"وهم عملية السلام"، استخدمت للتغطية على استمرار الاحتلال والاستيطان والعدوان
تاريخ النشر : 2019-07-11
"وهم عملية السلام"، استخدمت للتغطية على استمرار الاحتلال والاستيطان والعدوان


 بقلم:المحامي علي ابوحبله
« وهم عملية السلام»، استخدمت للتغطية على استمرار الاحتلال والاستيطان والعدوان
كلمة رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين خلال مؤتمر هرتسيليا للمناعة والأمن الإسرائيلي الذي ينظمه معهد السياسات والإستراتيجية الإسرائيلي تطرق فيها إلى عدة ملفات في مقدمتها الملف الإيراني والأوضاع في سوريا والتطبيع مع الدول العربية.
وأوضح أن "هناك دولا عربية في المنطقة تعترف بإسرائيل، وتعترف بحق إسرائيل في الوجود باعتبارها حقيقة واقعية، وبناء على ذلك تقيم معها علاقات تعاون، من خلال الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة". وذكر أنه "على الرغم من أن هذه الدول (العربية) لا يوجد علاقات سلام رسمية معها، إلا أنها تشاركنا بالفعل، المصالح والتعاون المتنوع، وقنوات الاتصال بيننا وبينها مفتوحة". ونوه إلى أن "جهاز "الموساد يرصد فرصة نادرة، لربما الأولى في تاريخ الشرق الأوسط، للتوصل إلى تفاهمات إقليمية، قد تؤدي إلى اتفاق سلام شامل"، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن "المصالح المشتركة مع الدول المختلفة في المنطقة، والصراع مع خصوم كإيران والإرهاب الجهادي، تقوي هذه الفرصة". وكشف أن الموساد هو الذي "قاد الطريق إلى اللقاءات التي عُقدت في سلطنة عُمان" في إشارة إلى زيارة نتنياهو إلى مسقط نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018 ولقائه مع السلطان قابوس بن سعيد.
وأشار إلى أن "الموساد يعتقد بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق سلام شامل مع دول عربية بسبب التهديد الإيراني"، مضيفا أن "هناك نافذة فرصة قد تتوفر لمرة واحدة".
مرتكزات هذه الرؤية لرئيس جهاز الموساد كوهين ووصفه لها بالمصالح المشتركة مع عدد من الدول العربية، والعلاقات الوطيدة مع البيت الأبيض، وصولاً إلى قنوات الاتصال مع الكرملين التي رأى أنها «جميعها معاً تخلق نافذة فرص قد لا تتكرر». لكن، هل هذه الوقائع كافية لتحقيق الطموح الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية، وتحديداً في ضوء عناصر القوة التي يتمتع بها الفلسطينيون وحلفائهم في المنطقه ؟
لم يعد خافياً أن إسرائيل ترى في البيئتين الإقليمية والدولية الحاليتين فرصة لفرض صيغتها للتسوية. لكن هذه الرؤية لم تكن لتتشكل لولا مسارات فارقة مرّ بها الصراع مع إسرائيل . المسار الاول «اتفاقية كامب ديفيد»، ثم «اتفاق أوسلو» الذي لولاه لما ارتقى الرهان الإسرائيلي إلى المستوى الذي هو عليه الآن. إلا أن مفاعيل «أوسلو» لم تعد مقتصرة على الترويج لمقولة أن معادلات القوة الدولية والإقليمية لا تسمح بالإعداد للتحرير، وأن الواقعية تفرض الإقرار بواقع الاحتلال والتسليم به، بل بلغت حدّ ألمطالبه الاسرائيليه بالاعتراف بيهودية الدولة
