العلاج بالفهلوة بقلم:رامز طلب المدهون
تاريخ النشر : 2019-07-11
العلاج بالفهلوة بقلم:رامز طلب المدهون


بسم الله الرحمن الرحيم

العلاج بالفهلوة

رامز طلب المدهون

الفهلوة كلمة مشتقة من كلمة فارسية هي بهلوي وهي تطلق على من يتميّز بالشجاعة وسعة الحيلة..  !!

كلنا سمعنا بالعلاج بالعقاقير والعلاج بالماء والعلاج الطبيعي والعلاج بالأعشاب و العلاج بالموجات الضوئية أو الصوتية وغير ذلك، أما العلاج "بالفهلوة"!!!

عود على بدء، من التراث الشعبي ، رجل امتهن العلاج الشعبي لسنوات طويلة فإذا شفي المريض فالشكر والهدايا لل"حكيم" والثناء على براعته وخبرته ، وإلا "فالأعمار بيد الله" و "لكل أجل كتاب".

قرر المعالج "الفهلوي الأب" ان يورث ابنه الوحيد صنعة المعالجة الشعبية – ولا أقول الطبابة - :

الفهلوي الأب: يا بنيّ أنا كبرت وقربت اموت ولازم تتعلم الصنعة بلاش تروح لغيرك ويأتي حكيم ثاني للبلد!

الفهلوي الابن: يابا انا مخلصتش ابتدائية

الفهلوي الأب: هو يعني انا بعرف اقرا واكتب!!!!!

الفهلوي الابن: طيب يابا كيف بدي اداوي الناس؟

الفهلوي الأب: انت وشطارتك ( يعني فهلوتك) يابا

الفهلوي الابن: علمني يابا

الفهلوي الأب: الشغلة سهلة يا بنيّ ، ادخل على المريض وأهله واعمل حالك زعلان ومهموم على المريض ، واسألهم عن حاله وشو اكل وشو شرب؛ فإذا قال الأهل ان المريض اكل لحماً مثلاً فازعق عليهم وقل " هذا اللي ضره ، انتو بتفهموش ، بلاش لحم ، الحكما اللي برا هيك قالوا ، انتو مش عارفين الدنيا كيف ماشية  .....، وكلما زعقت وهددت وارغيت وأزبدت ، كلما قال عنك الناس انك حكيم شاطر...!!  ثم اوصف له شوية زهورات و ميرمية وحلبة  وكلها موجودة في بيوت الناس  ، وخذ اجرتك  و اخرج غانماً.

الفهلوي الإبن: طيب واذا قال المريض أو أهله أن المريض لم يأكل او يشرب شيء؟

الفهلوي الأب: مممم، انظر حولك في البيت و انتبه احتياطاً لقمامة وزبالة البيت اثناء دخولك ، فإن وجت قشور خضار أو برتقال أو قشور بطيخ فلا تسألهم إن كان أكل منها أم لا ، إنما بادرهم بالقول" انتو مش عارفين مصلحة العيان – يعني المريض- ، ارموا قشر هالبطيخ بعيد ، هذا اللي ضره ، هذا اللي امرضه ، ... وهكذا قل عن أي صنف من القشور أو البقايا او الزبالة التي تجدها عندهم!!!.

ذهب الفهلوي الفهلوي الابن لأول زيارة  لأول مريض  - زيارة ميدانية لتقييم الوضع أو كما يقول الفهلويون  الجدد Assessment and diagnostic site visit

دخل الفهلوي الجديد على المريض ، وكان المريض معدم الحال أي" طفران حاله" أي – تحت خط الفقر المدقع – كما يقول خبراء التنمية ، لو أراد ان يأكل لما قدر على ذلك من شدة الفقر وليس من شدة المرض.

أسقط بيد الفهلوي الجديد ، فلا المريض اكل شيئاً ولا أهل المريض لديهم بقايا ولا قمامة ولا قشور بطيخ او خضار ولا حتى حفر كوسا  وباذنجان!!! .

دارت الدنيا بالفهلوي الجديد ، لكنه "فهلوي بن فهلوي" يجب ان يجد مخرجا ، فنظر ثانية  فوجد خلف باب البيت "برذعة حمار قديمة" – أجلكم الله-  !! فانفرجت اساريره وأيقن بالخلاص من الورطة.

الفهلوي الجديد: هذا اللي ضر العيان (المريض) هذا اللي رح يكتله ( يقتله) ، كيموا ( أزيلوا) كشر ( قشر) هالحمار وارموه برة!!!

إن أول ما يقوم به الفهلويون الذين يمسكون بزمام أمورنا اليوم هو الزعيق والتحذير من التعاطي مع المشاريع والطروحات  والمؤامرات و.....– ضع في الفراغ ما تريد- والتهديد من المخاطر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والسلم والاستقرار المجتمعي للتعامل او الحديث أو قراءة كذا وكذا !! . ويمعنون بالترهيب أننا نضر انفسنا وان سعة معرفة وعلوم وعلاقات الفهلويون الذي يمسكون زمام الأمور ، هي الضمان الوحيد للنجاة ، فهم وحدهم أهل الدين واهل الوطنية واهل النضال وأهل الجهاد واهل الكفاح وأهل السياسة والاقتصاد والصناعة والتجارة ...... الخ.

طبعا فهلوي زمان كان نصابا صغيرا ، يكفيه القليل  ويلعب على مخاوف المحتاجين لعلاجه ، أما فهلوي هذه الأيام فهو يبتز ويضطهد و يعيث في الأرض فسادا ويفرض علاجه السام على الصحيح والسقيم . فإذا  اندحر الفهلوي الأب ، تقلد رقابنا الفهلوي الابن بدعوى الحق الإلهي أو التاريخي أو النضالي أو ...... !! 

الخلاصة: إن إدارة أمور الناس في السياسة والاقتصاد والصحة والتعليم لا تكون بالفهلوة الزائدة و ليس قدرنا ان يورث الفهلوي الأب ، فهلوياً أبناً يمارس حذاقته  وفهلويته بعدما  دمرنا ابوه بفهلويته و جابنا "قاع ابريق" كما يقول المثل.