التمرد على النخب الحاكمة بقلم: ابراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2019-06-26
التمرد على النخب الحاكمة بقلم: ابراهيم شواهنة


دعونا نفهم القصة والحكاية لأن كل شيء انكشف وظهر على حقيقته ولن ينجح بعد الآن التخفي خلف الأصابع ، قد تختلف التفسيرات وتتعدد التأويلات ، لكن القصة واحدة وأصل الحكاية واحد ، فمرد هذا التخاذل .. هو نتيجة الغزو الثقافي الغربي لمجتمعاتنا ووضعنا تحت رحمة معتقداتهم وأفكارهم و قوانينهم . وهذا ما دفع بنا لإعلان حالات تمرد بدأت من البيت والشارع والجوار وتفاقمت حتى وصلت إلى التمرد على الدولة بغض النظر عن سلبياتها أو إيجابياتها ، وكان الأمر يحتاج إلى بعض التحريض أو تمرير تجارب كتب لها النجاح وبنظرة سريعة على واقعنا المعاش وما وصلنا إليه من تسيب وانفلات .
فأصبحنا بين عشية وضحاها نقف في وجه حكامنا رافضين كل القوانين ، وكأن لاقانون ولا ضوابط ، نتمرد على شيىء حتى على أنفسنا ، ضاربين بعرض الحائط كل النظم والضوابط
وحين نسأل عما فعلناه ولا زلنا نفعل ، يردون علينا أين هي هيبة الدولة والسلطة . حيت تبدد الآمل في أمنيات ذهبت أدراج الرياح .
وعود لم تنفذ ، وحقوق تضيع وثوابت تم التنازل عنها بجرة قلم ، أقتصاد يتوكأ على عماه
حالة من الركود والسكون ، ننظر لما هم حولنا ببلاهة المستسلمين .
كل شيىء انفلت من عقاله في كل أوطاننا ، وكأننا ضحية جبن زرعناه في قلوبنا ، وفضلنا السكوت
نحن نغرق ونعاني من حالة السقوط في مستنقع اختلاف المفاهيم وما يسمى بالبديهيات نرى تردي كبير في حالة الوعي الإنساني والأخلاقي لدى الغالبية العظمى من العرب ، وهذا ما مهد للمجاهرة بالخيانة والوقوع في شراك المحتلين الصهاينة وربيبتهم أمريكا ..لقد سعت الولايات المتحدة على مر عقود خلت الى نشر الأفكار التي تدعو للتحرر والانعتاق من نير الحكام وغلفت هذه الأفكار ببعض المفاهيم الكاذبة مثل وهم الديموقراطية وأنها بلد الحريات وعملت على تغير بعض الأنظمة العربية العميلة خاصة من وجدت عند شعوب تلك الدول البيئة الخصبة لدى شعوبها ،لاعتناق أفكار ومعتقدات غريبة عن مجتمعاتنا كرّست الشقاق والأنانية بين دول العرب وقوضت صلاة الرحم والقربى حتى بين الآفراد ، ولعل هذا ما كان يميز مجتمعاتنا الشرقية التي فيها امتداد للقبيلة والعشيرة ووحدة الدم. .

ومسألة الدين تظل حاضرة في كل مناحي حياتنا وعلى الرغم من وصول أيدهم إلى ذلك الدين فقد لعبوا على كل تناقضاتنا واختلافنا المذهبي والطائفي ..حتى أنهم جعلونا نشك في عقيدتنا على الرغم أننا بعيدون جداً عن الإيمان وما ينادي به ديننا ، نأخذ بما نريد ويفسره كل منا كما يريد ، نختلف على أقوال نسبت لفلان ابن فلان مهما تعاظمت مكانتنا العلمية والفكرية وننسى الكتب السماوية ، ثم ننقلب متى نود وحسب أهوائنا ومطامعنا على ما كنا أننا نؤمن به لنعتنق رأياً آخر قد يكون مناقضاً تماماً لما كنا نعتقد به ، هذه الأزمة نعيشها ونعيش انعكاساتها على حياتنا وهي ما تؤكد على انفصاميتنا ربما وأننا بحاجة إلى إعادة تأهيل أخلاقي . وهذه الحالة المتردية( الانفصامية ) التي وصلنا إليها قادتنا لننساق خلف الوهم والسراب ونتبنى التوافه والأذناب كما هو مخطط لنا تماماً ، فنعلن العصيان على خيبات الأمل التي لم تفارقنا يوماً وهي دون أن ندري كانت من صنع أيدينا ،

