دفٌ على رف بقلم: نوار شكيب خويص
تاريخ النشر : 2019-07-14
دفٌ على رف بقلم: نوار شكيب خويص


( دفٌ على رف )

دفٌ على رف، دفٌ على رف قد فقد إحدى صنجاته و لا زال يعطي النغمة المطلوبة رغم كل ما عاناه؛ وضعه صاحبه في أعلى رفوف قلبه منزلةً حتى غارت منه السابقات من الآلات. ظناً منهنَّ أنَّ العازف تحيَّز ضدهنَّ لأجل دفٍ ناقص؛ يستمعن لضربات قلبه المتطايرة فرحاً حين تلامس أنامله الصنجات و هنَّ الكاملات . يتسابقن للتقرب من العازف ليختارهن في كل مرة و يفشلن بالتفوق على الدف. يوم بل أيام مضت و الحال ذاته و تزداد من الدف الغيرة. بعد سنتين .. استجمع العود قواه و
ارتمى في حضن صاحبه سائلاً : ما بك؟!؛ لتسقط دمعة وصل صداها أرجاء المنزل كإنَّها تقول: ( ظلَّك عيد يا علي دق ظلَّك دق وعي كل البشر )؛ دون إجابة و لا حتى طأطأة . قلمٌ و ورقة وسط منضدة؛ علاماتٌ موسيقيةٌ ترقص فرحاً من بعد حزن و لربما (فرح و حزن) بعد فرح و بها كُتِب قبل ال (نوطة ) : إلى أمي الصنجة المفقودة من الدف أولاً و إلى أبي الحنون العود و إلى الرف الأعظم الذي حملكم أحبكم بدايةً و ختاماً. لم و لن أفرق بينكم يوماً لكن: خانتني أذني كما خان الصنج الأول الدف و ما أشعرتكم بهذا. أنتم من بَعدي ستتحدن و تكمِّلن بعضكن
بعضاً إن لعبت في عقولكم أوركسترا جديدة لتنضمُّوا إليها. أمِّا أنا؛ فحالي من حال هذا الدف المسكين الذي فقد إحد صنجاته كما فقدتُ سمعي و لا أحد سيهتم به بعدي إلاَّ بعد أن يموت مثلي و أهمَّش و أنا على قيد الوفاة في هذه الحياة البائسة؛ كدف على رف . لذا أخيراً و ليس أخراً .. إلى ابني الذي أنجبته مخيلتي
.. لا تستلم تلك المنمّنمة المعدنية بعد وفاتي كتكريم عني؛ بل أحفر على جدار قلوبهم كلماتي هذه "أين كنتم حين كان على قيد الحياة؟ الحمد لله أنَّ أبي مات أصمَّ لكي لا يسمع تصفيقاتكم الكاذبة الآن و لكي لا تحزن روحه .