جمال الوصف القرآني في سورة النمل بقلم:علي عمر خالد
تاريخ النشر : 2019-07-17
جمال الوصف القرآني في سورة النمل بقلم:علي عمر خالد


جمال الوصف القرآني في سورة النمل

بقلم علي عمر خالد

نسأل الله العلي القدير أن ينفعنا بما علمنا ، وأن يوفقنا وإياكم في حفظ كتاب الله والمداومة على قراءة آياته وتدبر معانيه ..... ، هل تريد أن تستمتع بجمال الوصف القرآني ؟ تعالى معي لنستمتع معا ونعيش لحظات ممتعة مع نبي الله سليمان وسورة النمل .

القرآن جميل وعظيم فقد احتوى هذا الكتاب مجموعة كبيرة من القصص التي حفلت بالصور الفنية ودقة الوصف والتصوير ، واليوم أخترت لكم بعضاً من ذلك الوصف والتصوير في القرآن من خلال سورة النمل ، فكأننا نعيش مع نبي الله سليمان ونستمتع بجمال الوصف القرآني لكلام الله .

سليمان نبي من أنبياء الله ابن نبي الله داوود ، آتاه الله ما لم يؤتى أحد من العالمين فسخر الله له الجن والطير والريح وآتاه ملكاً كبيرا ، ووصف لنا القرآن ذلك فقال : " وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ "

ذات يوم كان سليمان يتفقد الطير ولكنه لم يجد الهدهد بينهم فتعجب من اختفاؤه الغير مبرر فتوعده بالعذاب أو الذبح ، وعندما عاد الهدهد الذي أهتدت بسببه أمة كاملة دار حوارا بينهما يصوره لنا القرآن كما لو كنا جالسين نشاهدهُ أو نتابعهُ عبر كاميرات الفيديو فنشاهدهُ بأعيننا ونسمعهُ بأُذننا فقال تعالى : " وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ* وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * "

وضح الهدهد أن سبب غيابه لم يكن لنزهة أو فسحة بل كان لخدمة دين الله فوصف الهدهد لسليمان حال بعض الأمم التي تحكمهم امرأة ويعبدون الشمس من دون الله فأرسل لها سليمان على الفور رسالة يدعوهم فيهم إلى الإسلام .

ثم يسترسل القرآن ويزيد في الوصف فيبدع فيصف لنا حوار الملكة مع قومها عندما تلقت رسالة سليمان التي يدعوها فيها إلى ترك عبادة الشمس والدخول في الإسلام فيقول: " قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ *

أرسلت الملكة بلقيس هدية إلى نبي الله سليمان كنوع من كسب الود لعل سليمان يتركها وقومها يعبدون الشمس ، إلا أن سليمان رفض هدية بلقيس بل توعدهم في حال عدم الدخول في الإسلام وترك الكفر بالحرب فلم يعطيهم سليمان أي خيارات أخرى سوى خيارين الإسلام أو الحرب ، فقال تعالى : " فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * "

أراد سليمان أن يبهر بلقيس بعظمة وقدره الله عليه ، فأعد لها العدة فطلب من الجن أن يجلبوا له عرشها ليريها قدرة الله " قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ * فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ * وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ *

أمر سليمان ببناء قصر عجيب غريب يبهر من يراه وتجري من تحته الماء ، فيكون مكان استقبال لبلقيس وهو يدعوها إلى الإسلام حتى ترى قدرة الله التي وهبها لسليمان ، وليختر سليمان قدرة الملكة على الإيمان ، " قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "

وهكذا يستدل الستار على تلك القصة الجميلة وتنتهي بهداية أمة كاملة ودخولها الإسلام على يد طائر الهدهد فكتب الله لهم النجاة ، ما أجمل القرآن ! فتلك القصص التي تروي لنا أخبار الأمم السابقة بمثابة كنز من المعلومات والمعارف والتسلية جعلها لها لنا كي نأخذ منها العبرة والموعظة .

اليوم ماذا تعلمنا وماذا استفدنا ؟ لقد تعلمنا واستفدنا إن الهداية بيد الله عز وجل يهدي من يشاء ، وأن الله يسخر الأسباب لذلك فقد يكون السبب معجزة أو موقف أو مخلوق من مخلوقات الله فكان الهدهد خير مثل على ذلك ، واستفدنا بقراءة القرآن الكريم والمداومة على تلاوته فنحمد الله على ذلك ونسأله عز وجل أن يوفقنا لما يحب ويرضى اللهم آمين .

علي عمر خالد

[email protected]