تحركات لها دوافعها بقلم:حمادة فراعنة
تاريخ النشر : 2019-06-24
تحركات لها دوافعها بقلم:حمادة فراعنة


تحركات لها دوافعها

حمادة فراعنة


تزداد حدة المواجهة، وحدة الاصطفافات الدولية، لمواجهة استحقاقات مطلوبة، غير واضحة المعالم، في نتائجها نظراً لفشل الأهداف التي سعت لها الأطراف الدولية والإقليمية المؤثرة على مسار الأحداث في العالم العربي . 
في سوريا لم تتحقق الأهداف الأميركية الإسرائيلية التركية في إسقاط النظام، بل وتعدلت في محاولة التكيف مع النتائج غير المرجوة لها، ومحاولات امتصاص هزيمتها بعد صمود النظام في وجه التدخلات الإقليمية الدولية والتي واجهتها أيضاً اعتماداً على تدخلات مماثلة وموازية من قبل روسيا وإيران عدلت من النتائج لصالح النظام، وأرست بدايات التعامل معه مع سلسلة الزيارات الرسمية وغير الرسمية بما فيها فتح السفارات في دمشق، تمهيداً للاستحقاق الأكبر وهو عودة دمشق إلى حضن الجامعة العربية، وهو الاستحقاق الذي سيحصل عليه النظام، وستدفعه الأطراف التي عملت على تجميد عضوية دمشق لدى الجامعة العربية. 
والفشل الثاني تمثل في فشل اجتماع وارسو بشأن قضايا المنطقة العربية خلال شهر شباط 2019، ومحاولات واشنطن فرض رؤيتها وأجندتها على القمة الدولية كما فعلت في القمة الإسلامية الأميركية يوم 22/5/2017، وحيث ولّدت عدواً للعرب بديلاً لعدوهم الوطني والقومي والديني الذي يحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، ويواصل التنكيل والقمع والقصف والتدمير والقتل للفلسطينيين وللسوريين على السواء، ولا يتجاوب مع قرارات الأمم المتحدة الدالة على ضرورة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة اللبنانية والسورية والفلسطينية، ونيل الشعب الفلسطيني كامل حقوقه كما أقرتها الأمم المتحدة وخاصة القرارين : قرار التقسيم والدولة 181، وقرار عودة اللاجئين 194 واستعادة ممتلكاتهم المنهوبة المسروقة . 
العرب أو بعضهم يختلفون مع إيران وضد تدخلاتها في مسامات الجسم العربي، ولكن وجود من يساعدها محلياً وتوفر قواعد الاستجابة لتدخلاتها والتوافق مع سياساتها هو العامل الذي حققت من خلاله لنفسها ما حققته، الأمر الذي يتطلب معالجة تدخلاتها الفظة من خلال العمل نحو كسب الشرائح المؤيدة لها وتغيير أولوياتها عبر إشراكها بمؤسسات صنع القرار لتكون أولوياتها وطنية داخلية ولا تنتظر الرهان على السياسات العابرة للحدود القادمة من طهران . 
نختلف مع إيران ولكنها ليست العدو الوطني والقومي والديني، بل هي مثيلة للأطراف الإقليمية الأخرى التي تسعى طمعاً ليكون لها مكانة وقاعدة حضور لدى العرب وداخل مساماتهم وهذا ما تسعى له تركيا وأثيوبيا كما تفعل إيران، والرد على تلك المحاولات يتم فقط عبر تحصين الجبهة الداخلية لكل بلد عربي عبر الانفتاح الداخلي وتوسيع رقعة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتقليص الفجوة الطبقية بين شرائح المجتمع العربي، ليكون الداخل العربي حصيناً ومحكماً لا يسمح بالتدخلات الفظة ولا يسمح بالولاءات غير الوطنية العابرة للحدود . 
التحركات الأردنية مع مصر والاستفادة من الهامش المتاح للقوى السياسية العراقية لتعزيز خياراتها الوطنية والقومية في مواجهة خيارات الولاء إلى طهران، وتوظيف الصمود السوري وانجازاته بهدف تعزيز الخيار العربي، حصيلة معقولة يمكن البناء عليها لتمرير الرهان العربي، فقد كانت نتائج قمة الظهران العربية يوم 15/4/2018، متصادمة تماماً مع نتائج القمة الأميركية الإسلامية يوم 22/5/2017، وهذا يعود إلى فشل سياسة واشنطن في فرض رؤيتها الإسرائيلية على العرب وتوجيههم ضد إيران بديلاً عن عدوهم الوطني والقومي والديني الذي يحتل أولى القبلتين، وثاني الحرمين، وثالث المسجدين، ومسرى سيدنا محمد ومهد السيد المسيح .