مؤتمر المنامة، الصفقة الميتة بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد
تاريخ النشر : 2019-06-23
مؤتمر المنامة، الصفقة الميتة  بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد


مؤتمر المنامة، الصفقة الميتة
د. رياض عبدالكريم عواد

يعقد في المنامة عاصمة البحرين يومي 25 و 26 من الشهر الحالي ما يسمى مؤتمر المنامة للازدهار الاقتصادي، هدف هذا المؤتمر جمع 50 مليار دولار في مدة 10 سنوات. توزع هذه المليارات الوهمية على الضفة الغربية وقطاع غزة بمقدار 27.813 مليار دولار، توزع هذه المليارات على القطاعات الإنتاجية والخدمية والتنموية المختلفة، حيث سيكون النصيب الأكبر لقطاع النقل 6.562 مليار دولار بنسبة 24%، والاصلاح الحكومي 3.330 مليار دولار بنسبة 12%، والخدمات الرقمية 2.625 مليار دولار بنسبة 10%، وقطاع الطاقة 2.539 مليار دولار بنسبة 9%، والمياه 2.322 مليار دولار بنسبة 8%، وباقي القطاعات الخدمية بحوالي مليار دولار لكل قطاع، فيما سيكون نصيب الزراعة والصناعة هو الاقل بواقع 0.910 مليار دولار و 0.875 مليار دولار، بنسبة 3% لكل منهما على التوالي.

هذا طبعا بالإضافة إلى عشرات المليارات لاغراء الدول العربية المتاخمة لفلسطين لاستيعاب وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، حيث سيكون نصيب الاردن 7.365 مليار دولار، ومصر 9.167 مليار دولار، ولبنان 6.325 مليار دولار.

ان الأهداف العليا لهذه الخطة في الاراضي الفلسطينية المحتلة تتمثل في:

1. مضاعفة الناتج القومي الفلسطيني الخام
2. ايجاد أكثر من مليون وظيفة
3. تخفيض معدلات البطالة إلى الحد الأدنى
4. تخفيض 50% من معدلات الفقر

هذه محاولة أمريكية إسرائيلية واضحة لاستبدال الأهداف الوطنية السياسية الفلسطينية باهداف اقتصادية، مستغلين الوضع الاقتصادي الذي تمر به السلطة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، من خلال القرار الأمريكي بتجفيف المنابع المالية والاقتصادية للشعب الفلسطيني، حيث قامت إسرائيل بحجز اموال المقاصة الفلسطينية تحت حجج واهية، بعد أن اقتطعت منها مبالغ كبيرة ما يساوي قيمة مرتبات الشهداء والجرحى، كما ضغطت أمريكيا على مختلف الأطراف العربية والدولية لمنع أو تخفيض المساعدات المقدمة للسلطة والمؤسسات التي تدعم الشعب الفلسطيني مثل الانروا وبرنامج CHF والبرامج التنموية الأخرى مثل برنامج ال UNDP و USAID.

كما فشلت السلطة الوطنية لنفس السبب في الحصول على مظلة مالية من الدول العربية استجابة لقرارات القمم العربية.

أن التلويح بهذه المبالغ الكبيرة الوهمية هي محاولة لتحريض الفلسطينيين على حكومتهم وجعلهم ينقلبون عليها، كما تتمنى إسرائيل.

أن أمريكيا الداعية لهذا المؤتمر وصاحبة الخطة لن تلتزم بدفع أي مبالغ مالية لدعم خطتها، لكنها ستطلب ذلك من مختلف دول العالم، وخاصة من دول الخليج التي ستستحيب نظريا للمطالب الأمريكية دون أن تفي بذلك عمليا، كما تؤكد كل التجارب السابقة.

أن إسرائيل لن تستجيب ايضا عمليا لهذه الخطة فهي لن تسمح بحرية الحركة داخل الأراضي المحتلة، ولن تقلل من عدد الحواجز ونقاط التفتيش المنتشرة في الضفة الغربية، تحت دعاوى الاحتياجات الأمنية. كما لن تسمح اسرائيل بقيام ترابط بين غزة والضفة الغربية من خلال الطريق الأمن أو إنشاء خط سكة حديد، كما تقترح الخطة، حيث صرح عضو الكنيست عنات بيركو: لن يحدث ربط "ممر" بين غزة والضفة الغربية، أي خطة سياسية لربطها ستشكل خطرا على "إسرائيل".

كما ستفرض إسرائيل شروط جديدة لتنفيذ الخطة في قطاع غزة. يقول زعيم حزب أزرق أبيض، بيني غانتس: "أي مبادرة معروضة في إطار "صفقة القرن" يجب أن تكون جزءًا من الجهود المبذولة لتجريد قطاع غزة من السلاح وإعادة الأسرى والمفقودين ومنع النشاطات الإرهابية.

أن هذه الخطة الفاشلة، والتي ولدت ميتة وستنتهي وتتلاشى على صخرة الصمود الفلسطيني الشعبي والفصائلي والسلطة الوطنية يظهر ذلك جليا من خلال رفض أي جهة أو أفراد فلسطينين المشاركة في هذا المؤتمر، بعيدا طبعا عن مشاركة عدد من العملاء الصغار، الهاربين إلى أمريكيا واسرائيل، والذين يتطلعون لسداد ما عليهم من شيكات مرجعة للبنوك، ويلحسون بعضا من الفتات الذي ستسمح لهم به إسرائيل، ويواصلون سبهم وشتائمهم ومحاولات التشويه التي يقودنها ضد الشعب الفلسطيني وفصائله وسلطته الوطنية.

يجب على ترامب والولايات المتحدة الأمريكية أن يفهما استحالة تخلي الفلسطينين عن حقوقهم السياسية واستبدالها بمنافع اقتصادية مهما كانت الحاجة لها، لا يمكن شراء كل شيء بالمال، كما يقول المناضل أيمن عودة

إن فشل هذا المؤتمر يظهر أيضا من خلال تدني مستوى التمثيل العربي فيه، خاصة بين الدول الفاعلة، حيث ستشارك الاردن من خلال الأمين العام لوزارة المالية، وسيرأس الوفد المصري نائب وزير الاقتصاد.

أن الشعب الفلسطيني الذي يرفض هذا المؤتمر ويتصدى له مطلوب منه مزيدا من الوحدة والالتفاف حول م ت ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والسلطة الوطنية الفلسطينية الحاضنة الوطنية والاجتماعية لنضالات وصمود الشعب الفلسطيني والداعمة لبقائه على ارضه.