"الفيسبوك" قلبت الموازين!بقلم:أ‌.عاطف شقير
تاريخ النشر : 2019-07-11
" الفيسبوك" قلبت الموازين!
أ‌. عاطف شقير
محاضر في قسم تكنولوجيا الإعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

أماط التطور التكنولوجي الواسع حواجز الرقابة عن النشر الصحافي والمعرفي بعدما كان حكرًا على النخب الثقافية والصحفية التي لربما احتكرت المعلومة والمعرفة لحين من الزمن، ولكن ولادة مواقع التواصل الاجتماعي " الفيسبوك" حطمت هذه الابراج العالية التي ابعدت صغار المثقفين من الظهور على العلن برسائلهم الاعلامية المتواضعة، فوفر "الفيسبوك" لهم منصات اعلامية ليعبروا عما يجول في خاطرهم من معارف وأفكار دون قيود الرقيب والرقابة الأمر الذي زاد من تحسن منسوب ثقة صغار المثقفين بذواتهم، فبدأت هذه الاصوات بالظهور الإيجابي تارة و بالظهور السلبي تارة أخرى فبدأ البعض منهم بنشر اخبار على منصات التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" تعوزها الدقة والموضوعية والمصداقية مما حد بمحاسبتهم من قبل الجهات المختصة بسبب سوء استخدام المعلومة وعدم مصداقية النشر وصحة الخبر الأمر الذي يؤثر على صيرورة النسيج المجتمعي بطريقة صحيحة وسليمة وربما يؤدي إلى تأجيج الرأي العام المحلي بسبب نشر خبر كاذب الأمر الذي استدعى من الجهات المختصة متابعة هؤلاء الأشخاص الذين استخدموا هذه المنصات لخلق الشائعات وترويجها في المجتمع الفلسطيني.
صحيح ان هذه المنصات الاعلامية وفرت مناخات الحرية والانفتاح المعرفي التي على الدوام نطالب بها ونطالب بتوسيع هذا الهامش ليصل عنان السماء، ولكن هذا الهامش يجب ان يحافظ على النسيج الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني، وأن يكون مضمون الخبر والمعلومة صحيحًا ومؤكدًا من جهات الاختصاص لعدم اثارة الرأي العام المحلي وخلق البلبلة في النظام الاجتماعي برمته.
هذا الفضاء الاعلامي الواسع يجب استثماره بصورة ايجابية تعزز تماسك المجتمع ووحدته الداخلية دون أن يكون هذا الفضاء عامل هدم لأركان المجتمع بشكل عام سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي، فكاتب الخبر يجب أن يتعلم بمدرسة الاخبار التي من أبرز معالمها: المصداقية والموضوعية والنزاهة والتأكد من صحة الخبر من مصادر موثوقة، وإلا غدت الاخبار دربًا من الشائعات التي تهدف إلى زعزعة الانظمة بمختلف اشكالها في المجتمعات البشرية.
واللافت للنظر ايضًا، وجود مواقع اخبارية عبر منصات التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" هدفها خلق البلبلة وافتعال الازمات في الشارع الفلسطيني على مختلف الاصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لتأجيج الراي العام المحلي ولإثارة الشارع حول قضايا متعددة في ظاهرها الحرص على مصلحة الشعب الفلسطيني وفي باطنها نشر الدسائس والأكاذيب وخلق الفتن وافتعال المشاكل والأزمات في ظل المجمع الفلسطيني، فالأجدر بمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي"الفيسبوك" اليقظة والانتباه إلى هذه الصفحات الممولة من الجهات المعادية لطموحات شعبنا التواق إلى دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف دن منغصات الاحتلال الذي يعكر حتى صفو نشرنا الالكتروني.
إن ظهور صحافة المواطن خلطت الحابل بالنابل فما عاد لمهنة صاحبة الجلالة معاييرها وأخلاقيتها عبر هذه المنصات التي تنتهك حرماتها ليل نهار من قبل روادها، والبعض استخدم منصات التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" لإثارة الرذيلة والفساد الاخلاقي في المجتمعات بهدف الهاء الشباب وإفسادهم عن قضاياهم الوطنية ليغدو الشباب فارغ المحتوى ليس له في المجال الوطني ونهضة المجتمع أي دور.
فهذه المنصات الاعلامية يجب تسخيرها للنافع والمفيد لا سيما وان غالبية الشباب من متابعي هذه المنصات، فحبذا لو يحسن الرواد من جودة رسالتهم الاعلامية لتنال الاثر الايجابي والنافع في مجتمعنا الفلسطيني ويبتعدوا عن الرسالة الهدامة وعن الشائعات التي تنخر في عظم المجتمع وبنيته ليتحولوا إلى معول بناء وليس هدم في هذا المجتمع، وان يبتعدوا عن متابعة الصفحات المشبوهة ووضع التعليقات عليها؛ لأن هذه الصفحات هدفها ضرب بنيان الشعب الفلسطيني ونسيجه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
وفي الاونة الأخيرة بدأت بعض المواقع الاخبارية على الفيسبوك نشر بعض الصور ونسبها إلى بعض القرى دون توضيح قصتها الإخبارية مثل: تناول سكان بعض القرى لمأكولات غريبة دون الاتيان بهم وهم يتناولوها الامر الذي استهجنه السكان في هذه القرى، مما يحتم على هذه المواقع تأكيد صوابية هذه الصور الصحافية.
أضف إلى ذلك، إن بعض المواقع نشرت احصاءات دون اللجوء إلى مصدر هذه الاحصاءات وهو الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الأمر الذي يترك الشكوك حول مصداقية هذه الارقام التي يكتنفها لربما التضخيم والتهويل فما على الصحافي إلا اخذ المعلومات من مصادرها الصحيحة؛ لأنها تعبر عن صدق الخبر والمحتوى وعدم الاعتماد على المصادر غير الرئيسة في الاخبار.
خلاصة القول، هذا الفضاء الفيسبوكي يجب استثماره بالوجه الصحيح من خلال المعلومات الصحيحة والدقيقة ليغدو نافعًا ومعول بناء للمجتمع ونهضة، والابتعاد عن نشر الشائعات من خلاله خوفًا من زعزعة السلم الاجتماعي داخل المجتمعان والحذر الحذر من الصفحات المشبوهة التي تعطيك في ظاهرها العسل وتبث في باطنها السموم.!