هنا نبدأ بالاعتراض على كل ما يحيط بنا من نظم وقوانين في الوقت الذي يتطلب منا أن نعترض على أنفسنا وما نقوم به من تلقاء أنفسنا ويخضع لحالتنا البيولوجية والفيزيولوجية والسيكولوجية ، أي أننا نريد أن نلقي اللوم دائماً وأبداً على غيرنا ونرفع المسؤولية عن أنفسنا كي نخلق الذريعة المناسبة التي تتيح لنا الهجوم أو التصرف كطرف مظلوم ومعذب . كلنا شاركنا بأي شكل من الأشكال في ما وصلت إليه الأوطان الآن ، فلا المعارضون هم أكثر حرصاً ووطنية ولا الموالون أقل معارضة من المعارضون والعكس صحيح ، إنما الخلل في التعبير وطريقة إيصال الرأي أو الاعتراض على الرأي الآخر ، وكل ما يحتاج إليه الأمر هو القدرة على الاختلاف وأن يتعود كل منا أن يتقبّل رأياً يخالفه دون أن يبيح دمه أو يهدره ، ولعل هذا يبدو أمراً سهلاً للوهلة الأولى ولكن تنفيذه لن يكون بالأمر الهين طالما بدأت تحكمنا الشخصية الانفصامية والتي أضحت من الشخصيات الهدامة والشريرة وليس العكس . إن الإصلاح ليست مسؤولية الدولة فقط ولا يمكن للدولة أن تضع رقيباً لكل واحد منا لتعلمه الأدب والأخلاق ( مثلاً) أو تدفعه لتحسين سلوكه ومعاملته مع الآخرين مما ينعكس إيجابا على العلاقات العامة والحياة الاجتماعية التي هجنت ببعض العادات الغريبة ، الإصلاح يبدأ من البيت والأسرة باحترام الصغير للكبير والتزام الكبير برعاية الصغير ، وزرع بذور الخير والحث على الفضيلة في العائلات والأسر ونبذ العادات السيئة التي قد تضر أو تسبب أذية ، وتعزيز دور المدرسة لتساهم في التربية والتعليم وليس التعليم فقط وتعميم التجارب المفيدة وإلقاء الضوء على كل ما يمكن أن يلعب دوراً مهماً في العملية التربوية .

كما أن اعتماد التطوير وإقامة ندوات و ورشات عمل ودورات منهجية للموظفين والعمال يساهم إيجابا على الإنتاج والأداء ومستوى المعيشة . أعود إلى أصل الحكاية لأقول أن لكل واحد منا رغبة في التغيير ولكن البعض يحجم عن المشاركة في المظاهرات لأنه يشعر بحجم الكارثة التي ستقع من جراء سقوط ما يسمى بالنظام الذي نحن جزء منه ، بل يدرك أن هناك أجندات مفتوحة على كل الاحتمالات هي التي تحرض الشارع وتلعب على وتر الطائفية حيناً وعلى مطالب معيشية حيناً آخر ، كما تظهر دلائل خطيرة وكثيرة تؤكد تورط دولاً كبيرة وشخصيات كثيرة عربية وغربية للتخلص من هذا النظام الذي يشكل شوكة في حلوقهم والممانع لكل مخططاتهم الخبيثة والشريرة والتي تمهد لشرق أوسط جديد تكون فيه إسرائيل هي الأقوى والمسيطرة على ثروات دول المنطقة دون أن تخشاهم مجتمعين ، وهناك من خرج للمطالبة بالحرية وتحسين الحالة المعيشية لهم وعندما تم تلبية مطالب بعضهم ووجدوا أن هناك من يستثمر مطالبهم للعبث بأمن الوطن وتخريب ممتلكاته وحمل السلاح لقتل الآخرين إن كانوا مدنيين أو من الأمن والجيش توقفوا عن الخروج حتى يتم تعرية هؤلاء المخربين التكفيريين والمأجورين الذي عاثوا فساداً وقتلاً وتنكيلاً ، هنا كان لابد من تتضح الصورة تماماً وتظهر الحكاية على حقيقتها وهنا أيضاً كان لابد أن نختار خاتمة سعيدة لهذه الحكاية ولن يصنعها إلا نحن أبناء هذا الوطن ، ولا أحد يمكن أن يتهرّب من مسؤوليته بصنع هذه الخاتمة السعيدة ، ومازال هناك متسع من الوقت رغم هول الأحداث الداخلية والتهديدات الخارجية فهل نحن مستعدون ؟؟؟