الصفعة الأخيرة على وجه أردوغان بقلم:د.خيام الزعبي
تاريخ النشر : 2019-06-26
الصفعة الأخيرة على وجه أردوغان بقلم:د.خيام الزعبي


الصفعة الأخيرة على وجه أردوغان الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

نادراً ما تتحول الإنتخابات المحلية في أي بلد إلى شأن إقليمي ودولي، إذ تحولت الإنتخابات المحلية التركية الى إهتمام إعلامي وسياسي واسع، فإنقسم الرأي العام خارج تركيا وداخلها بالدرجة نفسها تقريباً ، فحساسية الإنتخابات بالنسبة الى حزب العدالة والتنمية أنها تجرى في ظل ظروف بالغة الصعوبة، فالنظام التركي أصبح محاصر بالمشاكل والأزمات، خاصة بعد تراجع المؤشرات الاقتصادية بسبب سياسات أردوغان، وسوء إدارته للملف الاقتصادي أما خارجياً فإن سياسة أردوغان أمام تحديات كثيرة بفعل التطورات الإقليمية والدولية، حيث تتعثر خطوات أنقرة على الساحة السورية، بعد إنقلاب الدفة لصالح الجيش العربي السوري، فضلاً عن الاتهامات التي تتردد بشأن علاقة أنقرة بتنظيم داعش  ودعمها ومساندتها له، كما فشلت تركيا في سياسة عدم خلق خلافات مع دول الجوار إذ تعاني من نوع من العزلة الإقليمية .

في هذا السياق فشل رهان الرئيس التركي أردوغان على استعادة إسطنبول من "حزب الشعب الجمهوري"، بعدما طعن بنتائج الاقتراع الأول الذي جرى في 31 آذار الماضي، بحجة حصول مخالفات وتجاوزات مختلفة وقد فتحت هذه الخسارة العديد من التساؤلات التي تردد صداها مؤخرا في الأوساط التركية المختلفة، والتي تتعلق بمستقبل الرئيس أردوغان السياسي.

في السياق ذاته لم يكن فوز إمام أوغلو خبراً مفاجئاً للمتابعين في الأوساط السياسية والدولية إذ إن جميع استطلاعات الرأي التي جرت خلال الفترة السابقة أشارت إلى تقدم إمام أوغلو، وهذا الفوز يضع علامات استفهام كثيرة حول مسار انتخابات 2023 أي أنها ستكون صعبة للحزب الحاكم، بمعنى أن المعارضة التركية لن تسمح للرئيس أردوغان وحزبه بالتفرد بالسلطة بعد الآن، كما تعطي مزيدا من الزخم والاهتمام لرئيس الوزراء الأسبق داود أوغلو، وستدفعه بشكل كبير على تشكيل حزب جديد في ظل تراجع حزب العدالة والتنمية في تركيا.

إن الحرب على سورية لم تعد ذات مردود إيجابي للأنظمة والحكومات التي رعتها، كونها حرب معقدة ذات أبعاد دولية وإقليمية حيث يأكل فيها كل طرف خارجي نصيبه من حصاد السم الذي زرعه على مدى السنوات الماضية في سورية، بالرغم من أن تركيا إنخرطت في مشروع إسقاط النظام في سورية، على أمل تحقيق إختراق في الخريطة الإستراتيجية في المنطقة، فإنها تشعر الآن إن إستثمار مليارات الدولارات ووضع ثقل السياسة التركية وراء هذا المشروع معرّض للزوال، على ضوء إعادة العديد من الدول مراجعة سياساتها حيال تطورات هذا البلد، إضافة إلى ذلك ثمة تخبط واسع في داخل أنقرة حيال التعامل مع حقيقة تورطها في لعب دور سلبي في سورية، وإنطلاقاً من ذلك فإن حزب العدالة والتنمية لم يعمل أي عمل من أجل تحسين صورته بحيث يكسب المزيد من الأصوات في الإنتخابات البرلمانية ، بالتالي ثمة سيناريوهات قوية في أن يؤدي تكرار فشل أردوغان في الإنتخابات القادمة إلى تصدع كامل في صفوف حزبه الحاكم وخاصة بعد تراجع شعبيته في هذه  الإنتخابات ، وهي فرصة لخصوم أردوغان للإجتماع مجدداً بعدما أثبتت التجربة السابقة أنه بإمكانهم حجز حصة مؤثرة في الإنتخابات وتغيير مسار البلاد السياسي بشكل كبير.

مجملاً...إن هزيمة حزب "العدالة والتنمية" في انتخابات أسطنبول يمثل الصفعة الثانية للنظام التركي، و هذه الانتخابات تعني فتح صفحة جديدة وهي بداية مرحلة انحدار في شعبية أردوغان أي أن هناك أيام عصيبة تنتظر الرئيس أردوغان، ومن هذا المنطلق يجب على تركيا أن تتأهب لمرحلة جديدة، فإضطراب الأوضاع في تركيا مسألة وقت، وأن النار تحت الرماد.

[email protected]