اعرفوا تاريخكم بقلم: د. مصطفى البرغوثي
تاريخ النشر : 2019-06-15
اعرفوا تاريخكم بقلم: د. مصطفى البرغوثي


اعرفوا تاريخكم
بقلم د. مصطفى البرغوثي

الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية 

من سوء المصادفات أن الذكرى الثانية والخمسين لاحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة والجولان جائت يوم عيد الفطر، ومرت للأسف دون كثير من الإهتمام.

ففي الخامس من حزيران عام 1967، شنت إسرائيل حربا عدوانية على الشعب الفلسطيني وعلى ثلاث دول عربية، مصر وسوريا والأردن، وقد غير ذلك العدوان الأوضاع الإستراتيجية في المنطقة، وترك آثارا ما زالت تتفاعل حتى اليوم.

ورغم أن الدعاية الإسرائيلية، التي تقلد أسلوب غوبلز، بمواصلة تكرار الكذب حتى يصدقه من صنعوه، إدعت في حينه ومازالت تدعي أن مصر هي بدأت الحرب، فإن الحقائق التاريخية الدامغة تفند تلك الادعاءات.

وبالنسبة للحركة الصهيونية، فإن ما بدى إنجازا بإحتلال ما تبقى من أرض فلسطين، تحول إلى كارثة ديموغرافية انتهت بإسرائيل الى إنشاء ما لا يمكن وصفه إلا بأنه أسوأ نظام أبرتهايد عنصري في تاريخ البشرية. 

وعندما ظن الإسرائيليون أنهم حسموا صراعهم مع الشعب الفلسطيني انفجرت في وجههم مقاومة غير مسبوقة متعددة الوجوه من الثورة الفلسطينية، إلى معركة الكرامة، إلى الانتفاضة الأولى والثانية وسلسلة طويلة من الهبات والمقاومة الشعبية. 

وفي الواقع فإن إسرائيل لم تخض حربا حقيقية منذ عام 1948 إلا مرة واحدة في عام 1973، وما عدا ذلك يمكن تصنيفه على أنه حرب من طرف واحد بسبب التفوق، الإسرائيلي في العدد، والعتاد، والسلاح والتخطيط، والدعم الأميركي المطلق. 

ولعل من أهم النتائج الاستراتيجية لعدوان 1967، أن الشعب الفلسطيني أدرك بصورة حاسمة ضرورة الإعتماد على النفس، ونجح في أن ينتزع حقه في تمثيل نفسه بنفسه، عبر الاعتراف التاريخي الذي تم بمنظمة التحرير. 

وكل ما قامت به إسرائيل منذ ذلك الحين، بدءًا باتفاقيات السلام التي عقدتها بما فيها اتفاق أوسلو، وإنتهاءً بما يحاولوا تمريره عبر ما يسمى" ب صفقة القرن" كان دافعه نية واحدة محددة، محاولة تصفية تأثير الوجود الديموغرافي الفلسطيني، ونتائج النضال الشعبي، وكل عناصر القضية الفلسطينية، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية الحقيقية والعودة وتقرير المصير. 

ولا تمثل ورشة المنامة، مثل مؤتمر وارسو من قبل، إلا محاولة خبيثة لسلب الشعب الفلسطيني حقه في تمثيل نفسه، لتمرير مشاريع واتفاقيات تصفي حقوقه الوطنية. 

وذلك لن يمر، لأن الفلسطينيين، رغم إنقساماتهم المؤسفة، موحدين دون تردد ضد" صفقة القرن" بكل مكوناتها. 

وهذه الوحدة يمكن أن تشكل، إن صفيت النوايا، وغُلبت المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية، والحزبية، والشخصية، قاعدة لإنهاء الإنقسام القائم بين "فتح" و"حماس"، ولقلب موازين القوى لصالحنا في الكفاح ضد مشاريع التصفية .

ملاحظتي الأخيرة، وأنا التقى يوميا بالشباب الفلسطيني، أنهم بحاجة ماسة، لكي يعرفوا تاريخ قضيتهم وتفاصيلها، مثل حاجتهم لتحصين أنفسهم بالمعلومات العلمية والتاريخية الدقيقة، في مواجهة الرواية الإسرائيلية. 

ولذلك أتمنى أنه تُكرس الحصة الأولى القادمة في كل صف دراسي، مدرسي أو جامعي، لشرح ما حدث في حزيران عام 1967، وما تركته تلك الأحداث من آثار.