلوب. وقد يعني الجهل الباطل ويراد به الكذب والفساد والعدم وذلك لعدم مطابقة الحكم للاعتقاد أي عدم مطابقة الفعل الذهني لموضوعه الخارجي وهو ما لا فائدة منه ولا أثر ولا غاية له وما يلغى ولا يلتفت إليه.
الجهل اليوم ليس في عدم معرفة القراءة والكتابة فقط فهناك الكثير من الشباب الجامعي يحتاج لمحو أميته الثقافية والسياسية حتى لا يقع فريسة سهلة في أيدي من يحاول استغلاله لتحقيق أغراضه فبرغم انتشار فكرة الحرية والثورة ضد الظلم ونجاحها مازال هناك من يعيش في عباءة الخوف وينظر لخوفه على أنه وسيلة لنجاته من بطش الظلم وهنا نستطيع أن نسمي هؤلاء بالمرضي وفي تلك الحالة تكون خطورتهم متمثلة في تفشي مرضهم وإصابة غيرهم بالعدوى ، فجذور الخوف لم تقطع لكن لو حاولنا أن نمنع عنها التغذية ؛ لن تستعيد عافيتها من جديد وفي تلك اللحظة سيكون من السهل القضاء عليها نهائياً ، القضاء على المرض يحتاج لترياق والترياق هنا في الأقلام الحرة التي لم تنحنِ رؤوسها ولم تحاول تطبيق النظرية الاستحمارية على قرائها .
وهنا يأتي دور المثقف العربي الإنسان ليوجه رسالته لكل من يستطيع أن يقرأ ومن خلال كلماته يعلمه ويثقفه واضعاً أمام عين قارئه شعلة الحرية كي ينير قلبه وعقله ويبرئه من خوفه