الثانوية العامة (الإنجاز) مفتاح للعبور نحو المستقبل بقلم: سلامة عودة
تاريخ النشر : 2019-07-17
الثانوية العامة (الإنجاز) مفتاح للعبور نحو المستقبل بقلم: سلامة عودة


الثانوية العامة ( الإنجاز)
طلبة الثانوية العامة على موعد مع عرس مصيري علمي ، في هذا المهرجان الشامل يتلقى الطلبة نتائجهم من خلال شهادة تشبه جواز عبور إلى العالم بأسره، ويقف الطلبة على أفق جديد تلوح لهم شمس الإبداع من هذا الأفق ، وتبدأ رحلة الطلبة نحو استكشاف أفاق جديدة وفق تقدمهم في المعرفة العلم والممارسة والدراية ، فمن عباءة مزركشة برسومات متعددة ، ذلك بأن الثانوية العامة تقدم للطلبة ثوباً موشى بألوان طيف المعرفة ، ثم يبدأ الطلبة في التركيز على لون واحد من هذه الألوان مع الاحتفاظ بالألوان الأخرى، لكن اللون السائد يعكس توجهاته نحو الحياة ، فثمة طلبة يختارون التخصصات العلمية وآخرون يعزفون على تخصصات أدبية وهكذا دواليك.
فالشهادة التي تمنح للطلبة تختلف عن جواز العبور نحو الأقطار ، أو البلدان التي تتزين بها الكرة الأرضية ، فالكرة الأرضية ألوان متعددة من القارات والبلدان ، والمسافر يختار البلد الذي يريد التحليق في سمائه ، والنهل من ثقافته ، والقاسم المشترك بين الشهادتين أن الثانوية العامة يلون الطلبة مذاقاتهم العلمية من خلال الموائد العلمية التي ترصف أماهم وهم متشبثون بوطنهم حتى يشتد عودهم ويصبح الوطن في عروقهم حباً يسير في الشرايين ،حتى يختلط دم القلب بدم الوطنية ويكون الحب شاملاً للنفس والوطن من خلال دمين : الدم العادي الذي يدور في دورتيه ، والدم المعنوي الذي تشكل من هذا المكان ، وبعد الحصول على الثانوية العامة يعمل الطلبة جاهدين ؛لتعزيز هذا الانتماء من خلال التخطيط والإدارة السليمة كي يوفروا لهذا الوطن الغذاء المتوازن ، لتستمر حياته ، ولا يحدث عنده أية أمراض نتيجة عدم تنوع الغذاء من تضخم وتورم ، وهذا يتطلب من الطلبة أن ينوعوا التخصصات التي من شأنها رفع مكانة هذا الوطن المتنوع الثقافات والتخصصات من خلال هذا التخطيط والإدارة لهذا الانتماء .
وتجدر الإشارة إلى المعايير التي يتطلب من هذا الجندي الذي يخدم ويحمي ثغور هذا الوطن : العلمية والاجتماعية والاقتصادية ، والسياسية أن يمتلكها ، وهذه المعايير تنطلق من هذه المنظومة المتكاملة التي سبق ذكرها ، ومحاورها العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية هي التي تنبثق منها التخصصات العلمية التي تقع على كاهل هذا الجيل الرائع من طلبتنا الأعزاء المحتفلين بشهادة الثانوية العامة نحو الغد المؤمل والمبشر.
كما أود الإشارة إلى أن الطلبة عليهم مسؤولية اختيار التخصص الجامعي وفق قدراتهم وميولهم وتوجهاتهم ، ولا ينجروا خلف المظاهر والبهرجة ؛ لأن المظاهر قد تكون قاتلة أحياناً ، فالمجتمع يضع للتخصصات سلم تفضيل وفق عادات وتقاليد ثقافية منتشرة ، فالطبيب ومن ثم المهندس ... ، والحقيقة أن أي تخصص تحبه تبدع فيه ، وتجعل الآخرين يقدرون الإنجاز لهذا التخصص بغض النظر عن نوع التخصص، وقد يكون التخصص الذي فرضته الأعراف لست مبدعاً فيه وإن تقلدت وسام هذا التخصص وتصبح عاملاً عادياً في المجتمع أسوة بباقي أفراده، فلا تنظر إلى نوع التخصص فحسب بل انظر إلى نفسك وتطلعاتك أولاً ثم أدخل تطلعات البيئة الثقافية التي تترعرع فيه أخي الطالب ، فالمجتمع يمتدح الأفعال وينسى الأقوال، لأن الأفعال إنجازات إن تجاهلها فرد من المجتمع أشار إليها آخر ، لكن الأقوال تنسى أو تحرف ، وتحتاج إلى شهود وأدلة .
وأخيراً ، أنتم أيها الطلبة لبنات البناء في مداميك هذا الوطن ، وتعقد الآمال عليكم ، وثقتنا بكم عالية ، ونصيحتنا لكم آتية من خبرتنا ، فخذوها وطوروا عليها ، وكونوا رفعة ومجداً لأمتكم ووطنكم ، ودمتم مشاعل على أعلام الفخار راية غد وعلم الدولة .