اكتملت شروط بلورة الفرصة التاريخية، ودائماً من منظور إسرائيلي، مع تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة. تطور تعاملت معه تل أبيب بوصفه فرصة قد لا تتكرر، وهو ما دفعها إلى الاستعجال في خطواتها السياسية والعملية الاستيطانية واعتراف ترمب بالقدس عاصمه لاسرائيل ونقل السفاره الامريكيه للقدس والاعتراف بالسياده الاسرائيليه على هضبة الجولان ومحاولات تسويق صفقة القرن التي تصطدم بعقبه كاداء الرفض الفلسطيني والاردني لهذه الصفقه
إسرائيل تطمح لتحقيق سلام مع دول عربيه وتمح في ذلك تغير اللعبة الاقليميه بتغير المصالح مثل ما افضت الى ذلك تحقق اتفاقية كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر»، وهو ما يحضرله أيضاً في طيّات كلام رئيس «الموساد».حيث يستند تقدير كوهين إلى خلط مقصود بين الحدث ومفاعيله المفترضة، على رغم أن عقد اتفاقات سلام بين أنظمة خليجية وإسرائيل، بل التحالف بينها، لا يعني بالضرورة تصفية القضية الفلسطينية، وتوفير الأمن والاستقرار لتل أبيب. فقد أُبرم مثل هذا الاتفاق في نهاية سبعينيات القرن الماضي (كامب ديفيد)، لكنه لم يؤدِّ إلى تصفية القضية، على تسبّبه بتغيير هائل في موازين القوى لمصلحة إسرائيل، وهو ما ينسحب أيضاً على «أوسلو». السبب المباشر في ذلك أن الشعب الفلسطيني هو المَعْبر الحصري لتحقيق هذه الأهداف، وما لم يسلّم الفلسطيني للاحتلال، فسيظلّ عقبة كأداء أمام مشاريع «السلام»، الأمر الذي تجلى بوضوح أخيراً خلال «مؤتمر البحرين».
أكثر مما تقدم، أصل المقارنة مع «كامب ديفيد»، أو اعتبار أن هذه الاتفاقات ستقود إلى سلام شامل، تقدير في غير محله. ذلك أن النتائج التي ترتبت عن «كامب ديفيد» تعود بالدرجة الأولى إلى المكانة التي كانت تحتلها مصر في معادلة الصراع مع إسرائيل، وهو ما أدى إلى تغيير في موازين القوى نتيجة انتقالها من ضفة إلى أخرى. كان يمكن أن يؤدي هذا التحول إلى نتائج أبعد مدى بكثير مما جرى، لكن المعادلات دائما تأتي بعكس التمنيات الاسرائيليه ويبقى العامل الأكثر أهمية في تعزيز الرهان الإيجابي لمصلحة مستقبل فلسطين، أن الثوابت الوطنية الفلسطينية ومعها قوى عربيه تتمسك بالحقوق الوطنية تتمتع بعناصر قوة إستراتيجية لم يسبق أن تمتعت بها في كل مراحل الصراع..
أن السلام الوهمي هو من جعل إسرائيل تعيش في حالة تطرف وحماقة، وآن الأوان لأن يعرف العالم بأن الاحتلال لازال يمارس الجرائم التي يهدف من خلالها الانتقام ويخرق الاتفاقات والمعاهدات ويمارس الجرائم وسياسة التمييز العنصري ويهود المقدسات ولا يراعي في ذلك احتراما للمعاهدات والاتفاقات ويبيع الوهم بمسمى تحقيق السلام مع من لا يملك مفاتيح تحقيق الامن والسلام .
لا يمكن إحياء العظام وهي رميم، ولا يجب إحياء ما سميت «عملية السلام»، لأنها استخدمت للتغطية على استمرار الاحتلال والاستيطان والعدوان، خصوصًا في الوقت الذي تكشر فيه الحكومة الإسرائيلية عن أنيابها، وتحاول توظيف ما يجري في المنطقة من دمار وإرهاب وتقسيم للبلدان العربية وإحياء للمذهبية والطائفية لمصلحة استكمال مقوّمات استكمال إقامة إسرائيل الكبرى.