متى نعزف نشيدنا الوطني الفلسطيني؟ بقلم:مهند إبراهيم أبو لطيفة
تاريخ النشر : 2019-06-13
متى نعزف نشيدنا الوطني الفلسطيني؟ بقلم:مهند إبراهيم أبو لطيفة


متى نعزف نشيدنا الوطني الفلسطيني؟
مهند إبراهيم أبو لطيفة

لفترة طويلة، كان نشيد " موطني"، هو النشيد الوطني الفلسطيني، غير الرسمي، واستخدم في فترة الجمهورية العربية المتحدة، وهو أيضا النشيد الوطني العراقي منذ عام 2003 ، قام بتلحينه الأخوان اللبنانيان فليفل (محمد وأحمد سليم فليفل).

 أما كلماته فكتبها كقصيدة ، شاعرنا الفلسطيني  النابلسي  إبراهيم طوقان (1905- 1941)، وهو الشاعر الشقيق لفدوى طوقان، وكتبه خلال دراسته الجامعية، في الجامعة الأمريكية في بيروت.

كتب طوقان هذا النشيد في مرحلة المد القومي في منطقتنا، حين كان الشباب العربي، يتطلع للإستقلال والوحدة، والتخلص من الهيمنة الإستعمارية، ويحمل أحلام النهضة والتقدم، والدولة القومية.

 ومنذ عام 1972، أصبح نشيد "فدائي" هو النشيد المعتمد، بعد نشيد العاصفة ، بقرار من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في نفس العام. واصبح معروفا بنشيد الثورة الفلسطينية، قام بكتابة كلمات النشيد الشاعر (سعد المزين) المعروف ب " فتى الثورة "، وهو من مؤسسي أولى الصحف الفلسطينية المعاصرة، التي كانت تصدر بإسم الثورة الفلسطينية، وقام بتلحينها الموسيقار المصري (علي إسماعيل).

 تضامنا مع قضية الشعب الفلسطيني، عمل الموسيقار اليوناني ( ميكيس ثيوذوراكيس) على إعادة توزيع ألحان النشيد عام 1981. وفي عام 2005 ، وضع المُلحن الفلسطيني (حسن نازك) التوزيع الموسيقى النهائي للنشيد، وأعتمد رسميا بقرار من مجلس الوزراء الفلسطيني ( قرار 181 ) في نفس العام .

تعبر مضامين هذا النشيد ، نشيد الثورة الفلسطينية، عن عُمق الإنتماء للوطن الفلسطيني، والأرض الفلسطينية، عن معاني البطولة والتضحية والفداء. عن روح المقاومة والتحدي ورفض الإنصياع لذل الإحتلال، والتمسك بالحق التاريخي للشعب العربي الفلسطيني.

 آلاف الحناجر الفلسطينية والعربية، رددت كلمات هذا النشيد في ساحات العمل الوطني والقومي، في معسكرات التدريب، والمهرجانات والإحتفالات السياسية، وحين توديع الشهداء.

 كانت الحناجر  تهتف بكل كيانها، شبابا وشيوخا، نساء وأشبالا، وأملها يُعانق السماء، ثقة بتحقيق الحُلم الوطني. كان هذا النشيد هو الـتأكيد على الهوية التي سعى الإحتلال لطمسها، والشخصية الوطنية والقرار الفلسطيني المستقل. وكان المُعبر عن وضوح " المشروع الوطني الفلسطيني "، الذي تحول إلى مشاريع وطنية . أو تم تفريغه من عناصر قوته التي توحد الشعب خلفه.

 وبتكريس حالة الإنقسام المدمرة ، والخطاب " اللزج اللين "، وباقي السياسات الحلزونية،  وغياب الإهتمام بالأجيال الفلسطينية الشابة وتأطيرها، لم يعد لهذا النشيد ذلك السحر والتأثير في النفوس.

أما نشيد دولة الإحتلال، المُسمى " الهاتيكفاه " ويعني الأمل، كتبه ( نفتالي هيرتس إيمير ) ، ولحنه ( صموئيل كوهين )، فهو يُعبر في لحنه وكلماته ، عن مرثية جنائزية إسطورية، تقوم - كالعادة - على تزييف الحقائق والتاريخ:

 "طالما كان في القلب داخلنا

روح يهودية ما زالت تتحرق شوقا

وما دام صوب نهاية الشرق

عينُ ما زالت تتطلع صوب صهيون

فأملنا لم ينتهي بعد

أمل الألفي عام

أن نُصبح أحرارا في وطننا

أرض صهيون وأورشليم "

 

لكي لا تتحول أناشيدنا لمرثية جنائزية أخرى ، على الحركة الوطنية ، بُمختلف إتجاهاتها، أن تُعيد حساباتها ، وصياغة علاقاتها التحالفية على أسس جديدة، لتوفير الظروف المناسبة، لإستنهاض طاقات الشعب الفلسطيني، في كل أماكن تواجده ، على أساس مشروع وطني مُقاوم ، يعيد كفاح هذا الشعب إلى جوهره: أنه صراع وجود وليس صراع حدود.

