ماذا بعد المجموع؟ بقلم: د امانى عبد الفتاح
تاريخ النشر : 2019-07-19
بقلم : د امانى عبد الفتاح بيومى استشارى الطب الشرعى و السموم الأكلينيكية بكلية طب القصر العينى
اولا احب ان اهنىء كل طلبة الثانوية العامة الذين تفوقوا و احرزوا درجات عالية فى نهاية مرحلة هامة فى حياتهم الدراسية كما اهنىء اهاليهم بنجاح اولادهم لأنى اؤمن تماما ان وراء كل طالب ناجح متفوق دراسيا اسرة رائعة متماسكة بذلت كل ما فى وسعها حتى يوفروا لأولادهم المناخ الملائم لأستذكار دروسهم كما حرصت على توفير الهدوء و الأستقرارو كذلك انفقت الكثيرمن الأهالى الأموال الطائلة على الدروس الخصوصية و التى تعتبرللأسف الشديد من اهم سمات الثانوية العامة و مثيلاتها مثل الدبلومة الأمريكية و الدبلومة البريطانية و قد مررت بهذه التجربة الصعبة و اجتزتها بتفوق الحمد لله و ساعدنى على ذلك اولا التوفيق من الله سبحانه و تعالى ثم اهلى الذين بذلوا قصارى جهدهم لأعبر هذه المرحلة بسلام و كذلك المعلمون فى مدرستى الأجنبية و الذين كان لهم دورا لا يقل عن اهلى فى تشجيعى و تحصيلى للمواد العلمية الثقيلة وتشكيل شخصيتى و قد احرزت مجموعا عاليا وبناءا على رغبة اهلى التحقت بكلية الطب القصر العينى لاصبح فيما بعد احد اعضاء هيئة التدريس به و هوما افخر بالانتماء اليه فى كل المحافل و حلقاتى التليفيزيونية و لكن كان يشغلنى دائما سؤال فى هذه المرحلة من حياتى و اعرف انه يشغل بال الكثيرمن الطلبة و هو عنوان مقالتى " ماذا بعد المجموع الكبير الذى احرزته؟ " و هل استطيع ان استمر فى الكلية التى التحقت بها بنفس التفوق ؟" و للاجابة على هذه الأسئلة سوف اتحدث اولا مع الطالب ثم مع اهله فاما بالنسبة للطالب فاقول له يجب ان تعلم جيدا ان ان المجموع الهائل الذى احرزته رائع و لكنه بداية فقط لأهم مرحلة فى حياتك و هى المرحلة الجامعية التى سوف ترسم شكل مستقبلك المهنى فيما بعد و لذلك انصحك ايها الطالب المتفوق الذكى ان تختار بعناية كليتك حسب قدراتك و ميولك سواء العلمية او الأدبية وان لا تترك المجموع ان يتحكم فى مستقبلك فليس معنى انك احرزت مجموعا كبيرا انك يجب ان تلتحق بما يعرف" بكليات القمة " مثل الطب و الهندسة و الصيدلة الا اذا كانت تتوافق مع رغباتك و قدراتك العقلية لان الدراسة الجامعية فى الحقيقة تختلف تماما عن الدراسة فى الثانوية العامة و ليس بالضرورة ان تتفوق فيها كما تفوقت فى الثانوية العامة فهى كليات بالأضافة الى القدرات العقلية تحتاج الى سمات شخصية معينة اولها ان تكون قادرا على التعامل مع ما فيها من مجهود كبيرو توترلكثرة ما بها من امتحانات و كذلك تحتاج الى ان تتمتع بقدر من الثقة بالنفس لا باس به حتى تستطيع ان تعبر منها بتفوق و لكن ايضا و هو الأهم بسلام نفسى دون ان تصاب ببعض الأمراض النفسية الشائعة مثل الأكتئاب و فقدان الثقة بالنفس و هو للاسف ما اشاهده فى بعض الطلبة الذين ربما اختاروا هذه الكليات بسبب مجاميعهم العالية و ليس على حسب قدراتهم ورغباتهم الشخصية فانا اريد منك ايها الطالب المتفوق ان تلتحق بالكلية التى تلائمك فتتفوق فيها و تصبح متميزا فى مجالك فتكون النتيجة ان تصنع انت قمتك! نعم نحن من نصنع قمتنا و نصنع مستقبلنا عندما نحسن الأختيار منذ البداية و البداية هى كليتك فلا تنصاع وراء اسماء الكليات و القابها فكل الكليات هى كليات قمة اذا ما تميزنا بها و احرزنا بها نجاحا حقيقيا دراسيا و نفسيا و اجتماعيا و الأن ياتى دور الأهل و اقول لهم اعلم جيدا انكم انفقتوا كثيرا من المال و الجهد حتى يصل اولادكم الى هذه المرحلة و لكن يبقى شىء مهم جدا و هو ان تتركوهم يختاروا كلياتهم بمحض ارادتهم دون اى ضغط بالطبع يمكن ان توجهوا اليهم النصيحة و لكن القرار الأخير اتركوه لهم حسب ميولهم و قدراتهم بل و ادعموهم فى خياراتهم حتى لو كانت عكس اهوائكم و رغباتكم حتى لا يتهموكم فيما بعد ان فشلوا فى كلياتهم التى اجبروا عليها انكم انتم السبب فيما وصلوا اليه اتركوهم يصنعوا قمتهم بايديهم لا بايديكم حتى يشعروا بلذه التفوق و الوصول الى اهدافهم و رسم شكل حياتهم بالطريقة التى يريدونها و فى النهاية اقول ان مجموع الثانوية العامة مهم و لكنه يمثل مجرد بداية لطريق طويل شاق طريق العمل و الحياة على ارض الواقع فلا تعطوه اكثر من حجمه و لا تجعلوه هو الغاية بل اجعلوه الوسيلة لمستقبل مشرق و للحديث بقية ان شاء الله.