السلّال ذاكرة الثورة.. من دمشق إلى حضن الوطن بقلم:محمد مسالمة
تاريخ النشر : 2019-07-11
السلّال ذاكرة الثورة.. من دمشق إلى حضن الوطن بقلم:محمد مسالمة


السلّال ذاكرة الثورة.. من دمشق إلى حضن الوطن

الخليل- محمد مسالمة- في لقاء يجمع الزعماء في القاهرة عام 1968، رئيس الثورة والدولة أبو عمار والرئيس المصري جمال عبد الناصر والقائد اليمني عبد الله السلال، حيث وصلت برقية عاجلة للرئيس ياسر عرفات، يرافقه من دمشق الفدائي "عبد الله مناصرة"، ابن بلدة بني نعيم شرقي الخليل، وحين أراد أن يوصل البرقية منعه حارس قاعة الاجتماعات إلّا أنه أصرّ على إيصالها، حيث دفع الحارس ودخل إلى القاعة وأوصل البرقية.

وفي تلك اللحظة؛ أوقف عبد الناصر الحارس، قائلاً: "أتركه فهو يشبه السلّال في تصرفاته"، ومن ذلك الحين، حمل عبد الله مناصرة لقب السلّال وأصبح معروفاً به بين رفاقه، ذلك الفدائي الذي خرج من قريته في بداية الستينيات متوجهاً للدراسة في سوريا، ثم التحق في صفوف الفداء لفلسطين مع انطلاق شرارة الثورة.

يبدأ حديثه عن لقبه الذي يعتز به، وهو الآن على فراش المرض، وقد اقترب عمره من الثمانين عاماً، يسترجع ذاكرته المثقلة بالأحداث العصيبة التي عاشتها الثورة حتى عادت إلى حضن الوطن منتصف التسعينيات، من سوريا إلى لبنان إلى العراق وليبيا واليمن ومصر والجزائر، تنقّل السلال في مهمات عسكرية ووطنية يرفع راية الدولة وشعلة الثورة والقضية.

زحف 28 يوماً جريحاً

أصيب السلال في معركة الكرامة، وكان برفقته قائد فتحاوي عنيد لم يذكر أسمه، أخذه إلى مكان آمن، إلّا أن السلال شعر بالخطر خلال الليل، فقرر الانسحاب وهو مصاب في قدمه، وبقي يزحف على الحدود في الأراضي الأردنية حتى وصل درعا، مدّة 28 يوماً يسحل بجراحه ويقتات على العشب وورق الشجر.

يروي السلال: "بعد 28 يوماً، وصلت إلى درعا، وشاهدت الدود يخرج قدمي الجريحة، وصلت إلى عين ماء واستعنت بإحدى النساء، طلبت منها أن تبلغ أحد أقربائها، جاء رجل أخذني إلى بيته وأسعفني إلى مستشفى سوري.. وهناك زارني أبو عمار".

السلال.. مدرب دلال

في لبنان، عمل السلال مدرباً للفدائيين في مخيم شاتيلا، ومن ضمن الأفواج التي عمل على تخريجها فوج مكوّن من 80 فدائية، كانت من ضمنهن الشهيدة دلال المغربي.

يقول السلال إن دلال كانت واحدة من الفدائيات النشيطات، وكانت الوحيدة التي تستطيع أن تركض وتزحف وتطلق النار على مستويات عالية، واستطاعت أن تنفذ بإرادتها الصلبة وبإيمانها بعدالة قضيتنا بطولة يعيدها العالم كل عام إلى وعيه وذاكرته في إطار أن المرأة الفلسطينية شريكة في النضال والكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي.

في آذار عام 2006، اعتقل الاحتلال الإسرائيلي النجل الأكبر لعبد الله السلال، وهو الأسير أسامة، ومحكوم مدّة 18 عاماً، لا زال يقبع في زنزانته، ويواصل حكاية والده رغم عذابات وويلات الاحتلال.

يحرص السلال على وجود عبد الله السلال الصغير بجانبه، وهو نجل الأسير أسامة، يبلغ من العمر 14 عاماً، يشتم منه رائحة ابنه، علّه يريح قلبه، ويساعده على حركته التي أعاقتها الجراح والمرض.

لا يزال عبد الله السلال، الفدائي الذي التحق في الثورة مبكراً، يروي حكايات وتضحيات أبناء الخندق، بكلماته البسيطة التي تعكس لطف العلاقة بين السائرين في مركب الفداء للوطن، والتخلص من جمرة المحتل الغاصب.. في حين لا يزال الوطن يخرج من رحمه قادة عظام يحافظون على الحلم وينيرون الطريق لمن خلفهم.