الهجمات على ناقلات النفط قد تكون مسوغا للعدوان على إيران بقلم : حماد صبح
تاريخ النشر : 2019-06-17
الهجمات على ناقلات النفط قد تكون مسوغا للعدوان على إيران بقلم : حماد صبح
في شهر واحد ، بين 12مايو الماضي ، و3 1 يونيو الماثل ، تعرضت 6 ناقلات نفط في منطقة الخليج إلى هجمات مجهولة المصدر . هجمات مايو قرب ميناء الفجيرة الإماراتي ، وهجوما يونيو في بحر عمان . وعلى خلاف التردد في اتهام إيران بالمسئولية عن هجمات مايو ، بادرت أميركا هذه المرة ، وفي نفس اليوم ، باتهام إيران بالهجومين الجديدين ، وجاء الاتهام على لسان وزير الخارجية بومبيو مسندا المعلومات التي تبرر اتهامه إلى المخابرات الأميركية . مدة الشهر بين الهجمات الأولى والهجومين الجديدين تغري بالترجيح أن المنفذ واحد ، وأن هذه المدة مخطط لها لرفع درجة التوتر في المنطقة ربما إلى حرب بين أميركا وإسرائيل وأتباعهما العرب من جهة وبين إيران وحلفائها العرب من جهة أخرى . فأميركا ومن في صفها ، مهما كان الفارق بين موقفهم من الهجمات الأولى والهجومين الجديدين من حيث تحديد المتهم ، يحملون إيران حقا أو باطلا المسئولية عن تلك الهجمات . اتهامها هدف في ذاته لتسويغ أي حرب عليها . ومنع أميركا لتصدير النفط الإيراني هو في ذاته تهيئة لهذه الحرب ، وهو أيضا موجب لأن تعده إيران حربا غير مباشرة عليها . وفي الحرب العالمية الثانية منعت أميركا وصول ناقلات النفط إلى اليابان ، فبادرت اليابان بالهجوم الجوي على القاعدة البحرية الأميركية في هاواي في 7 ديسمبر 1941 ، فنشبت الحرب الشاملة بين الدولتين . إيران لا تريد المبادرة إلى الحرب مع أعدائها ، وتريد أن تترك لهم خيار المبادرة إليها ليتحملوا تبعات بدئها ميدانيا وقانونيا وأخلاقيا . ولاقيمة حقيقية لما قالته القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية بعد هجومي الخميس الجديدين من أنه " لا مصلحة للولايات المتحدة في الدخول في أي نزاع جديد في الشرق الأوسط " ، فهذه القيادة ليست مسئولة عن إعلان الحرب أو عدم إعلانها . هذه مسئولية القيادة السياسية ، وما قالته قد يكون نوعا من التضليل كلفت به . ثم إن الحرب ، أي حرب ، قد تقع لخطا ما في الحساب والتقدير من جانب أي طرف في دائرة التوتر ، وفوق هذا وقبله ، أعداء إيران ، وأخطرهم أميركا وإسرائيل ، يريدون أن يحجموها ويحدوا من تمدد نفوذها في المنطقة مثلما فعلوا بقوى عربية مثل مصر والعراق وسوريا ، ومثلما يخططون لفعله مع تركيا ذاتها . في عرف أميركا وإسرائيل ما من دولة عربية أو إسلامية يجب أن تكون قوية بما يسمح لها بالوقوف الحازم في طريق مطامعهما غير المشروعة في المنطقة ، وتهديد وجود إسرائيل أو تقزيم تسلطها فيها . لا نتنبأ بردة فعل أميركا في الأيام القريبة على الهجومين الجديدين ، ونستطيع أن نمضي قدما ونتساءل : ماذا لو حدثت هجمات جديدة على ناقلات النفط هذا الشهر أو الشهر القادم ؟! أليس واردا ومنطقيا أن تحدث هجمات جديدة ، وفق آلية التنقيط ، تقديرا منا بأن من شن الهجمات السابقة جهة واحدة ، وأنه أحد أعداء إيران ؟! أميركا في تاريخها البعيد والقريب ، أي منذ بيان " استقلالها " في 14 يوليو 1776 ؛ لم تتعرض لأي عدوان خارجي ، وكانت دائما هي البادئة بالعدوان على سواها ، وبمسوغات تفتعلها زورا وباطلا ، ولا نستبعد أن تفتعل مع إيران ما افتعلته في كل تاريخها : تفتعل مسوغات العدوان عليها محفزة من إسرائيل التي تتحرق لتحطيم إيران أو في الأقل إضعافها ، وبصبيانية وعبثية النظامين السعودي والإماراتي الجاهزين لتمويل أي عدوان على إيران . وقد لا يكون هذا العدوان اجتياحا بريا شاملا للأراضي الإيرانية . قد يكون هجوما جويا وصاروخيا على المراكز النووية والمطارات والمصانع ، خاصة الحربية ، والموانىء والسفن الحربية والتجارية الإيرانية . نحن مع أميركا وإسرائيل أمام دولتين خارجتين على كل القوانين والأعراف الدولية ، وتؤمنان بأن القوة العسكرية يمكن أن تحقق ما تريدان من مصالح في المنطقة لا مشروعية لها ، ونحن مع النظامين السعودي والإماراتي أمام " دولتين " تحكمهما عقلية قبلية ضيقة ، وتتصرفان بتبعية مطلقة للمشيئة الأميركية والإسرائيلية اقتناعا مترسخا منهما بأنه لا بقاء لهما بصورتهما الحالية دون الحامي الأميركي والإسرائيلي .