لحظة تأمل في أفضل نعمة بقلم:عبد اللطيف مهيوب العسلي
تاريخ النشر : 2019-07-19
......... ........
لحظة تأمل في أفضل نعمة .
بقلم / عبد اللطيف مهيوب العسلي
.........................
أفضل نعمة وأتمها وأكملها وأجلها وأكرمها عليك بعد نعمة وجودك نعمة المعرفة المعبر عنها بالهدى قال تعالى (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123) )"1"
, وأعظم خسارة وأجلها أن تجد الهدى فتعرض عنه أو تستغني بغيره ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) )"2"
ولأن الهدى تنزيل رب العالمين
( وإنه لتنزيل رب العالمين )"3"
((وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ))"4"
فشرفه من شرف منزله وفضله من فضله فاستلزم أن يكون أفضل تنزيل ,وأشرف ترتيل , وأحكم حكيم, وأعلم عليم , واقرب قريب , وأصحب رفيق , وأشفع شفيع وأهدى الطريق وأوضح السبل " نهاية كل علم وتأويل كل كلام " (....وإنه لكتاب عزيز "42".لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )"5" واقتضت الحكمة الإلهية جعله في فم أفضل مخلوق لا ينطق لسانه عن الهوى نطقت به أفضل لسان وأزكاها وأطهرها وأشرفها وأتقاها بلغه الينا البشير النذير والرسول الكريم من جعله الله رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما في كل وقت وحين :
فمن اشاراته القرآنية الهادية للمنافع الدنيوية و الأخروية ما ترى .
أولا :
أ – مما أرشدنا إليه القرآن الكريم على وجه الاجمال والعموم قال تعالى ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)"6".
فمن آمن به حصل على
بركات السماء لروحه وعلى وبركات الأرض لجسده .

ب – ومن ذلك أن القرآن الكريم شفاء للروح
من الزور والبهتان والظلم والطغيان , والاثم العدوان .. قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58) )"7"

ج - ومنه أحكام فيه شفاء للأجساد وصيانة لها من العقوبات الحسية والمعنوية ..قال تعالى :
(.يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169))"8".
فلم يأمر إلا بالأحسن والأفضل والأكمل ولم ينه إلا عن السيئ والخبيث والقبيح .
ولأن شهوة الفرج ملازمة لشهوة البطن هدانا إلى أفضلها وأطيبها ورغبنا بها , ونظمها لنا , وحذرنا من أضدادها ونهى وزجر وو ضع الأحكام وحد الحدود حماية لنا وعلينا لا له وافترضها لنا وفينا ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم ."21 "))"9 "
قال تعالى :
( بسم الله الرحمن الرحيم, سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3))"10"
فخذ حظك من هذه السورة النورانية الغنية بالأحكام .

ولم يزل سبحانه محكم آياته يخاطب عقولنا ( قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) )11 .

ثانيا : التناسق والتناغم بين مكونات الكون وبين هذا الإنسان بما يمثله من حاجات ومتطلبات تمكنه من العيش بحياة كريمة تميز القرآن عن غيره بتفصيل هذه العلاقة وتناغمها بين الانسان والكون وبينه وبين خالقه مع الفصل بين كل هذه المكونات ...
من ذلك قوله تعالى :
فكان هذ الكون مسخر للإنسان من خلال قوانينه الملائمة .

( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم ..)" 12"
ولفت القرآن أنظارنا الى كتاب الكون الكبير الى الأرض والسماء وما فيهما وما بينهما .
فبلحظة تأمل واحدة الى السراج الوهاج والقمر السيار , والماء المدرار , والبحار والأنهار والفلك الدوار , والأهوية والأقطار , والليل والنهار , والرياح الجارية والسحب الهامرة , والنباتات اليانعة ,والأنعام الدافئة ...
تجعل القوة العقلانية تشهد أن خالقها هو نفسه الذي فرض القرآن ليكون حجة للأنام ...
فكما ترى ذلك في كتاب الكائنات المشاهدة تجد ذلك في القرآن ..
بلغة تفهمها العقول الصافية من كدر الجهالة وتخشع لها الأبدان المؤمنة بالرسالة فكم نادنا إلى التأمل ... !
ومن آياته أنك ترى !
فبلحظة تأمل واحدة في سورة النحل تبهرك آياته
(( وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ (66) وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)"13"
وخلاصة ذلك وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها .
فهل لله من ذاكر ولآلائه حامد شاكر ?
اللهم لك الملك ولك الخلق ولك الأمر ولك الحمد ولك الشكر بعدد أنفاسنا وانفاس المتنفسين دائما بدوامك سبحانك سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلك الحمد ولك الشكر
( يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله الا هو فأنى تؤفكون )"14"
ربنا سمعنا فأطعنا فذكرنا .
..........
الهامش :
1 ,2 – من سورة طه
3 –" 193 " من سورة الشعراء .
4 - "آية 6 من سورة النمل .
5 – آية "42,43" من سورة فصلت .
6 – من سورة الأعراف .
7 ,11 – من سورة يونس .
8 ,12 – من سورة البقرة .
9 ,10– من سورة النور .
13 – من سورة النحل .
14 – آية"3" من سورة فاطر .