مفرقعات النكاية والسخرية الماكرة
تاريخ النشر : 2019-07-20
مفرقعات النكاية والسخرية الماكرة


مفرقعات النكاية والسخرية الماكرة 
بقلم : حمدي فراج
استمر اطلاق المفرقعات النارية في مخيم الدهيشة حسب توقيت ساعتي صبيحة اعلان نتائج التوجيهي "الانجاز" الخميس 18 تموز الجاري لمدة ساعتين كامليتين ، من الثامنة صباحا ، ساعة اعلان النتائج ، حتى العاشرة صباحا ، كانت هذه الوجبة الاولى ، اطلقت فيها عشرات بل ربما المئات من هذه المفرقعات ، واستؤنفت ساعات الليل ، حيث الوقت الاكثر ملائمة لاطلاقها ، إذ يستطيع الرائي مشاهدتها وهي تنفجر عن قرب وعن بعد في أجواء انفجارية انشطارية جميلة ، ويبقى السؤال ، لماذا اذن يقومون باطلاقها نهارا ، كمظهر ازعاجي فقط ، هل لديهم اموال زائدة ينفقونها ببذخ في نجاحات متواضعة يخجلون حتى من الافصاح عنها عبر صفحات تواصلهم الاجتماعي وصفحات ابائهم وامهاتهم وبقية محبيهم .
في هذا المخيم المتعاضد ، الذي فقد لتوه احد ابنائه البررة "جهاد"، في موت داهم ومفاجيء ، قبل ان يكمل عامه الخامس والثلاثين ، اثناء حضور حفل السهرة لزفاف شقيقه الاصغر "عبد الله" الذي عادة ما كنت اطلق عليه "عبد الله الارهابي" تيمنا بقصيدة مظفر النواب ، لم تمض اشهر قليلة على تحرره من القيد للمرة الثانية او الثالثة ، وارادت العائلة ان تستبق المرة الرابعة ، فتختطف فرحا سريعا ، ليأتي الموت فيخطف جهاد الى الابد ويمنع زفاف عبد الله ويربّع الحزن في عتبة الباب و مسطبة الدار ردحا طويلا قادما من الزمن .
في هذا المخيم المشتبك ، بل دائم الاشتباك ، خلّف الاجتياح الاخير ، قبل ساعتين فقط من اعلان النتائج ، اصابة مقاوم برصاصة في فخذه واعتقال اثنين ، ما خلّفه قبل اقل من اسبوع ، في اشتباكات يشترك فيها العشرات بل المئات مع قوات الاحتلال المدججة . وليس بعيدا ببعيد ، يفقد اسير من بيت فجار حياته جراء التعذيب ولّما يمض على اعتقاله شهرا واحدا .
في هذا المخيم الذي يعلن ثلاثة من أسراه اضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم السادس عشر ، وهم مصطفى الحسنات ومحمد ابو عكر وحسن الزغاري ، احتجاجا على تمديد اعتقالهم الاداري للمرة الثالثة ، وتضطر فعاليات المخيم الانضواء في خيمة اعتصامية تضامنا معهم ومع بقية الاسرى المضربين عن الطعام .
أظن انها النكاية ، هذا المخيم يطلق مفرقعاته ، نكاية بصفقة القرن ، التي تريد ان تطيح بتطلعاته واحلامه بعد سبعين سنة من الانتظار ، نكاية بالاخوة العربية الكاذبة التي تكشر عن انيابها في ورشة البحرين مرة وفي عمالة لبنان مرة اخرى ، نكاية بالانقسام الفلسطيني الذي ترسّم ورسّم معه واقعا انفصاليا بين الضفة وغزة وطنان وشعبان ، نكاية بالفساد الرسمي الذي وصل الى القضاء وطال ايداعات الناس في محاكمهم ، وكأن من مأمنهم يؤتى الحذر . انها مفرقعات المخيم ، كل مخيم ، مفرقعات النكاية الساخرة بكل شيء والسخرية الماكرة من كل شيء .