مُسجل خطر بقلم:محمد نصار
تاريخ النشر : 2019-07-03
مُسجل خطر بقلم:محمد نصار


  " مُسجل خطر "..........ق.ق

لم يكن الأمر هينا ولا مقبولا على أحد من القرية، إذ كيف يجري اعتقاله بهذه التهمة الرخيصة وهو الذي يشهد له الجميع، بطيب خلقه وعاطر سيرته .

لم يقنعهم  الأمر ورفضوا كل ما أشيع عن اعتقاله، بل ذهبوا في آرائهم وتحليلاتهم إلى ما هو أبعد من ذلك، فادعى البعض بأنه من معارضي الحكومة وآخرون زعموا أنه متورط مع  كبار كادوه بليل، فيما أبدى فريق منهم تخوفات لم يطلعوا أحدا عليها.

يوم جلسة الحكم كنت بين الحاضرين، عدد من الأقارب وزمرة من المحامين الذين تبرعوا للدفاع عنه، بعضهم يحادثه من خلف القضبان، فيما الآخرون جلوس يتهامسون بيننا، أشرت بيدي من بعيد، فرد بابتسامة واثقة، ثم علا صوت الحاجب صائحا: محكمة.

وقفنا جميعا وعلى رؤوسنا الطير، صعد القاضي ومساعداه إلى المنصة، ثم أشار لنا بالجلوس، قلب الأوراق التي أمامه وأومأ إلى الحاجب، فصاح مناديا: رائد ناصر العدل.

وقف صاحبنا ونظر جهة المنصة.

القاضي: المهنة ؟

- محامي.

القاضي: " بعد تفحص وصمت " محامي ولص.

- ليس صحيحا.

- وما الصحيح إذن.

- أنا لم اسرق أحدا.

- الاتهام الموجه إليك والأدلة الواردة فيه، تشير إلى قيامك بتزوير أوراق وشهادات ضد عدد من السادة والأشراف من رموز الوطن وأعيانه، لصالح بعض السوقة واللصوص، مقابل مبالغ من المال... فماذا تسمي ذلك؟ 

- باطل وليس صحيحا وكل ما جاء في لائحة الاتهام لا يمت إلى الحقيقة بصلة.

- وما الحقيقة إذن.

- أنني حاولت استعادة حقوقهم المنهوبة.

- بالتزوير والتحريض.

- لم أزور ولم أحرض.. إنما عرفتهم بتلك الحقوق.

القاضي: " بشيء من الانفعال" أنت محامي وتعلم أن الحقوق يكفلها القانون ولا  تأخذ عنوة، أو بالتحريض عليها .

- إذن حاكموا من انتزعها منهم عنوة، ثم حاكمونا .

- نحن هنا للعدل بين الناس ولا داعي للفذلكات.

- لو كان هناك عدل كما تقول، لما كنت هنا.

القاضي : " بحدة وانفعال "  ألا تثق في عدالة المحكمة وتطعن بها!.

- أثق في عدالة الله.

القاضي: " مستشيطا" الحكم بعد التشاور.

خيم سكون قاتل على القاعة وبعض همس دار بين ثلة المحامين الذين تفاجأوا بالحوار، فيما صاحبنا يجلس مبتسما وكأن الأمر لا يعنيه، دقائق معدودة دخل بعدها القضاة مرة أخرى، فوقفنا جميعا لسماع الحكم .

حكمت المحكمة حضوريا على المتهم رائد ناصر العدل، بالحكم سبع سنوات مع الشغل والنفاذ.

المتهم: لا عليك، سأجد طريقة لانتزاع حقي مرة أخرى.