الكوشيون بقلم: توفيق أبو شومر
تاريخ النشر : 2019-07-11
الكوشيون  بقلم: توفيق أبو شومر


كوشيون، خففوا الضغط على السفارديم !       بقلم/ توفيق أبو شومر

"حاولت فتاة أثيوبية، مهاجرة جديدة إلى إسرائيل الصعود لحافلة، إيغد، رقم 5 في تل أبيب، غير أن سائق الحافلة أغلق في وجهها الباب، طرقتْ الفتاةُ  زجاجَ الباب، غير أن السائق رفض أن يفتح لها باب الحافلة، وعندما قدمت فتاةٌ أخرى ذات بشرة بيضاء فتح لها السائقُ الباب، قالت الفتاة الإثيوبية: التصقتُ بها، دخلتُ الحافلة، قال لي السائق: ألا تفهمين؟ لا يسمح (للكوشيين) السود بالصعود إلى الحافلة، هل هناك حافلات في أثيوبيا؟ لماذا لا تسيرين على قدميك؟ فأنت حينما كنتِ في أثيوبيا لم يكن لديك حذاء، وها قد صرت تملكين حذاء، فلماذا لا تمشين؟ رفض السائق قبول الأجرة منها أيضا وقال: حصلتِ على الهجرة، وأصبحت متكبرة! ردت عليه قائلة: هل تقبل أن تعامل أمك بمثل هذه الأقوال؟ أمسك بثوبي وصاح:

 لا تذكري أمي، وكان يهمّ بضربي قال:  ارجعي إلى أثيوبيا أنت لست يهودية، من أحضركم إلينا، أنتم تدمرون بلدنا، أيها الأغبياء؟  قالت: هبطتُ منها وأنا أبكي. (يديعوت أحرونوت 12/8/2009) .

أما عضو الكنيست، أديسو مسالا، إثيوبي هرب من إثيوبيا عام 1980 إلى إسرائيل، لأنه كان ينتمي للحزب الشيوعي المحظور في إثيوبيا في ذلك الوقت، التحق بحزب العمل الإسرائيلي، وصار عضو كنيست من 1996-1999م، ثم هرب مرة أخرى من إسرائيل، عاد إلى إثيوبيا رجلَ أعمال قال: "شاركتُ في مظاهرات احتجاج على التمييز العنصري ، وعلى  التخلص من دم المتبرعين الإثيوبيين وإتلافه، خوفا من أن تكون دماؤنا حاملة للإمراض.

 المجتمع الإسرائيلي لا يقبل الآخرين المختلفين عنه" (القناة الثانية 9-5-2015م)

للعلم فقط؛ إن لفظ " كوشي" المستخدم للذم والاستهزاء عند المتزمتين الإسرائيليين، يشير إلى حضارةٍ إفريقية قديمة ومزدهرة، كان مقرها الرئيس، بلاد النوبة في السودان، وهي فرع من الفرعونية، امتد تأثيرها من شاطئ البحر المتوسط إلى أواسط إفريقيا، وأن الكوشيين بنوا أكثر من مائتين وأربعين هرما في مصر، في عهد الأسرة الخامسة والعشرين، وأنهم كانوا محاربين أشداء، عرفوا تجارة الذهب، والعاج، وخشب الأبنوس.

زُعِمَ أنَّ هؤلاء الكوشيين، (الفلاشاه) تعود أصولُهم إلى قبيلة، بيتا اليهودية، في إفريقية، على الرغم من أن معظم اليهود ما يزالون يؤمنون بنقاء العِرق اليهودي، وأن كل اليهود هم من عِرق أبيض فقط، وليس فيهم ذوو البشرة السوداء.

في ضوء سعي إسرائيل لتعديل الميزان الديموغرافي مع الفلسطينيين، أصدر حاخامو إسرائيل الكبار، وعلى رأسهم الحاخام السفاردي السابق، عوفاديا يوسيف، فتوى باعتبار طائفة الفلاشموراه يهودا، وعلى الرغم من هذا الاعتراف إلا أنَّ الحاخامية الكبرى في إسرائيل أخضعتهم لإجراءات تهويد جديدة، بعد أن نفذت عمليات عسكرية لجلب أكثر من مائة ألف إلى إسرائيل، بخاصة الجيل الشاب، ليخدموا في الجيش، في مناطق الحدود.

ثار كثيرون على فتوى الحاخام، عوفاديا يوسيف، وعلى قرار منحهم حق العودة، واتهموا الفلاشموراه  بأنهم سينشرون مرض الإيدز، والسل، والإيبولا، حتى أنهم أذلوهم عند قدومهم، وأسكنوهم في عشوائيات المدن الإسرائيلية، في العفولة، الخضيرة، وغيرها في كرافانات، وبيوتٍ من الصفيح!

 رفض بنك الدم المتبرعين منهم، إلا بعد مرور عشر سنوات على إقامتهم في إسرائيل!!

لقد كان الحاخام، عوفاديا يوسيف، حكيما، لئيما، من وجهة نظري، حينما أفتى بيهوديتهم، لأن هذه الفتوى نقلتْ النقمة، والكره، والاضطهاد العنصري، من كُره لطائفة الحاخام السفاردية، فأصبحت النقمةُ، والكُرهُ، والتمييز العنصري بعد قدوم الفلاشاه موجهةً إلى طائفةٍ جديدة، وهي الفلاشاه، أو الكوشيين!

فقد ظلَّ الإسرائيليون المنحدرون من أصولٍ أوروبية، (الإشكنازيم) يعتبرون أنفسهم هم  فقط أهل الحضارة والصفوة، أما المجلوبون من الشرق، (السفارديم) فهم المتخلفون. لا تُمنح لهم الوظائف الرفيعة، والمناصب السياسية، بخاصة في رئاسة الأحزاب!

 هكذا، نقل الحاخام السفاردي موجة الاحتقار والظلم إلى الكوشيين، الإثيوبيين، لأنهم يحملون (نقيصتين) في عُرف العنصريين، الأولى، نقيصة السلالة، أي أنهم إفريقيون، سافارد، والثانية، أنهم سُود اللون!