"إسرائيل" ما بين الفكرة والدولة القومية حلقة "68" جزء 2 بقلم:د.عبدالحميد الهمشري
تاريخ النشر : 2019-07-17
"إسرائيل" ما  بين الفكرة والدولة القومية   حلقة "68"  جزء 2 بقلم:د.عبدالحميد الهمشري


"إسرائيل" ما  بين الفكرة والدولة القومية   حلقة "68"  جزء 2 
 * الاستيطان في أراضي  الـ 1948 
* عبدالحميد الهمشري -  كاتب  وباحث في الشأن  الفلسطيني

كما  ذكرنا  في الجزء  الأول من الحلقة فقد كان للدعوات التي تبناها بعض اليهود للعودة إلى فلسطين وإقامة المستوطنات بها قد أدى لتكون النواة والبداية الأولى للدولة اليهودية مستندة في  ذلك  إلى حجج دينية أو اقتصادية أو استعمارية لكن لم تكتمل تلك الدعوات بالتطبيق إلا عقب المؤتمر الصهيوني الأول في بال  بسويسرا في العام 1897  وتبني اليهود لقيام دولة يهودية في فلسطين.وقد تجسدت العودة الدينية عندهم في الإرادة الإلهية حتى يظهر المسيح المخلص، ولكن اليهودية الصهيونية هي التي أحيت هذه العودة  لدى اليهود؛ وذلك بالتوطن في فلسطين ، وعبروا عن ذلك برغباتهم وأفكارهم في العودة إلى أرض أجدادهم، من خلال التنظيمات الاستيطانية، وتفعيل آليات العمل الاستيطاني من خلال إقامة المستوطنات .
أما  اقتصادياً  فتعود أول دعوة للعودة على أساس اقتصادي إلى القرن السادس عشر، حيث دعا  اليهودي (جوزيف ناس) للحصول على موافقة السلطان العثماني بالسماح لمجموعة يهودية بجباية ضرائب المنطقة الواقعة قرب بحيرة طبرية لمدة عشر سنوات عن طريق الالتزام، وهو نظام كان سائدًا في عهد الدولة العثمانية، وقد حصل على موافقة السلطان العثماني، إلا أن سلوك هذه الجماعة اليهودية المالي أثار حفيظة المواطنين العرب، ما دعا السلطة العثمانية إلى طردهم من هذه المنطقة،  لكن السلطانُ العثماني عاود  ومنح  ناس  بعض حقوق السيادة في نفس المنطقة، من خلال سعيه أي ناس لإقامة مشروع لصناعة النسيج، ليعمل به الحرفيون اليهود، إلا أنه باء بالفشل لأسباب اقتصادية. وتمثلت هذه المحاولة البداية الأولى للتوطن اليهودي في فلسطين، ولكنها لم تمثل مشروعًا سياسيًّا لتكوين كيان سياسي لهم داخل فلسطين . 
أما  استعمارياً فقد  دعا نابليون بونابرت الذي غزا مصر عام 1798م وفشل في حملته أمام أسوار عكا وامام  هذا الفشل فشلت حملته  في الثبات بمصر فولى منها الأدبار  فأصدر بيانًا يحث فيه اليهود في آسيا وإفريقيا لمساعدته في إعادة بناء دولتهم القديمة، واستعادة مجدهم التاريخي في فلسطين. حيث خاطب اليهود: “,”يا ورثة فلسطين الشرعيين“,”، وهو ذات التعبير الذي يصدر هذه الأيام عن  بعض المتصهينين العرب حيث دعاهم للسيطرة على فلسطين؛ من أجل بناء دولتهم، لكي يصبحوا سادة فلسطين الحقيقيين.. لكن هذه النداءات لم تلق أي اهتمام من يهود الشرق والغرب أو حتى يهود فرنسا أنفسهم ، لكن ظهرت دعوة جديدة لتوطن اليهود في فلسطين وإقامة مستوطنات بها تتفق ومصالح الاستعمار الغربي تمثلت  بدعوة الحاخام “,”يهودا القالعي“,” عام 1834م، وهي فكرة أن اليهود كانوا أمة واحدة، وجعلها هدفًا قوميًّا؛ ليوحي لليهود الفقراء بذلك، ويجذبهم للهجرة إلى فلسطين، وأكد على الفوائد المالية الكبيرة، التي بالإمكان تحقيقها باستعمار فلسطين وإقامة مستوطنات يهودية  عليها أعقبتها  دعوة الحاخام “,”كاليش“,” (يهودي بولندي) خلاص اليهود عن طريق الهجرة والاستيطان في فلسطين، وذلك في رسالة وجهها إلى عائلة روتشيلد في برلين، طالبهم بحشد طاقات اليهود والعودة للحياة على أرض الأجداد، والتضحية بكل شيء من أجل العودة إلى أرض الأجداد، وأعاد كاليش هذه الدعوة عام 1862م في كتابه (البحث عن صهيون)، الذي مجد فيه الاستيطان الزراعي في فلسطين، ودعا اليهود لعدم الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها، ووجوب استيلائهم على فلسطين والاستيطان فيها، وإقامة مستوطنات زراعية بـها .. 
Aabuzaher_2006 @yahoo .com