إن الإستفراد بالشعب الفلسطيني وتهميشه ، لم يعد سياسة إسرائيلية أو أمريكية  فقط ، بل سياسة عامة ، لا  يُستثنى منها بعض دول المحيط العربي المنخرطة حتى الركبتين في تنفيذ تعليمات " العم سام " .

لم يعد أمام الإحتلال  الإسرائيلي عوائق لفرض مزيد من الهيمنة والتوسع الكولينيالي، سوى ما تبقى من مقاومة، بمختلف أشكالها.

ويجب تطوير إستراتيجية مواجهة جديدة. فلم تعد كل قرارات المجالس الوطنية والمركزية الفلسطينية ، ولا قرارات اللجنة التنفيذية، ولا بيانات الحوار الوطني التي لا تُطبق، أو المناكفات وتبادل الإتهامات، تعني للشعب الفسطيني سوى مزيد من الألم. ولم يعد سقف الأمم المتحدة، ولا قراراتها، تحمي حقوق الشعب في الحرية والإستقلال والدولة المستقلة.

تتطلب الحالة الفلسطينية الراهنة ، إعادة الإعتبار للشعب ، لكفاحه ، لقضيته الوطنية ، لمشروعه الوطني، لمؤسساته المُغيبة، وإيجاد ميكانيزمات جديدة  للمواجهة والصمود ، تقوم أولا على أوسع مشاركة شعبية منظمة.

 هذه هي العقلانية الحقيقية والموضوعية في ظل هذه المرحلة التاريخية من نضال الشعب الفلسطيني ، الذي لا يُمكنه التأثير على موازين القوى، ولا مصالح الدول المختلفة.

 لا بديل عن الوحدة الوطنية والإحتماء بالشعب وقواه الحية. الشعب الذي يؤمن بمشروع تحرري واضح  ( في كل أماكت تواجده ) هو وحده  القوة الدافعة الحقيقية لأي مشروع يُمكن أن يحافظ على الأرض والإنسان، ويمكن أن يرفد الحركة الوطنية بعناصر قوة ، هو المخزون الإستراتيجي ، لحركة وطنية " حالتها صعبة جدا "  ، هي في أمس الحاجة إليها الآن.

ألا يكفي الحصار الإسرائيلي ، لنستمر نحن في حصار أنفسنا وحجز طاقاتنا ؟.  إن تاريخ ومضمون النشيد الوطني ، يقدم مشروعا وطنيا مكتملا بأبعاده الوطنية والقومية والإنسانية، ما أحوجنا لإعادة الإعتبار لأنفسنا ومضمون نشيدنا الوطني.

نص النشيد الوطني الفلسطيني :

فدائي فدائي فدائي

يا أرضي يا أرض الجدود

فدائي فدائي فدائي

يا شعبي يا شعب الخلود

بعزمي وناري وبركان ثاري

وأشواق دمي لأرضي وداري

صعدت الجبال وخضت النضال

قهرت المحال حطمت القيود

فدائي فدائي فدائي

يا أرضي يا أرض الجدود

بعصف الرياح ونار السلاح

وإصرار شعبي لخوض الكفاح

فلسطين داري فلسطين ناري

فلسطين ثاري وأرض الصمود

فدائي فدائي فدائي

يا أرضي يا أرض الجدود

بحق القسم تحت ظل العلم

بأرضي وشعبي ونار الألم

سأحيا فدائي وأمضي فدائي

وأقضي فدائي إلى أن أعود

فدائي فدائي فدائي

يا أرضي يا أرض الجدود

 

كلمات نشيد موطني (شعر إبراهيم طوقان)

مَوطني الجلالُ والجمالُ

والسَّنـاءُ والبهـاءُ في رُبـاك

والحيــــــاةُ والنّجـــــــاةُ

والهـناءُ والرّجاءُ في هـواك

هل أراك

سالماً مُنعّـماً وغانماً مُكرّماً

هل أراك فـي عُلاك

تبلغُ السّماك

مَوطني

الشبابُ لن يكلَّ همُّهُ أن تستقـلَّ أو يبيد

نستقي من الرّدى ولن نكون للعـدى كالعبيد

لا نُريد

ذُلّنا المؤبّدا وعيشنا المُنكّدا

لا نُريد بل نُعيد

مجدنا التّليد

مَوطني

موطني الحسامُ واليراعُ

لا الكلامُ والنزاعُ رمزنا

مجدُنــــــا وعهدُنــــــــا

وواجبٌ إلى الوفا يهزُّنا

عِزُّنا

غايةٌ تُشرف

ورايةٌ تُرفرفُ

يا هَنَاك

في عُلاك

قاهراً عِداك

مَوطني