البقاء للضعفاء بقلم: أسماء عبده قائد
تاريخ النشر : 2019-06-24
البقاء للضعفاء

 الذين تعبوا من كل شيء ، هُمِ الذين يتناولون قهوتهم المُره ليلاً مع نهاراً حلوة المذاق في صبرهم ، يُدونون حُروفهم بِصمت ثم يُغلفوها بدموع مالحة الطعم ، ينسحِبوُن من كل شيء وكأن الأرض لم تُبنى لهم ، يعشقون السماء والمكوث طويلاً تحت ضوءِ القمر ، يشعرون أن كُل شيء يقترِبون له يبادرهم بالسراب ، وجبتهُم المفضلة القليل من كل شيء لا بأس حتی يبقوا على قيدِ الحياة لا غرض التلذذ بتناوله ، يبوحون على الأرصِفه بخطواتِهم وعلى الألواحِ بخيالِهم ، وإلى السماء بأمنياتهم، على رملِ شاطئ البحر بأَحزانِهم، يحتضنون برد الشتاء بدفءِ هُروبِهم من كُل ِشيء ، يهرولون بقلوبهم إلى الله ، يُحدثونه دون إِنقطاع تارةً في بُكاء وتارةً في حُب وتارةً في فَرح ، يطلبون منه القوة الجبارة التي تجعلهم منتصرين رُغم الأَلف مِحنة تطرُق بابهم كل صباح وتُصافحهُم للمكوث في أَحلامِهم كُل مساء ، أَن يُحيط الله قلوبهم بهالة من الإِطمئنان والسكينة التي لا يعقبها فقد أو حنين، ثُم يستنجدون بإِسمه اللطيف أَن يلطف بما تبقى من تفاصيل أيامهم . 

يترددُ على مسامِعهم قصص تجعلهم يثبتوا رغم خدوش الحياة " قوة أيوب في صبره، ويقين يعقوب بفرحة اللقاء بيوسف، بلاإِله إِلا أَنت سُبحانك إِني كُنتُ من الظالمين في ثلاث ظُلمات من قلب يونس، بإِنغماس أطفالها حتى تنصهر جلودهم أمام عَينيها بحجة إِسلامها الذي أَخفته وفضحها إِسقاط المشط من يديها ببسم الله الرحمن الرحيم ، حرارة شديدة في قلب الصحراء وتكليب يديه ووضع أَثقال الصُخور عليه ومازال يُكررها أحد أحد " . 

البقاء لهُم لأَنهم مازالوا مستمسكين بِخيوط النجاة بأَن هُناك شيء سيسقط من رحمة الله ويحتَضنَهُم بِقوة تذرف دموع الفرح من أعيُنهم وتُنسيهم مرارة التفكير الذي وصفته لهم الحياة كدواء يَجب تناوله قبل موعد النوم بدقيقتين !

أسماء عبده قائد .