حماس غير جاهزة للمصالحة بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-07-20
حماس غير جاهزة للمصالحة بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة 

حماس غير جاهزة للمصالحة

عمر حلمي الغول 

موضوع المصالحة الوطنية بات يحمل الكثير من الأرق للمواطن الفلسطيني، وتضاءلت الثقة في اوساط الجماهير بإمكانية حدوث تطور جدي على هذا الصعيد، لإن قيادة حركة حماس ليست جادة بالتقدم في تطبيق إتفاق تشرين أول/ إكتوبر 2017، ومازالت تماطل وتسوف للهروب من الألتزامات المترتبة عليها، لإنها لا تملك قرارها، وكونها أسيرة أجندتها الإخوانية وبعض العربية والإقليمية، وتراهن على تطورات في المشهد السياسي، لعله يحمل لها حبل النجاة. رغم انها تعاني من ازمات وصراعات داخلية عميقة بين أجنحتها وتياراتها. 

ومن تابع الحراك الإيجابي للراعي المصري الشقيق عن كثب، لمس مجددا أن حركة حماس تناور للإستفادة من الوقت. مع انها لم تقل لا مطلقة، غير انها قالت "لعم"، وطرحت مواقف لا تقبل القسمة على الشروع الجدي بتنفيذ إتفاق 2017، مع انها إدعت تمسكها بالإتفاقات المبرمة بينها وبين فصائل العمل الوطني عموما وحركة فتح خصوصا. وإعتبرتها بمثابة مرجعية، وإلتفت عليها من خلال دعوتها لأعادة البحث في  " الإتفاق على رؤية سياسية وطنية شاملة"، وكأن الرؤية لم تتضمنها الإتفاقات السابقة؛ وكررت ذات النقطة بصيغة أخرى " الإتفاق على برنامج سياسي مشترك، وإستراتيجية وطنية موحدة"؛ ووضعت مسمار جحا في تسلم الحكومة لمسؤولياتها، عندما أشارت إلى، أن "تكون الحكومة إنتقالية، وتمارس عملها بتاريخ 1/8/2019، وأن يتم إخضاعها لآلية رقابية لحين إجراء الإنتخابات الشاملة"، بتعبير آخر ان تبقى حكومة الظل الحمساوية قائمة، وتمارس نفوذها على الأرض، وقفزت عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية؛ ثم عرجت على " دعوة الإطار القيادي لمنظمة التحرير (لا وجود لهكذا صيغة نهائيا في المنظمة) بتاريخ 1/9/2019 وفق الإتفاقات الموقعة سابقا، والبدء بإجراء الإصلاحات فور إنتهاء الإجتماع". مع ان الإتفاقات وضعت آلية لذلك؛ وأضافت " دراسة سبل توحيد المؤسسات القضائية"، وكأنها تقول لا للإلتزام بما تم الإتفاق عليه سابقا، لإنها تخشى من حكم القانون لاحقا لقياداتها. ولإن قضاءها غير شرعي، وتسعي لتشريعه؛ وتابعت تكرر مقولتها حول الإنتخابات المتزامنة (تشريعية ورئاسية ومجلس وطني) في مطلع 2020؛ ثم عادت لإسطوانتها المشروخة الداعية "لإلغاء الإجراءات المتخذة بما يتعلق بقطاع غزة"، وهي غير موجودة أصلا ... إلخ

من خلال التدقيق فيما طرحتة قيادة الإنقلاب الحمساوية، بدا واضحا كأنها تطالب بإعادة بحث كل ما تم الإتفاق عليه مجددا من الألف إلى الياء. وهو ما يعكس عدم جديتها، ليس هذا فحسب، بل عدم إلتزامها بما أبرم من إتفاقيات من حيث المبدأ، وإصرارها على التمسك بخيار الإنقلاب على حساب الوحدة الوطنية. مع أن الرئيس ابو مازن وقيادة حركة فتح أبدت الإستعداد للتنفيذ الفوري لإتفاق إكتوبر 2017، وتنتظر إبداء حركة حماس الإستعداد الجدي للتنفيذ. كما أن رئيس الحكومة، الدكتور إشتية أعلن أكثر من مرة إستعداده لتسلم الوزرارات والهئيات فورا. 

ومع ذلك على القيادة الشرعية إبقاء الباب مفتوحا، وعدم إغلاقه نهائيا، والعمل مع فصائل العمل الوطني، ومع حركة الجهاد الإسلامي والإتجاه الإيجابي في حركة حماس لتجسير الهوة معها، خاصة وأن اللحظة السياسية الراهنة، التي تزداد فيها الهجمة الأميركية الإسرائيلية على المشروع الوطني، وتستهدف الكل الفلسطيني، ولا يوجد إنسان فلسطيني خارج دائرة الإستهداف. الأمر الذي يفرض على حركة الإنقلاب إن كانت معنية بتوطين نفسها في الصف الوطني أولا وعاشرا، ان تبتعد عن الأجندة الأخوانية وبعض العربية والإقليمية، وتعلن صراحة دون تلكؤ، أو تسويف إستعدادها لطي صفحة الإنقلاب الأسود، والعودة إلى جادة الوحدة الوطنية. الكرة في مرمى حركة حماس وحدها دون سواها، وعليها أن تتذكر دائما وأبدا تصريحات نتنياهو المتكررة، بأنه لن يسمح بإنهاء الإنقسام، ولن يسمح بعودة الوحدة بين جناحي الوطن الفلسطيني، لإن الإنقلاب والإنقسام مصلحة إستراتيجية إسرائيلية. فهل تعود حركة حماس لرشدها، وتنهي إثني عشر عاما من الظلام والتمزق والإنقسام؟

[email protected]

[email protected]