فلسطين:معركة الاحتلال ومعركة المصالحة!!بقلم:د. ناجى صادق شراب
تاريخ النشر : 2019-06-17
فلسطين:معركة الاحتلال ومعركة المصالحة!!بقلم:د. ناجى صادق شراب


فلسطين:معركة الاحتلال ومعركة المصالحة!!

يواجه الفلسطينيون معركتان حاسمتان لا يمكن فصل إحداهما عن ألأخرى ، معركة إنهاء الاحتلال منذ 1967، ومعركة المصالحة التي تجاوز عمرها الآن العشر سنوات، وهى فترة زمنية ليست قصيره وتداعياتها خطيره. وهاتان المعركتان إنعكستا على خيارى المفاوضات والمقاومة.فلا شك أن معركة المصالحة ساهمت في تعثر كل من خيارى المفاوضات والمقاومة. وعليه لا يمكن تصور نجاح الفلسطينيين في إنهاء او كسب معركة الاحتلال بدون المصالحة ، ولا يمكن تصور المعركة السياسية معركة إنهاء الإحتلال وهى الأشرس  في تاريخ فلسطين دون المصالحة . ولو أردنا أن نلخص المصالحة في كلمة واحده لقلنا أنها تعنى إجها ض لكل الخيارات الفلسطينية ، وتفريغ لعناصر القوة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال. الفشل في معركة المصالحة يديم معركة الاحتلال، ويعمق من جذوره.ولوقارنا ما قامت به إسرائيل من سياسات إستيطانية وتهودية للآراضى الفلسطينية ، وقتل فكرة حل الدولتين لرأينا أن ذلك إرتبط بسنوات الإنقسام. إنهاء الاحتلال يحتاج إلى موقف سياسى فلسطيني موحد وقوى وفاعل وتوافق على الترابط بين خيارات المفاوضات والمقاومة . والمفارقة بين هذين الخيارين أنهما تعتمدان على القوة ، والقوة غائبه مع إستمرار الإنقسام. والنتيجة الحتمية لإستمرار الإنقسام تثبيت ألإحتلال ، بل شرعنته، وتحوله لحقيقة سياسية ، وتقوية موقف إسرائيل من عمليات الضم. وما ينبغي التركيز عليه هنا أن عين إسرائيل اليوم على الضفة الغربية وليس على غزه كما يعتقد البعض، غزة تحولت لوظيفة سياسيه لما تريد إسرائيل تحقيقه في الضفة الغربية. إسرائيل لا تخشى من قيام دولة فلسطينية بل قد لا تعارض على ذلك في غزة ، لأنها بكل المقاييس ستكون دولة تابعة هشه وفاشله، ويمكن التحكم فيها من كل منافذها ، ناهيك أنها ذات مساحة صغيره تصل لحوالى واحد في المائة من مساحة فلسطين، ناهيك انها من الناحية الجيوسياسية لا تؤثر على شكل الخارطة السياسية التى تسعى إسرائيل لتثبيتها بوقوعها في هامش الخارطة السياسية لفلسطين، بل إن إقتطاعها قد يساعد على إكتمال الخارطة التى تريدها إسرائيل،اما الضفة الغربية وهى أرض المعركة الحقيقية فمساحتها تقارب العشرين في المائة من من مساحة فلسطين الكلية ، وتقع في قلبها، فهى من منظور جيوسياسى منطقى القلب الأولى أمنيا، وتشكل عمق إسرائيل اليوم، ولذلك تسعى إسرائيل بكل قوة للحيلولة دون قيام دولة فيها، وأقصى ما يمكن ان تسمح به توسيع دائرة الحقوق الاقتصادية والمعيشية لسكانها, وإذا ما أضطرت للقبول بدولة فيها فستكون أقل من عشرة بالمائه بإقتطاع المنطقة سى ، وتجريدها من كل مقوماتها ألأمنية والسيادية ، فوظيفة الأمن والحدود تبقى بيد إسرائيل، وهذا هو مفهوم فلسطين الجديده في صفقة القرن. لتحقيق هذه الغاية والهدف الإستراتيجى يأتى دور غزه، ودور الإنقسام، فإسرائيل لا تستطيع تحقيق هدفها بالحيلولة دون قيام دولة فلسطينية قويه قابله للحياه دون تعميق الإنقسام وتحوله لحقيقة وكينونة سياسية قائمه بذاتها، وهذا أيضا أحد أهداف صفقة القرن بتقوية غزه إقتصاديا وألإستثمار في بنيتها التحتيه. هنا تصبح معركة المصالحة أكثر إلحاحا من معركة إنهاء الاحتلال، لأنه بدونه سيتكمن الاحتلال، بل قد تعلن إسرائيل عن إنهاء إحتلالها ألأحادى للآراضى الفلسطينية في الضفة الغربية بالإعلان الرسمي والمدعوم أمريكيا من إدارة الرئيس ترامب بضم كل المستوطنات ، وبضم الضفة الغربية ، ومن ثم تعلن إنهاء إحتلالها، وهذا السيناريو سيكون ألأخطر ، وألأكثر كارثية ، تاركة الفلسطينيين في اقل من عشرة بالمائة من مساحة الدولة الفلسطينية ، وتاركة لهم البحث عن خياراتهم ألإقليمية مع ألأردن من خلال إحياء مشاريع الكونفدرالية. هذا هو الخيار المتوقع في السنتين القادمتين ، وهى الفترة المتبقية لحكم الرئيس ترامب قبل الدخول في الانتخابات الرئاسية الجديدة، إسرائيل تريد ان تستغل حالة ألإنقسام السياسى والضعف الفلسطيني إلى أقصى درجة بتحقيق أهدافها ألإستراتيجية ، وتوقعا لمرحلة ما بعد الرئيس عباس, ولا شك ان الفشل في معركة المصالحة يسهل عليها ذلك، ومما قد يدعم هذا التصور أن ألأولويات الفلسطينية في غزة باتت تتركز حول الوصل إلى هدنة لفترة زمنية محدده إنتظارا لما قد تسفر عنه الفترة القادمة من تحولات سياسيه على مستقبل القضية الفلسطينة. ويبقى أن ما ينبغي أن ندركه ويدركه قادة الحركتين في فتح وحماس ان معركة المصالحة تأتى في مرحلة التصفية والتفكيك للقضية الفلسطينية وأن الإنقسام هو المرحلة الدافعة والفاتحة لكل المراحل الأخرى ،بالإنقسام يمكن أن تتخلص إسرائيل من القضية الفلسطينية وتفرض حلولها ألأمنية ، وليس مستبعدا أن يكون هذا أيضا أحد أهداف صفقة القرن ، وليس مفاجئا البدء بالشق الإقتصادى ألإستثمارى الذى يغذى ألإنقسام، وتأجيل الشق السياسى ، والمقصود بالتأجيل إتاحة الفرصة أمام إسرائيل للتنفيذ الصفقة سياسيا على ارض الواقع, وبعدها يمكن بسهولة ألإعلان وألإفصاح عن الشق السياسى للصفقة, في هذه الرؤية تكمن خطورة معركة المصالحة وحتمية التسارع لإنجازها.وإلا يعتبر هذا نافيا للحق الوطنى الفلسطيني، ومساهما في ضياعه، وليسجل التاريخ ذلك. 

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]